عملية عسكرية لفصائل "الحشد الشعبي" على الحدود العراقية السعودية: رسائل سياسية؟

16 ابريل 2020
المليشيات تحاول استعراض عضلاتها (محمد سواف/ فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الرابع على التوالي، تواصل عدة فصائل عراقية مسلحة منضوية ضمن مليشيات "الحشد الشعبي"، تنفيذ عملية مشتركة واسعة في المناطق الحدودية العراقية مع السعودية ضمن محافظة الأنبار، بمشاركة الآلاف من أفراد تلك المليشيات، وهي الأولى من نوعها هذا العام.

العملية التي تمتد لأكثر من 140 كيلومترا وتشمل مناطق النخيب والهبارية وبيار علي وحوران والعذل والحد ومضارب عنزة ومناطق عراقية حدودية أخرى، أثارت العديد من علامات الاستفهام، من ناحية أن تلك المناطق خاضعة أساسا للجيش العراقي ويفرض سيطرته عليها وينفذ عمليات تمشيط ومسح دوري بها مع دول الجوار الثلاثة (الأردن والسعودية وسورية)، ويرجح أنها قد تكون مرتبطة برسائل سياسية أكثر من كونها عملية أمنية.


ووفقا لتصريحات إعلامية للقيادي بمليشيات "الحشد" قاسم مصلح، فإن العملية التي أطلق عليها "أبطال النصر"، في إشارة إلى قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والقائد بمليشيات "الحشد" أبو مهدي المهندس اللذين قتلا بغارة جوية أميركية، تهدف لتطهير الشريط الحدودي العراقي السعودي، متحدثا عن اعتقال 12 شخصا مشتبها به خلال العملية، التي تمتد حسب قوله لغاية الحدود مع الأردن.
ومن أبرز المليشيات المشاركة في العملية، "الخراساني"، و"النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"الطفوف"، فضلا عن فصائل مسلحة أخرى توصف بالعادة بأنها مرتبطة بإيران، وحرصت تلك الفصائل على تصوير جانب من عملياتها على بعد يصل لخمسة كيلو مترات فقط من العلامات الحدودية الفاصلة بين العراق والسعودية.


وفي هذا الإطار أكد مسؤول عسكري في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "الفصائل المسلحة تحركت ضمن عنوانها القديم وبأسمائها المعروفة، رغم أن الأمر الحكومي الصادر عام 2019 ألزمها تنفيذ عملياتها ضمن قرار هيكلة الحشد الذي وزع الفصائل المسلحة الى ألوية ومناطق انتشار محددة"، مبينا أن "العمليات كانت أساسا ضمن سلسلة عمليات التمشيط والتأمين الدورية التي تجريها قوات الجيش العراقي، لكن فصائل مسلحة حولتها لصالحها وتصدرت الصورة عبر مقاطع الفيديو والصور وتخصيص اسم لها بصورة توحي أنها تنفذ عملية واسعة بمفردها وبجهد كامل منها".
واعتبر المسؤول العراقي أنها "أرادت أن ترسل بهذا الوضع إشارات سياسية عدا عن أنها ترفع نسبة التوتر على الحدود المتوترة أصلا منذ الهجمات التي استهدفت منشآت نفط سعودية في سبتمبر/ أيلول العام الماضي، حيث اتخذت السعودية إجراءات مشددة على حدودها مع العراق".


بالمقابل دافع هادي الجزائري، القيادي في مليشيا "الخراساني"، الفصيل المشارك بالعملية العسكرية على الحدود السعودية، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن العملية بالقول إنها "كانت من خلال قوة مشتركة فيها قوات من الجيش العراقي، وهذه المناطق كانت غير مؤمنة"، مضيفا أن "العملية العسكرية، جاءت لوجود تحركات مشبوهة على الحدود العراقية السعودية، وأسفرت العملية عن تأمين الحدود بنسبة 85%، ووصلنا إلى نحو 5 كم عن الحدود الدولية مع السعودية".


وفيما نفى أن يكون للعملية أي أهداف أو رسائل سياسية، أكد الجزائري أنه "لم يتم التنسيق مع المملكة العربية السعودية، كون العملية داخل الحدود العراقية، فلا يوجد أي مبرر للتنسيق مع الرياض، بل هي عملية تمت بموافقة الحكومة العراقية".
وختم بالقول إنه "إذا كانت هناك مخاوف لدى السعودية أو الولايات المتحدة الأميركية، من هكذا عمليات، فنحن غير معنيون بها، فنحن ننفذ ما علينا من واجبات لتأمين العراق، بصورة أكبر ومنع أي خروقات أمنية أو عسكرية".


بدوره، قال الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "العملية جاءت بظروف ربما تعطي رسائل سياسية، لكنها ليست جديدة وتم تنفيذ عمليات سابقة في النخيب وكذلك بادية السماوة وبادية النجف وصحراء كربلاء"، معتبرا أن "مشاركة بعض الفصائل بهكذا عملية لا تشكل أي تهديد للسعودية، لكن بعض الفصائل الولائية، (المرتبطة بإيران) المشاركة بهذه العمليات حاولت إظهار نفسها على أنها صاحبة دور كبير بهذه العملية".
وأضاف الهاشمي أن "الحدود السعودية أكبر حدود محصنة في منطقة الوطن العربي، فقد أنفقت الرياض قرابة المليار دولار من أجل تكنلوجيا وتقنيات متطورة لمنع اختراق الحدود، وما تخشاه السعودية، هو فقط القوة الصاروخية، وهي محدودة وتتواجد لدى بضعة فصائل أبرزها بدر، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق"، معربا عن اعتقاده بأن هذه الفصائل تعمدت نشر بعض الصور والفيديوهات لها بهذه العملية، كمحاولة منها لإيصال رسائل.


واعتبر السياسي العراقي، ناجح الميزان، أن "العملية استعراضية وموجهة ضد السعودية"، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المليشيات تعمدت في توقيت هذه العمليات الاستعراض، فهي فعلت ذلك بعد مرور 100 يوم على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس".
وأضاف قائلا: "إنها تريد القول إننا مازلنا أقوياء رغم عمليات الاغتيال وعمليات القصف ضدنا من قبل الولايات المتحدة، وتريد استفزاز واشنطن من خلال حليفتها الرياض"، مشدداً على أنها "عملية رسائل سياسية لا عملية أمنية".