لبنان: تهدئة ومحاولات لخرق جمود مفاوضات تأليف الحكومة

17 سبتمبر 2018
احتمال تقديم الحريري مسودة معدلة قريباً (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -



أُشيع في الساعات الأخيرة جوٌّ من التهدئة في الداخل اللبناني بين أكثر من طرف، لعلّ أهمّها التهدئة بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، معطوفة على مساعي يحاول عبرها رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، تحقيق خرقٍ في جدار المراوحة على صعيد تأليف الحكومة، وإن كان الجو لا يوحي بقرب الانفراج.

وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن أكثر من طرف دخل على خط التهدئة بين "التيار" و"الاشتراكي"، وغيرهما من الأفرقاء، من أجل التركيز على مساعي تأليف الحكومة، وذلك خوفاً من تدهور الوضع في مرحلة حساسة يمر بها لبنان قد تؤدي إلى الانهيار، وتتطلب من المسؤولين التحلي بالمسؤولية، خصوصاً أن الخلافات الأخيرة بين "التيار" و"المستقبل" وبين "التيار" و"الاشتراكي" وصلت الى حد تهديد السلم الأهلي لما تضمنته من شحن طائفي ومذهبي.

وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، غرّد على حسابه عبر تويتر، معتبرًا أنّ "أفضل شيء هو التأمل بأحوال هذه الدنيا. إن الدخول في سجالات عقيمة لن يقدّم ولن يؤخر"، قبل أن يضيف في تغريدة ثانية: "مواضيع الكهرباء وتلوث المياه والنفايات وعجز الخزينة والبطالة وغيرها من شؤون المواطن أهم مما يفعله صهر من هنا أو منظر أو موتور من هناك".

وبعد تغريدة جنبلاط، صدر عن التيار الوطني الحر تعميم لقياديي ونواب ومسؤولي التيار طلب فيه "التوقف عن السجالات واعتماد التهدئة الإعلامية مع الحزب التقدمي الاشتراكي، إن كان عبر وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، فيما دعت أمانة السر العامة في الحزب التقدمي الاشتراكي جميع القيادات والمسؤولين والكوادر والأعضاء والمناصرين والأصدقاء لـ"الامتناع عن الدخول في أي سجالات سياسية أو إعلامية مع التيار الوطني الحر". 

وفي سياق متصل، وفيما كان لبنان متروكاً دولياً على مدار الأشهر المنصرمة، على الرغم من التعثر الحكومي، وحالة الانهيار التي تلوح في الأفق، وهي الحالة التي كانت تفرض تحركاً دولياً للدفع لتأليف الحكومة، برزت أول إشارة فرنسية عبر زيارة سفير فرنسا في لبنان، برونو فوشيه، إلى بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وتصريحه لدى مغادرته، الذي أكد فيه أن زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى بيروت ستتم في موعدها بين 11 و14 فبراير/ شباط المقبل.

وبانتظار زيارة الرئيس الفرنسي، يتوجه عون إلى نيويورك، حيث يلقي كلمة لبنان في 23 من الجاري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن يلتقي عدداً من رؤساء الدول، وسيكون الملف الحكومي حاضراً، خصوصاً أنه كان حاضراً أيضاً في ستراسبورغ الأسبوع الماضي، حيث ألقى عون كلمة في برلمان الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى التحرك الدولي النسبي، برز الوضع الاقتصادي كأولوية تفرض تسريع التأليف، خصوصاً مع اجتماع لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان، بحضور وزير المال علي حسن خليل. 

وأكد كنعان، في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، على "ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة لكي تتحمّل مسؤولياتها وتقر موازنة العام 2019، كما أن وضع الليرة مستقر، لكن هذا الأمر مشروط بمتابعة الإصلاحات وإدارة ماليتنا العامة بشكل متوافق مع الموازنة وإيراداتنا".

كل هذا الواقع أعاد الجميع إلى مربع ضرورة تأليف الحكومة، على الرغم من أن لا جديد حتى الساعة، منذ تسليم الحريري مسودته الأخيرة لعون، وما تلاها من سجالات عنيفة بين أكثر من فريق، فيما تقول مصادر "العربي الجديد" إن مساعي التهدئة الحالية، والحديث عن مخاوف جدية من الانهيار، قد تفرض تعاطياً مختلفاً من قبل الأفرقاء، وبالتالي قد تؤدي إلى حلحلة في الساعات المقبلة، تبقى مرتبطة أساساً بمدى جدية الأفرقاء، واستعدادهم للتنازل لمصلحة البلد.

وكشفت المصادر أن الحريري يعمل على بلورة بعض المخارج، لكنها لم تنضج بعد، استناداً إلى ما سمعه من عون، والرسائل المتبادلة، متوقعة إنْ صدقت النوايا التي أدت إلى التهدئة، أن يزور الحريري قريباً بعبدا لتقديم مسودة معدلة، تنال رضى الجميع.

وعلم "العربي الجديد" أن اتصالات التهدئة ضمت عدداً من السياسيين، لعل أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي ينقل عنه زواره مؤخراً قلقاً واضحاً من الوضع الاقتصادي الخطير، ودعوات مكررة للتسريع في تأليف الحكومة، والتنازل لمصلحة البلد.