من المتوقع أن يعلن رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، اليوم الخميس، تفاصيل تعديل واسع على حكومته هو الثالث له منذ تشكيل الحكومة في يونيو/ حزيران الماضي، بعد تعديلات واسعة في الديوان الملكي خلال الأيام الماضية، وتعيين اللواء أحمد حسني مديراً للمخابرات العامة خلفاً للواء عدنان الجندي الذي أحيل إلى التقاعد. ويرى مراقبون أن التعديل الحكومي يأتي كخطوة استباقية في محاولة من الرزاز لكسب الوقت، خصوصاً أن الحراك الأردني يتجه إلى تصعيد النشاطات الاحتجاجية، وسقف المطالب والنقد، الذي لم يعد مقتصراً على الحكومة، بل وصل إلى بعض الأجهزة الأمنية والديوان الملكي. وطلب الرزاز، أمس الأربعاء، من فريقه الوزاري تقديم استقالاتهم تمهيداً لإجراء التعديل على الحكومة. وقال إنّ "التعديل يأتي استحقاقاً لمقتضيات المرحلة المقبلة، التي تتطلّب بذل المزيد من الجهود بما يسهم بتجاوز التحدّيات، وإنجاز أولويات الحكومة وخططها"، شاكراً جميع الوزراء على جهودهم المبذولة خلال المرحلة الماضية. ومن المتوقع أن يشمل التعديل الوزاري بين 9 حقائب و11 حقيبة، ومنها إلغاء دمج بعض الوزارات، كفصل وزارة الزراعة عن البيئة، التي يتولاها إبراهيم الشحاحدة، وفصل وزارة الثقافة عن الشباب بطلب من الوزير الحالي محمد أبو رمان.
في المقابل، من المتوقع دخول رئيس ديوان التشريع والرأي نوفان العجارمة إلى الحكومة، خصوصاً أن مجلس الوزراء وافق على قبول استقالته من رئاسة الديوان. وكذلك من المتوقع دخول مدير عام هيئة الإعلام محمد قطيشات، الذي قدم استقالته أيضاً قبل أيام إلى الحكومة، فضلاً عن دخول الوزير السابق حازم قشوع.
وتراجعت ثقة الأردنيين بالرزاز وفريقه الوزاري، خلال الفترة الماضية، فوفق نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، بعد 200 يوم من تشكيل حكومة الرزاز، فقد أفاد 49 في المائة من المستجيبين بأن "الرزاز كان قادراً على تحّمل مسؤوليات المرحلة". أما بالنسبة للفريق الوزاري، فقد أفاد 30 في المائة من المُستفتين بأنه "كان قادراً على تحمل مسؤوليات المرحلة الماضية". وفيما يتعلق بتقييم قدرة الحكومة على معالجة المواضيع الرئيسية التي وردت في كتاب التكليف، فقد جاءت متدنية بمعدل 29 في المائة.
ويشهد الأردن ترقّبا حذرا بسبب حالة الغضب والاحتقان العام في البلاد، والتي تُرجمت في أكثر من تحرّك احتجاجي، في محاولة للضغط على السلطات لاتخاذ خطوات جدية باتجاه الإصلاح السياسي، وإيجاد حلول لأبرز المطالب، وأهمها قضية العاطلين من العمل، فضلاً عن إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية الأخرى، خصوصاً في ظلّ ارتفاع وتيرة الاحتجاجات والتحوّلات التي طرأت على طبيعتها، تحديداً بما يتعلّق بتصعيد لغة الخطاب النقدي الموجه للدولة ومؤسساتها. ومن المنتظر أن يعلن الحراك الأردني اليوم، في سياق تجمّعه الأسبوعي قرب الدوار الرابع (مقرّ الحكومة)، توجّه نشاطاته للفترة المقبلة، فيما إذا كان الاستمرار بالاحتجاجات سيكون يومياً، أو أسبوعياً كما هو حاصل حالياً.
بدوره، اعتبر الصحافي زياد الرباعي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التعديل الوزاري هو محاولة من الرزاز لإطالة عمر حكومته أكبر قدر ممكن، أي حتى نهاية الدورة الرابعة من عمر مجلس النواب الحالي، مع نهاية العام الحالي". ورأى أن "الرزاز يهدف من هذا التغيير إلى كسب الوقت، ومحاولة التأثير على الحراك الأردني، فاتخاذ موقف موحد من الحراك تجاه الحكومة يحتاج إلى معرفة الأسماء والخطة الحكومية المقبلة، ما يمنح مهلة إضافية للحكومة". واعتبر أن "مطالب الأردنيين تنصب على تغيير النهج لا تغيير الأسماء، وهذا يعني أن المطلوب هو آلية جديدة لاختيار رؤساء الحكومات وفريقهم الوزاري". وقال الرباعي إن "الحكومة في الأردن تمثل الرئيس، والحكومة الحالية ضعيفة ولا تمتلك الولاية العامة، كما أنها تخلو من الوزراء المؤثرين، وحتى الرجل القوي فيها نائب رئيس الوزراء، رجائي المعشر، يعمل في الظل".
وشهد الأردن خلال الأيام الماضية تغييرات واسعة في الديوان الملكي، مع تعيين اللواء أحمد حسني مديراً للمخابرات العامة خلفاً للواء عدنان الجندي الذي أحيل إلى التقاعد. وكان الرزاز، شكّل حكومته في 14 يونيو/ حزيران الماضي، خلفاً لحكومة هاني الملقي، التي قدمت استقالتها، على وقع احتجاجات واسعة وغير مسبوقة شهدتها العاصمة عمّان وعدد من مدن الأردن ومحافظاته على مدار أيام عدّة، رفضاً لمشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل، وسياسات الحكومة الاقتصادية. وسبق أن أجرى الرزاز تعديلين وزاريين، الأول في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتسلم 9 وزراء جدد حقائبهم الوزارية، ودمج 6 وزارات بعضها مع بعض، فيما أجرى في 22 يناير/كانون الثاني الماضي تعديلاً ثانيا محدوداً على التشكيلة، بهدف ملء الكراسي الوزارية الشاغرة، دخل بموجبه وزيران إلى التشكيلة.