ومنذ أيام، أطلقت حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض أسر ضحايا الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران خلال الشهر الماضي، دعوات لإحياء أربعينية هؤلاء الضحايا، غداً الخميس، وسط تركيز إعلامي من قبل قنوات المعارضة الإيرانية بالخارج على هذا اليوم ودعوة الإيرانيين إلى التظاهر فيه.
واستبقت السلطات الإيرانية هذا اليوم بتدابير، منها فرض قيود على الإنترنت والوصول إلى المواقع وشبكات التواصل الأجنبية في محافظات بإيران. وعن هذا الإجراء، أفاد موقع "إيران أونلاين"، التابع لصحيفة "إيران"، بأنه "يبدو أن هذه القيود تعود إلى قرار مجلس أمن الدولة لمواجهة دعوات مناوئي الثورة (للاحتجاج) في السادس والعشرين من الشهر".
في حين أكد موقع "إيران أونلاين" أن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، في ردها على اتصال أجراه مراسله، لم تؤكد قطع الإنترنت عن أي مدينة إيرانية، إلا أن الموقع نقل في الوقت نفسه عن "مصدر مطلع" في إحدى شركات الهواتف المحمولة، أن الإنترنت مقطوع عن هذه الهواتف في ست محافظات إيرانية، هي أصفهان، وفارس، وخوزستان، وكرمانشاه وكردستان وألبرز، بالإضافة إلى أجزاء من غرب محافظة طهران.
كما أفاد الموقع بأنه وفقاً لتقارير ميدانية، فإن خدمة الإنترنت الـ4G السريعة أصبحت غير متوفرة في خمس محافظات، بينما خدمة الـ3G ذات السرعة الأقل بكثير ما زالت متاحة.
وفي سياق التدابير الاحترازية لمواجهة الدعوات للاحتجاج غداً في إيران، قامت السلطات باعتقال أقارب شاب يدعى بوريا بختياري، قتل خلال الاحتجاجات الأخيرة على خلفية رفع أسعار البنزين في مدينة كرج، غرب طهران، لإصرار العائلة على إحياء مراسم الأربعين لابنها، بحسب شبكات التواصل، ورفضها طلب السلطات إلغاء الحفل، خشية أن يتسبب باضطرابات أمنية. وكان والد هذا الشاب، منوجهر بختياري، قد أطلق دعوة على "تويتر"، دعا من خلالها الناس إلى المشاركة في الذكرى الأربعين لمقتل ابنه.
من جهتها، أكدت وكالة "مهر" الإيرانية نبأ الاعتقال نقلاً عن "مصدر مطلع"، أشار إلى أن اعتقال أقارب هذا الشاب جاء "حفاظاً على الأمن العام وللحيلولة دون استمرار مشروع أحداث القتل والتصرفات المسلحة ضد الشعب"، متهماً أسرة المقتول بـ"الإصرار على تصرفاتها المخلة بالنظام والعمل بمقتضى مشروع مناهضي الثورة والمفلسين الهاربين"، بحسب قوله.
من جهتها، أعلنت المواطنة الإيرانية شهناز أكملي، التي قتل ابنها خلال الاحتجاجات، عبر حسابها على "إنستغرام"، أنها تسحب دعوتها لتنظيم مراسم الأربعين لضحايا الاحتجاجات، مشيرة إلى أنها "ملغاة"، عازية السبب إلى طلب السلطات الأمنية والقضائية.
وتأتي الدعوات لإحياء الذكرى الأربعين لقتلى الاحتجاجات الأخيرة والتدابير الرسمية لإحباطها، وسط اتهامات لجهات خارجية بالوقوف وراءها، في وقت ما زال فيه الجدل قائما ومستمرا بشأن أعداد هؤلاء القتلى، والطريقة التي قلتوا بها، حيث تتهم السلطات الإيرانية أن "مثيري الشغب ومندسين" قاموا بإطلاق النار على المحتجين وآخرين لم يشاركوا في الاحتجاجات، إلا أن منظمات حقوقية، مثل منظمة "العفو" الدولية، ترفض ذلك، متهمة قوات الأمن والشرطة بإطلاق الرصاص صوب المحتجين.
أما بالنسبة لأعداد القتلى، أيضاً، فلم تعلن السلطات الإيرانية بعد أرقاماً رسمية، لكن "العفو" الدولية في آخر تقرير لها نشرته في وقت سابق من هذا الشهر، أشارت إلى أنهم 304 قتلى، ووكالة "رويترز" من جهتها، نقلت، أول من أمس الإثنين، أن حوالي 1500 شخص سقطوا قتلى خلال الاحتجاجات.
وذكرت الوكالة أنها حصلت على هذه المعلومات من خلال ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية، لكن السلطات الإيرانية نفت صحة تقريرها، متهمة إياها بـ"الكذب والافتراء". وفي آخر رد فعل على أرقام القتلى التي نشرتها "رويترز"، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، اليوم الأربعاء، أنها "مبالغ فيها كثيراً"، قائلاً "إنني أنفي صحتها"، مع التأكيد على أنه "سيتم الإعلان عنها".
كما نقلت وكالة "فارس" الإيرانية، اليوم، عن "مصدر مسؤول" أن "الأرقام النهائية ستعلن قريبا بعد الانتهاء من التحقيقات من قبل السلطات المعنية".
يشار إلى أنه بعد قرار المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الإيراني برفع أسعار البنزين بنسبة 3 أضعاف فجأة، بدأت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني احتجاجات واسعة في إيران، بأكثر من 100 مدينة في 29 محافظة من أصل 31 للتنديد بالقرار، تخللتها عمليات تخريب واسعة، عزتها السلطات الإيرانية إلى "مثيري الشغب والمناهضين للثورة".