كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على ترتيبات الملف الليبي، أن مؤشرات الحل السياسي للأزمة باتت أقرب من أي وقت مضى. وأكدت المصادر استحالة الحسم العسكري للأزمة، مشيرة إلى أن مسؤولين مصريين رفيعي المستوى حمّلوا نظراءهم في دولة الإمارات مسؤولية التدهور الذي شهدته الأزمة بشكل سلبي لمعسكر الشرق الليبي. وأوضحت المصادر أن مكمن الخلاف كان يتمثل في رفض القاهرة للتحرك العسكري للواء المتقاعد خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس في إبريل/ نيسان الماضي، إذ أبلغه المسؤولون المصريون وقتها، بعدم تأييد ودعم نواياه، قبل أن يتجه بعدها إلى المسؤولين في أبوظبي ويقنعهم بذلك، لتجد القاهرة نفسها مضطرة، بناء على اتفاق مع الحليف الإماراتي، لدعمه. وقالت المصادر إن مصر هي الخاسر الأكبر مما يجري في الوقت الراهن في ليبيا بحال أرسلت تركيا قوات عسكرية إلى هناك.
وأشارت إلى أن الحديث عن حل سياسي شامل للأزمة في الوقت الراهن مستبعد، ولكن المقصود بالحل السياسي حالياً هو حل يفض الاشتباك نحو العاصمة، لافتة إلى أن الصيغة الأقرب هنا ستكون بعودة حفتر إلى مناطقه قبل إبريل الماضي. وشدّدت المصادر على أن مصر لن تكون ضد تلك الرؤية، خصوصاً أنها كانت مرحبة بها قبل إبريل الماضي، لأن كل ما كان يعني المسؤولين في القاهرة، مرحلياً، وبدرجة عالية، هو القضاء على ما تصفه الدوائر الأمنية القريبة من الرئيس عبد الفتاح السيسي "بالبؤر التي تضم جماعات دينية في كل من بنغازي ودرنة" لإبعادها بأكبر قدر ممكن عن حدودها الغربية.
وأوضحت المصادر أن فكرة الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الجامعة العربية، لم تكن مصرية بالأساس، وإنما هي إماراتية ولكن طُلب من القاهرة التقدم بالطلب باعتبارها صاحب مصلحة مباشرة. وأضافت "للأسف نتائج الاجتماع جاءت عكسية تماماً، إذ أضفت مزيداً من الشرعية على حكومة فائز السراج"، بعدما أكد القرار العربي الصادر عن الجلسة التمسك باتفاق الصخيرات الذي لا يعطي أي شرعية لحفتر.
وكشفت المصادر عن رسائل غير معلنة، وغير مباشرة، لتركيا بعثت بها القاهرة عبر القوى الأوروبية المعنية بالأزمة الليبية، باستعدادها لإقناع حفتر بالتراجع عن العاصمة طرابلس، شرط عدم إرسال قوات إلى ليبيا لمنع مزيد من التأزُّم في المشهد. وأكدت المصادر حدوث تواصل غير مباشر بين الطرفين، ببعث القاهرة رسائل ضمنية من شأنها تخفيف حدة التوتر، من دون أن توضح المصادر ما إذا كانت بتنسيق مع الإمارات أو تحركاً فردياً.
وكان السيسي قد ترأس اجتماعاً رفيع المستوى للنقاش حول قضيتي ليبيا وسد النهضة وانعكاساتهما على الأمن القومي المصري. وحضر الاجتماع كل من رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، ووزير الخارجية سامح شكري، ووزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، ومدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الاجتماع تناول عدداً من المواضيع بشأن آخر المستجدات على صعيد التدابير والإجراءات الجاري اتخاذها لمكافحة الإرهاب في إطار حماية حدود الدولة وتأمينها، بالإضافة إلى عدد من الملفات الخارجية في سياق التحديات التي تهدد أمن المنطقة، وسبل مواجهتها بما يحفظ الأمن القومي. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وقّع مذكرتي تفاهم مع حكومة فائز السراج، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشأن التعاون الأمني وترسيم الحدود. وتسمح مذكرة التفاهم العسكري لتركيا بتقديم الدعم العسكري على مختلف أنواعه للحكومة الليبية في حال طلبت ذلك. ونصت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية على إقامة منطقة اقتصادية خالصة تمتد من الساحل الجنوبي لتركيا وحتى الشمال الشرقي من ليبيا على البحر الأبيض المتوسط.