المعارضة تثبّت مواقعها جنوبي حلب... وتُفشل محاولات النظام للتقدُّم

14 اغسطس 2016
هجمات كثيفة للطيران السوري والروسي على إدلب وحلب(فراس فحام/الأناضول)
+ الخط -
تتواصل المعارك اليومية الدائرة منذ نحو أسبوعٍ في المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة السورية المسلحة جنوبي حلب أخيراً، فيما استأنف الطيران الحربي الروسي والطيران التابع للنظام، أمس السبت، هجماته الكثيفة، مستهدفاً مناطق سكنية تسيطر عليها المعارضة في محافظتي حلب وإدلب، مُسقطاً ضحايا جدد من المدنيين.
فمنذ صباح أمس السبت، عاودت الطائرات الحربية قصفها لمناطق واسعة في حلب، إذ أفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأن إحدى الغارات، أدت لمقتل خمسة مدنيين وجرح عدد آخر، في منطقة شاميكو بريف المدينة الغربي، بينما سقط جرحى آخرون، بقصف مروحيات النظام بالبراميل، لحي مساكن هنانو شرقي المدينة. كما أن هذه الهجمات، طاولت أمس، بلدات الأتارب ودارة عزة والجينة في الريف الغربي، فيما تعرضت مناطق أخرى بالريف الجنوبي لضربات جوية مماثلة.

يأتي ذلك مع استمرار المواجهات اليومية المتواصلة منذ نحو أسبوع، على المحاور التي تقدّمت فيها فصائل المعارضة المسلحة منذ مطلع هذا الشهر، عندما أطلقت معركة واسعة سيطرت خلالها على تلالٍ ونقاطٍ عسكرية للنظام والمليشيات التي تسانده جنوبي حلب، قبل أن تُحقق السبت الماضي، هدف المعركة المتمثّل في فتح طريق للأحياء الشرقية المحاصرة، وذلك بعد سيطرتها على تجمّع الكليات العسكرية في الراموسة وأبرزها مدرسة المدفعية.
وعلى الرغم من تواصل المعارك في منطقة الراموسة التي يمر عبرها الطريق الذي كسر حصار النظام لأحياء حلب الشرقية، فإن المعارضة استطاعت الجمعة، إدخال قافلة مساعدات غذائية جديدة لمناطق سيطرتها شرقي حلب، لكن هذه الطريق بحسب مصادر عسكرية في المعارضة السورية، لا زال غير آمنٍ لنقل كميات أكبر من المساعدات، كونه بحكم المرصود نارياً، من قِبل النقاط العسكرية التي تسيطر عليها قوات النظام في المنطقة.
وعلى الرغم من تواصل الاشتباكات، خصوصاً على محاور منطقة الراموسة وتلة الجمعيات جنوبي حلب، بين قوات النظام والمليشيات المساندة لها من جهة، مع فصائل "جيش الفتح" وغرفة عمليات "فتح حلب" من جهة أخرى، فإن وتيرة المعارك (التي كانت طاحنة قبل أسبوع) انخفضت نسبياً، مع محاولة فصائل المعارضة تمكين سيطرتها وتمترسها في المناطق التي سيطرت عليها أخيراً، فيما تواصل قوات النظام محاولاتها لاسترجاع بعض المواقع الاستراتيجية التي كانت خسرتها.

ويُرجع رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، سبب تقلّص جبهات المعارك أخيراً في حلب، إلى أن "كل معركة يتم تقسيمها إلى مراحل، والمراحل الثلاث في معركة حلب، التي انتهت قبل أسبوع، نجحت بشكل كامل"، مشيراً إلى أن "الفصائل تعمل الآن على تثبيت نقاط سيطرتها الجديدة عبر تحصينها". ويقول بري في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل العسكرية لم تدفع بعد بكامل القوات التي أعدتها لمعركة حلب"، مؤكداً أنها الآن في مرحلة "رد هجمات النظام جنوبي حلب، فأمس الأول شن النظام هجوم عنيف على محاور تلة الجمعيات والكازية العسكرية والكراجات في الراموسة، كما تحركت أمس بعض قواته من خلف سواترها قرب الراموسة، لكن كل محاولات النظام للتقدّم انتهت بالفشل حتى الآن". ويعتبر أن "غارات النظام على المناطق المدنية، دليل على عجزه في جبهات القتال، ومحاولة منه لكسر الإرادة الشعبية الداعمة للثورة".


وفي سياق غارات الطيران الحربي شمالي سورية، تجددت هذه الهجمات الجوية أمس، على مناطق واسعة محافظة إدلب، التي تتعرض منذ أيام، لسلسة غاراتٍ عنيفة، أسقطت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وحتى عصر أمس، استهدف القصف الجوي، أحياء مختلفة في مركز المحافظة، إذ أكد الناشط الإعلامي بلال عمران لـ"العربي الجديد"، بأن إحدى هذه الغارات، والتي استهدفت المنطقة الصناعية في مدينة إدلب، أدت إلى مقتل ستة مدنيين وإصابة عدد كبير من المتواجدين هناك بجروح، فضلاً عن الدمار الواسع الذي لحق بالمكان المستهدف. كما سقط جرحى آخرون في مدينة إدلب، إثر ثلاث غارات بصواريخ فراغية استهدفت محيط المجمع الاستهلاكي وسوق الخضار هناك، وبحسب ما أكدت مصادر في المحافظة لـ"العربي الجديد"، فقد طاول القصف الجوي يوم أمس، مناطق تفتناز، الأطراف الشمالية لمدينة سراقب، قرية معراتة في جبل الزاوية، معارة النعسان وطلحية ورام حمدان وكفرتخاريم شمالي المحافظة، وخان شيخون جنوبها. وكان يوم أمس الأول قد شهد مقتل ثلاثة وعشرين مدنياً وإصابة العشرات، في قصف جوي نفّذته طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي وأخرى للنظام السوري، على مناطق مختلفة في محافظة إدلب.

على صعيد التطورات الميدانية وسط سورية، أكد المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي" محمد السباعي لـ"العربي الجديد"، سقوط جرحى في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، إثر قصفٍ لقوات النظام براجمات الصواريخ، استهدف وسط المدينة يوم أمس.
في غضون ذلك، أسقطت قوات المعارضة طائرة استطلاع لقوات النظام شمالي حمص. وقالت "الجبهة الإسلامية" في حسابها الرسمي على "تويتر"، إن "مقاتلي حركة أحرار الشام الإسلامية، أسقطوا طائرة استطلاع تابعة لمليشيات الأسد على جبهات كيسين في ريف حمص"، في حين أكد ناشطون أن الطائرة أُسقطت بفعل المضادات الأرضية.
أما في ريف العاصمة دمشق، فقد تواصلت المواجهات بين قوات النظام وفصائل المعارضة على أطراف منطقة المرج وسط الغوطة الشرقية، إذ أفشل مقاتلو "جيش الإسلام"، محاولة تقدّم جديدة لقوات النظام هناك، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الأخيرة. وقال المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام"، إسلام علوش، لـ"العربي الجديد"، إن "مقاتلي الجيش تصدّوا لمحاولة قوات نظام بشار الأسد التقدّم على تلة فرزات، وقتلوا عدداً من العناصر الذين حاولوا التقدّم في المعركة التي استمرت ساعات". وأضاف علوش أن "لواء المدفعية والصواريخ دمر كذلك أحد المواقع التي تتحصن بها قوات الأسد على الأوتوستراد الدولي دمشق-حمص".

المساهمون