لقاء نتنياهو أوربان: ما وراء التقارب الهنغاري الإسرائيلي

صالح النعامي

avata
صالح النعامي
19 يوليو 2018
05B09D70-C5B0-465D-95CE-E774C0251CC3
+ الخط -

دلّت التصريحات التي أدلى بها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونظيره الهنغاري فيكتور أوربان، في المؤتمر الصحافي الذي عقداه اليوم الخميس بعد اجتماعهما في القدس المحتلة، على طابع رهانات تل أبيب على الاستثمار في تطوير العلاقات مع حكومات اليمين المتطرف في أوروبا، وعلى وجه الخصوص في أوروبا الشرقية. 

في الوقت ذاته، فإن الاستقبال الحافل الذي حظي به في إسرائيل أوربان، المثير للجدل، والذي توجه له انتقادات حادة في أوروبا والعالم بسبب سياسات حكومته تجاه المهاجرين ونزوعه نحو إصدار تشريعات لتقليص هامش المناورة أمام المعارضة وقوى المجتمع المدني في بلاده؛ يشي بالتقارب في تبني توجهات فاشية معادية للآخر والممارسة الديمقراطية. 

واستقبل نتنياهو أوربان بعد ساعات على تمرير مشروع "قانون القومية" الذي يؤسس لإصدار المزيد من القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل وفي الأراضي المحتلة عام 1967. 

وإلى جانب ذلك، فإنه يتضح من خلال التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في المؤتمر الصحافي أن حرص إسرائيل على تطوير علاقاتها تحديدا مع حكومات اليمين المتطرف في أوروبا يأتي، ضمن أمور أخرى، من أجل تحسين مكانة إسرائيل الدولية؛ حيث شكر حكومات الدول التي تنتظم في منظمة "فيسغراد"، التي تضم هنغاريا، بولندا، سلوفاكيا، المجر، والتشيك، لدعمها إسرائيل في المحافل الدولية، وتصويتها بشكل تلقائي لصالحها.

وقد حرص أوربان على طمأنة نتنياهو إلى أن حكومته لن تواصل فقط دعم إسرائيل في المحافل الدولية، بل إنها ستصمم مواقفها من الدول والمنظمات الدولية من خلال تقييم تعاطي هذه المنظمات مع إسرائيل، حيث التزم بأن حكومته ستعزز علاقاتها مع الدول والمنظمات التي "تتعامل بنزاهة" مع إسرائيل. 

وأشار نتنياهو، بشكل خاص، إلى أهم المسوغات التي تدعو إسرائيل وحكومات اليمين المتطرف للتقارب والتعاون، وهو مواجهة "الإسلام المتطرف"، وهو المصطلح الذي تطلقه نخب اليمين الحاكم في تل أبيب على كل الدول والمنظمات والحركات الإسلامية والعربية التي تتصدى لسياسات إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته. فنتنياهو لم يتردد في وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه أحد "غلاة الإسلام الراديكالي" لمجرد أن الأخير انتقد الاعتداءات التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وهاجم سياساتها تجاه القدس المحتلة.

ويبرز الودّ الذي يربط نتنياهو بأوربان ازدواجية المعايير التي تتبناها إسرائيل في علاقاتها الدولية.

فإسرائيل التي تدعي أنها تصمم علاقاتها بالدول الأخرى من خلال تقييم تعاطي هذه الدول مع الجاليات اليهودية التي تعيش فيها، لا تتردد في تعزيز علاقتها مع أوربان الذي تتهمه الجالية اليهودية في هنغاريا والكثير من النخب السياسية الإسرائيلية بتبني مواقف معادية لليهود. 

وحرص أوربان على إصدار تشريعات لتقييد أنشطة الملياردير اليهودي الهنغاري جورج سوروس لدعمه حركات هنغارية ذات توجهات ليبرالية. ومما يعكس الانتقائية التي تتعامل بها إسرائيل، حقيقة أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو يسعى لتعزيز علاقاته بحزب الحرية في النمسا الذي يتزعمه كريستيان شتراسه، على الرغم من أن هذا الحزب تبنى توجهات معادية لليهود بشكل صريح.

ودافع النائب الليكودي، الحاخام يهودا غليك، الذي يعد أبرز المطالبين بتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه، عن زيارته للنمسا مؤخرا ولقائه مع شتراسه، الذي يشغل حاليا منصب وزير الخارجية، بالقول إن تطوير العلاقة مع الحزب النمساوي المتطرف مهم لتعزيز قدرة إسرائيل على تحقيق مصالحها، سيما مواجهة "الإسلام المتطرف".

من ناحيته، فإن أوربان، الذي حاول درء التهم التي توجه له في إسرائيل، بسبب مواقفه السابقة التي عكست توجهات "معادية للسامية"، عمد إلى المزايدة على أوروبا الغربية، حيث خرج عن طوره وهو يحاول التأكيد على توجهاته الإيجابية إزاء اليهود، وموقفه المساند لإسرائيل، من خلال توجيه انتقادات للحكومات في أوروبا الغربية التي تسمح بمهاجمة إسرائيل، معتبرا أن هذا السلوك يمثل "معادة للسامية".

 

دلالات

ذات صلة

الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة
علما إسرائيل والإمارات في مبنى القنصلية الإسرائيلية بدبي، يونيو 2021 (كريم صاحب/فرانس برس)

سياسة

اندلعت أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، بسبب 100 كيلوغرام من التمور مع نوى، والتي وصفتها أبوظبي بأنها "صدع" حقيقي.
الصورة
طائرة مسيّرة تحمل علم حزب الله 21- 5-2023 (أنور عمرو/ فرانس برس)

سياسة

مما يستدلّ به على العجز الإسرائيلي إزاء الجبهة الشمالية، هو ما سرّب عن مصدر بالجيش للإعلام، تعقيباً على الاختراق الذي حققته مسيّرة حزب الله في حيفا.
الصورة
بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من النصيرات في غزة، 9 يونيو 2024 (خميس الريفي/ فرانس برس)

منوعات

رفضت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الادعاءات "غير الواقعية" في الإعلانات الإسرائيلية التي تستهدفها على محرك البحث غوغل.
المساهمون