أنصتوا لهذا الرجل

16 ابريل 2017
ضربت التظاهرات مثالاً في السلمية والرقي (فتحي نصري/فرانس برس)
+ الخط -

في زحمة الأخبار والاتهامات والمزايدات التي تعيشها تونس منذ أسابيع، مرّ هذا الخبر علينا جميعاً من دون وقفة متأنية أو انتباه يليق بمضمونه، الذي يبدو في الظاهر غريباً، لكنه يعكس في الوقت ذاته وعياً بما يحدقون بالبلد من مخاطر، وربما يحيل أيضاً إلى تغيرات لافتة في أهم منظمات البلد، الاتحاد العام التونسي للشغل.

يقول الخبر إن الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أكد، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أن "اللقاء الذي جمعه مع ممثلي صندوق النقد الدولي في مقر الاتحاد بالعاصمة حمل رسائل إيجابية لحلحلة الصعوبات حول تمويل الاقتصاد الوطني". وقال إن "الأمور باتت واضحة الآن، وكل البوادر تبشر بخير، إذ إن هناك تطوراً ملحوظاً بخصوص رأيهم". وأشار إلى أن ممثلي الصندوق قدموا وعوداً لتيسير صرف القرض!!! رئيس منظمة نقابية عريقة عُرفت بعدائها التاريخي لشروط هذه المنظمات التي أنهكت دولاً وركعت اقتصاداتها، يلتقي قادتها ويستبشر بمخرجات الاجتماع؟ لكن الطبوبي يفسر هذا الغموض الذي يبدو متناقضاً بالنسبة إلى كثيرين. ويشير إلى "أنه من المنطقي أن يفرض صندوق النقد الدولي شروطه على تونس، لأن موازين القوى الاقتصادية تفرض حاجتها لهذا القرض". وبين أنه "على الحكومة أن تراعي في الإصلاحات التي ستتخذها الأبعاد الاجتماعية لصندوق الدعم وعدم إدراجه في الإصلاحات الفورية". ويعود الطبوبي إلى أصل الداء، معتبراً أنه "آن الأوان كي تستفيق المجموعة الوطنية من غيبوبتها ونعمل على صنع ثروتنا بأيدينا".

فقد توقف التونسيون تقريباً عن العمل، وانصرفوا إلى السجال السياسي، تقودهم نخب فقدت صبرها في انتظار الانتخابات، ولا تخفي سعادتها بعجز الحكومة وتصاعد الاحتجاجات، التي ضربت في المناسبة مثالاً في السلمية والرقي، ورفضت كل توظيف حزبي وطردت أحزاباً من اجتماعاتها. لكن انحرافها ممكن، لذلك حذر الطبوبي مرة أخرى من توظيف التحركات والاحتجاجات الاجتماعية سياسياً، داعياً المحتجين إلى "الحذر من تسلل المهربين والإرهابيين ومن استغلال تحركاتهم ومطالبهم المشروعة"، مشيراً، في حوار صحافي، إلى أن "الاتحاد يساند ويدعم التحركات السلمية وكل المطالب المشروعة وحق الجهات في التنمية والتشغيل". ويبدو الطبوبي، كما سلفه من قيادات الاتحاد، واعياً بخطورة اللحظة، رصيناً في معالجة الملفات الحارقة. ويبدو كذلك أكبر داعم فعلي للحكومة، التي قلّ أصدقاؤها وانفرط الداعمون من حولها، فقد نزع فتيل الأزمة الكبيرة التي نشأت بين النقابيين الغاضبين ووزير التعليم، مرجئاً حسمها إلى حين، فلماذا لا ننصت إلى هذا الرجل ونضع خلافاتنا بين قوسين... لا نلغيها لأنها أصلاً غير قابلة للإلغاء، ولكن تقفز من فوق الحفر أولاً وبعد ذلك نتهيأ لحسم المعركة؟

المساهمون