شهادة البرادعي: توريط السيسي.. وعلامات استفهام حول توقيتها

01 نوفمبر 2016
ذهب بعضهم لاعتبار البيان تحركاً ضد تصرفات النظام الحالي(Getty)
+ الخط -
لم يكشف نائب رئيس الجمهورية المصري السابق، الدكتور محمد البرادعي، كافة كواليس المرحلة الانتقالية عقب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو/تمّوز، ببيان توضيحي بشأن عمله في الفترة التي تلت الانقلاب العسكري.

البرادعي نشر، اليوم الثلاثاء، شهادته عن بعض كواليس الفترة التي قضاها داخل أروقة السلطة كنائب للرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، منذ اجتماع 3 يوليو 2013، حين عُزل مرسي وحتى فض اعتصامات أنصاره في أغسطس/آب من نفس العام.

وتؤكّد شهادته، والتي جاءت في صورة بيان مطول عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، وجود نية مبيَّتة لدى المؤسسة العسكرية للانقلاب العسكري، وذلك ما يتضح باحتجاز مرسي قبل اجتماع 3 يوليو وإعلان خارطة الطريق، فضلاً عن القفز على كل محاولات فض اعتصامات أنصار مرسي دون استخدام القوة، رغم وجود مساعٍ مبشِّرة.

وقال إنّه "عندما دعت القوات المسلحة ممثلي كافة القوى السياسية إلى اجتماع 3 يوليو، كان المفهوم أنه اجتماع لبحث الوضع المتفجر على الأرض، وعندما فوجئت في بداية الاجتماع بأن رئيس الجمهورية كان قد تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة من دون أي علم مسبق للقوى الوطنية، وهو الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة رئيس حزب الحرية والعدالة في الاجتماع، أصبحت الخيارات المتاحة محدودة تماماً وبالطبع لم يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة".

وأضاف في جزء آخر في بيانه، "للأسف، وبالرغم من التوصل إلى تقدم ملموس نحو فض الاحتقان بأسلوب الحوار، والذي استمر حتى يوم 13 أغسطس/آب، فقد أخذت الأمور منحى آخر تماماً بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات، وهو الأمر الذي كنت قد اعترضتُ عليه قطعيّاً في داخل مجلس الدفاع الوطني، ليس فقط لأسباب أخلاقية وإنما كذلك لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها، كان يمكن أن تنقذ البلاد من الانجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام".

وثارت حالة من الجدل حول توقيت إصدار البرادعي مثل هذا البيان، خاصةً مع عدم وجود هجوم إعلامي عليه من قبل أذرع النظام الحالي، كما حدث في مرات سابقة، واتهامه بالتآمر والخيانة بعد تقديم استقالته من منصبه عقب فض اعتصامات أنصار مرسي.

وقالت مصادر سياسية كانت حاضرة لاجتماع 3 يوليو، إنّ حديث البرادعي حول عدم الكشف المسبق عن طبيعة الاجتماع الذي تمت الدعوة إليه من قبل المؤسسة العسكرية، صحيح.

وذكرت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ الاجتماع لم يكن يعلم تفاصيله أغلب القوى السياسية المدعوة إليه، خاصة في ما يتعلق باحتجاز مرسي في مقر للحرس الجمهوري، مضيفةً أنّ أجندة الاجتماع كانت معدة مسبقاً وفُرضت على الحاضرين، من دون معرفة ما إذا تم الاتفاق مع قيادات جبهة اﻹنقاذ حول عملية عزل مرسي أم لا، ولكن كان المعروف أنه سيتم التباحث حول الخروج من المأزق حينها.

وأكّدت المصادر ذاتها أنّ القوات المسلحة كانت قد فرضت سيطرتها على الدولة، فلم يكن هناك مفر من قبول خارطة الطريق، خاصة مع موافقة عدد من الحضور عليه، وبالتالي قطع الطريق على أي آراء معارضة، وحينها لم يكن يجرؤ فصيل على رفض خارطة الطريق، لافتةً إلى أنّ البرادعي لم يعترض على خارطة الطريق، ولكنه وافق عليها، فمحاولات تبرئة ساحته من عزل مرسي في غير محلها عقب مرور ما يزيد عن ثلاث سنوات.  

بدوره، اعتبر الخبير السياسي، محمد عز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ دلالة توقيت إصدار البرادعي بيانه، غير واضحة، خاصة مع عدم وجود حملة إعلامية عليه حالياً.

ولفت عز إلى أنّه ربما يكون هناك أمور تدور في الكواليس لا يعلمها أحد سوى البرادعي والسلطة الحالية، ولكن ثمة ما طرأ استدعى خروج هذا البيان الذي يورّط المؤسسة العسكرية.


وبيّن أنّ البرادعي امتنع في مرات سابقة عقب هجوم شديد عليه، عن الحديث حول كواليس ما دار في الغرف المغلقة، واكتفى بإرسال رسائل حول ضرورة وقف الهجوم عليه، منعاً للحديث حول المرحلة الانتقالية.

وأشار إلى أنه ربما تكون قد وصلت للبرادعي رسائل من مقربين من النظام الحالي، بضرورة وقف أي انتقادات للنظام الحالي والسيسي شخصياً، وهو ما دفعه للحديث عن هذه التفاصيل.

كذلك ذهب خبير سياسي في مركز اﻷهرام، إلى أنّ البرادعي ما كان ليخرج بهذا البيان من دون أن يكون الهدف تحركاً مضاداً على بعض تصرفات النظام الحالي، قائلاً إنّه ربما يكون للبرادعي دور في مبادرات صناعة البديل للرئاسة في الانتخابات المقبلة في 2018.

ورأى الخبير، لـ"العربي الجديد"، أنّ النظام ربما أرسل رسائل إلى البرادعي حول عدم التفكير في محاولة ملء الفراغ السياسي، أو الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وكان هذا رده.

وشدد على أنّ ما جاء في بيان البرادعي ليس بجديد كله، ولكن أنّ تخرج هذه الشهادة منه فهنا هو التأثير الكبير، باعتباره ليس حاضراً فقط لاجتماع 3 يوليو، ولكن كان نائباً للرئيس المؤقت، عدلي منصور، وكان يضطلع بدور الوساطة لحل اﻷزمة دون إراقة مزيد من الدماء.