مصر: رشاوى مبكرة لـ"الوطني" ورجال الأعمال للجولة الانتخابية الثانية

14 نوفمبر 2015
من الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية (الأناضول)
+ الخط -
مع اقتراب موعد المرحلة الثانية والأخيرة من انتخابات مجلس النواب المصري التي تجري في 13 محافظة يومَي 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، تنتشر ظاهرة الرشى الانتخابية بكثافة، وخصوصاً في المناطق العشوائية في محافظة القاهرة مثل منشأة ناصر، وحي الشرابية، والزواية الحمرا، وتل العقارب، والمواردي في السيدة زينب، ومنطقة "مثلث ماسبيرو" أبو العلا، وكفر العلو، وعزبة الوالدة في حلوان.

ويطلق بعض المرشحين الوعود المختلفة، وخصوصاً رجال الأعمال وفلول الحزب "الوطني" المنحلّ أثناء جولاتهم الانتخابية، مثل تعيين عدد من الخرّيجين، وتمليك أراضٍ زراعية لبعضهم، وتحويل العديد من المناطق العشوائية إلى مناطق راقية، وتوفير شقق في المحافظة لعدد من الأهالي كبديل عن شققهم التي صدر بحقها قرار إزالة. وعود وتصريحات يختلط فيها الكلام المعسول بإطلاق مسكّنات للأهالي، للتأثير عليهم والحصول على أصواتهم، والخروج إلى صناديق الانتخابات على عكس ما حصل في المرحلة الأولى.

تختلف قيمة الرشاوى من دائرة إلى أخرى، ومن مرشح إلى آخر، إذ انتشر المال والهدايا بأنواعها المختلفة، ووصل سعر الصوت في بعض المناطق إلى 50 جنيهاً (6 دولارات) ويصل في مناطق أخرى إلى 200 جنيه (25 دولاراً) تحت شعار "أبجني تجدني"، تعني أنّ من يدفع الرشوة يجد الخدمة.

هذا الرقم قابل للزيادة مع اقتراب موعد الانتخابات، إذ ينشط سماسرة الانتخابات للاتفاق على شراء الأصوات خصوصاً في أحياء القاهرة، فيما انتشرت سلال السلع الغذائية التي تحتوي على زيت وسكر وأرز وشاي وبقوليات وغيرها، بالإضافة إلى أكياس اللحوم، وتوزيع البطانيات وتقديم الأجهزة الكهربائية كهدايا خصوصاً للمقبلين على الزواج، فضلاً عن طبع كراسات وأقلام و"تي شرتات" تحمل اسم وصور المرشح لتوزيعها على الأهالي.

وعلى الرغم من تهديدات وزارة الأوقاف بمنع المساجد للدعاية الانتخابية، إلّا أنّ هناك رموزاً من رجال الأعمال وفلول الحزب "الوطني" المنحلّ استغلوا تلك المساجد في شبرا، أحد أحياء القاهرة، من خلال قيام عدد من الأئمة بالدعاء لمرشح معين مقابل هدايا مالية ومعنوية. وعندما رفض أحد المواطنين الأمر، ردّ الإمام، مطالباً الأهالي بالنزول للإدلاء بأصواتهم لكونه واجباً شرعياً، وأنّه لا يفضّل شخصاً على آخر.

وعلى الرغم من انتشار كل أنواع الرشى، فإن المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، يتوقع أن تكون نسبة المشاركة في المرحلة الثانية شبيهة بالمرحلة الأولى بنسبة تصل إلى 4 في المائة من عدد المقيدين في الجداول الانتخابية، نظراً لرفض عدد كبير، وخصوصاً الشباب، لتلك الانتخابات.

اقرأ أيضاً: الانتخابات المصرية.. اقتراع ضعيف وتجاوزات

ويشير المركز في تقرير له، صدر أخيراً، إلى أن انتشار الرشاوى في تلك المرحلة يفوق المرحلة السابقة، كمحاولة لنزول الأهالي لصناديق الاقتراع، معتبراً أن تسابق العشرات من أعضاء "الوطني" المنحل ورجال الأعمال إلى الفوز بمقعد البرلمان المقبل هو تكرار لبرلمانات الرئيس المخلوع حسني مبارك التي اتسمت باستغلال النواب الفائزين لعضويتهم في تحقيق مكاسب شخصية وصفقات فاسدة.

ويقول مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، إن انتشار الرشى لعبة سياسية نجح فيها من قبل رجال "الوطني" المنحلّ، مؤكداً أن ما يحدث جريمة يعاقب عليها القانون، ومشيراً إلى أن الكارثة تكمن في أن كل الرشاوى تتم على مرأى ومسمع من الجميع، وأن سيطرة رجال الأعمال وفلول "الوطني" على البرلمان المقبل سيعود بمصر إلى العهود السابقة، وكأن ثورة 25 يناير لم تكن.

ويضيف السفير في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بعض المرشحين خصوصاً في دوائر المناطق شعبية، يستغلون الظروف السيئة التي يمر بها سكان تلك المناطق، للعمل على شرائهم سواء بالمال أو الهدايا، وهذا دليل على ضعفهم، فضلاً عن عدم وجود برنامج انتخابي قوي أمام منافسيهم، وهو ما سيخلق برلماناً فاسداً لا يستطيع القيام بدوره، مطالباً بضرورة قيام المنظمات الدولية وممثلي الكيانات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية بفضح تلك الجرائم علناً أمام الجميع.

ويشدّد يسري على أنّ "الصوت الانتخابي أمانة"، معتبراً أن ما قام به الناخب المرشح من رشوة من الممكن أن يقوم هو بنفسه بعد وصوله إلى المقعد بالحصول على رشوة، ومؤكداً أنّ انتشار الرشاوى سواء في المرحلة الأولى أو الثانية، يُعرّض صاحبها للمحاكمة طبقاً للقانون والدستور.

اقرأ أيضاً مصر: انسحابات ورشاوى انتخابية قبل إغلاق باب التصويت

المساهمون