الانتخابات الباكستانية: رص صفوف لمواجهة النتائج

27 يوليو 2018
الترقب سيد الموقف قبل استكمال إعلان النتائج(عامر قريشي/فرانس برس)
+ الخط -



في وقت يحتفل أنصار حركة الإنصاف الباكستانية بقيادة لاعب الكريكت السابق عمران خان، بفوز الحزب في الانتخابات التشريعية الباكستانية التي جرت يوم الأربعاء الماضي، تستعد الأحزاب السياسية لاجتماع مهم اليوم الجمعة والذي دعا إليه التحالف الديني مجلس العمل الموحّد، بغية وضع استراتيجية موحدة لكل من يشكك في نزاهة الانتخابات، وإلقاء تهم التزوير على حركة الإنصاف. وبدأت الأحزاب بالحديث خلال عملية الاقتراع عن خروق في العملية، كإخراج مندوبيها من مراكز الاقتراع وعدم السماح للمرشحين ومندوبيهم بالحضور إلى مراكز الاقتراع، وفقدان الأوراق وغيرها. ومع بدء عملية فرز الأصوات، تعالت الأصوات بعد فقدان أوراق النتائج وملئها خارج المراكز، في غياب المندوبين وإغلاق مراكز الاقتراع في بعض الأحيان، كما ادّعت تلك الأحزاب. وفي حين تحدثت الأحزاب عن هذه الخروق بدأت النتائج بالتأخر، بل توقفت في فترة ما.

التأخر في النتائج والذي بررته لجنة الانتخابات بأنه "عائد إلى أمور تقنية وبسبب عطل في نظام الحساب"، غذّى التهم والشكوك، فادّعت الأحزاب كلها تقريباً، عدا حزب عمران خان، بأن "كل ذلك حصل لأجل التلاعب والتزوير لمصلحة حزب محدد".

بدورها، رفضت لجنة الانتخابات تلك الطعون وطلبت من الأحزاب اتباع طرق قانونية وتقديم أدلة بشأن تلك الطعون كي تتخذ اللجنة إجراءات قانونية، رافضة أي نوع من التلاعب والتلفيق في نتائج الانتخابات. وقال رئيس اللجنة سردار رضا خان، في مؤتمر صحافي إن "عملية الانتخابات كانت نزيهة بكل المعنى ولم تحدث أي خروق، سوى التعطل التقني ونجم عنه التأخر في إعلان النتائج. كما أمرت اللجنة بإجراء تحقيق في القضية". ولكن الأحزاب السياسية شكّت في كل ما قالته لجنة الانتخابات. وذكرت المتحدثة باسم حزب الرابطة الإسلامية، جناح نواز شريف، وزيرة الإعلام السابقة، مريم أورنكزيب، أنه "لا ندري بالضبط ما يحدث داخل الغرف المغلقة. ولا شك في أنه تلاعب بنتائج الانتخابات لمصلحة جماعة واحدة"، متهمة المسؤولين بـ"إخراج مندوبيها من جميع مراكز الاقتراع المهمة".

جميع الأحزاب السياسية، بما فيها حزب الرابطة جناح نواز شريف، وحزب الشعب، بقيادة الرئيس السابق آصف علي زرداري، وحزب عوامي القومي الوطني، والحركة القومية المتحدة، وحركة لبيك يا رسول الله، وتحالف الأحزاب الدينية المسمى بمجلس العمل الموحد، رفضت نتائج الانتخابات. وأعرب قياديوها عن غضبهم الشديد حيال ما وصفوه بـ"التزوير غير المسبوق في تاريخ باكستان".



في هذا السياق، قال رئيس مجلس الشيوخ السابق رضا رباني، في مؤتمر صحافي في منزل زعيم حزب الشعب آصف زرداري، إنه "لن نقبل نتائج الانتخابات، إذ إن هناك تلاعباً كبيراً فيه". فيما قالت القيادية في الحزب نفسه، وزيرة الإعلام السابقة، شيري رحمن إن "الأمر قد يؤدي إلى إلغاء نتيجة الانتخابات بشكل كامل".

بدوره، قال زعيم حزب الرابطة شهباز شريف، إنه "لن نرضى بما حصل، إنها ضربة قوية للنظام الديمقراطي في البلاد"، مشيراً إلى أن "عملية الاقتراع أعادت البلاد إلى ما قبل 30 عاماً"، مشدداً على أن "هناك جهات عملت التزوير لمصلحة إحدى الجماعات"، في إشارة إلى المؤسستين العسكرية والقضائية.

ولكن لا يتوقع أن تكون تلك الأحزاب قادرة عن فعل شيء كبير بالنظر إلى الساحة السياسة وسطوة المؤسسة العسكرية وطبيعة الشعب. غير أن تحركاتها ستكون مؤثرة في ما تبقّى من النتائج، إن كان هناك تزوير بالفعل، وقد يحصلون في المستقبل على بعض الامتيازات من المؤسسة العسكرية والحكومة المقبلة. وتدرك المعارضة أن عملية إشراك مؤيديها في تظاهرات اعتراضية، ستُجبر لجنة الانتخابات والحكومة المؤقتة على التحقيق في القضية، وإلغاء نتائج بعض المقاعد، ومن ثم يتم الانتخاب على هذا الأساس، غير أنه ليس وارداً إلغاء نتائج كل العملية الانتخابية. مع العلم أن الأحزاب السياسية الكبيرة، كحزب الرابطة الإسلامية، جناح نواز شريف، وحزب الشعب، يواجه قياديوها ملفات قضائية وسيتم إحياء ملفات أخرى في حقهم. وقد يحصل في حقهم ما حصل في حق نواز شريف المعتقل في سجن أدياله بحكم قضائي. كما أن تلك الأحزاب تعرف جيداً أنه لدى أي توتر سياسي في البلاد سيلجأ الجيش إلى الاستيلاء على الحكم بصورة مباشرة وهذا ما لا ترضى به الأحزاب في أية حال.

وبعيداً من كل ما تتصوره الأحزاب السياسية وما تستعد له، يحتفل أنصار حركة الإنصاف بزعامة عمران خان بفوزه في الانتخابات، بينما قيادات الحزب مشغولة بترتيب الداخل والتباحث مع الأحزاب الصغيرة والمستقلين لتشكيل الحكومة في حال عدم الحصول على المقاعد الكافية في الجمعية الاتحادية وهي 137 مقعداً. كما تم تكليف لجنة من القياديين لمناقشة الأمور مع تلك الأحزاب والمستقلين. كذلك تم التباحث بشأن الحقائب الوزارية. ولكن ما هو معلوم هو أن خان سيكون مرشح الحزب لمنصب رئيس الوزراء، وهو سيشكل الحكومة إما لوحده في حالة حصول الحزب على 137 مقعداً، وإما بالشراكة مع الأحزاب السياسية الأخرى. وقد يحصل ذلك بانضمام بعض المستقلين إليه.

وبعد فرز تقريباً 50 في المائة من الأصوات، تقدمت حركة الإنصاف في 119 مقعداً في الجمعية الاتحادية، يليها حزب الرابطة، جناح نواز شريف بـ61 مقعداً. أما في المرتبة الثالثة فيحلّ حزب الشعب بـ40 مقعداً، أما المقاعد الأخرى فموزعة بين الأحزاب القومية والدينية وبين المستقلين. وبالنسبة للأقاليم فموزعة بين الأحزاب. فحزب خان حصل على الأغلبية في برلمان إقليم خيبربختونخوا، بينما حزب نواز شريف فحصل على الأغلبية في البنجاب، وفي السند حصل حزب الشعب على الأغلبية. أما الأقاليم الباقية فهي موزعة بين كل تلك الأحزاب.


المساهمون