وجه آخر لحرب اليمن: الإعدامات خارج القانون تهز تعز

02 يناير 2018
أطراف مختلفة ارتكبت إعدامات في تعز (عبدالناصر الصديق/الأناضول)
+ الخط -
رافقت الحرب الدائرة في اليمن منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء وإعلان الانقلاب على الحكومة الشرعية، ارتكاب مختلف الأطراف المشاركة فيها، جرائم خارج القانون، خصوصاً في محافظة تعز التي شهدت عمليات إعدام وتصفية بعيداً عن القضاء وبلا محاكمات.
المحافظة  المنقسمة بين الحوثيين وحلفائهم من جهة، وقوات الشرعية والموالين لها من جهة أخرى، اهتزت مرتين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على وقع جرائم إعدامات خارج القانون. المرة الأول كانت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما أعدم الحوثيون رمياً بالرصاص ثلاثة أفراد من أسرة النقابي طه حسن فارع، هم زوجته اتحاد قاسم ونجله أنس وشقيقه محمد حسن فارع، بعد أن دهمت المليشيات منزل فارع في منطقة عبدان بمديرية صبر الموادم جنوب شرقي تعز، للبحث عنه واعتقاله، لكنها لم تجده في المنزل فارتكبت جريمتها بحق عائلته.

كما اهتزت تعز لجريمة إعدام مماثلة، حصلت على يد قوات تابعة للحكومة الشرعية، إذ استيقظت مدينة تعز مساء الأربعاء 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على خبر إعدام الشاب حبيب الشميري (32 عاماً)، الذي تمت تصفيته جسدياً بنحو 25 طلقة رصاص في جسده وفقاً للتقرير الجنائي الصادر من الجهات الرسمية، وذلك بعد اختطافه هو وشقيقه سند من قبل قوات تتبع لـ"اللواء 22 ميكا" الموالي للحكومة الشرعية.
هذه الجريمة هزت السلطة الشرعية بمختلف مكوناتها السياسية والعسكرية والرسمية، وشهدت تعز تظاهرات منددة وإضراباً للمحلات التجارية، كما تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع روايات متعددة لتفاصيل لهذه الجريمة. أعدم حبيب الشميري بينما نجا شقيقه سند وصديقه وليد الحكيمي من التصفية الجسدية، بسبب قيام بعض أفراد "اللواء 22" بنقلهما سراً قبل موعد التصفية من موقع كتيبة الاحتياط التابع للواء إلى مقر تابع للشرطة العسكرية، بعد أن تم إلباسهما بزتين عسكريتين للتمويه وحتى لا يتعقبهما الجنود، الذين كانوا قد هددوهما بالتصفية الجسدية كما قال الحكيمي، الذي أضاف أنه لم يشعر أنه بمقر معسكر يتبع للدولة.

أما سند الشميري، الذي تحدث في جلسة استماع في مقر الشرطة حضرتها "العربي الجديد"، فشرح أنه كان ينتقل مساء الأربعاء من محل عمله وسط المدينة نحو منزله، ووجد الطريق التي يسلكها كل يوم إلى منزله بجوار منزل العقيد صادق سرحان (قائد قوات الاحتياط في اللواء 22)، مقطوعاً، فسلك طريقاً آخر، لكن مجموعة مكوّنة من ثلاثة مسلحين قامت بملاحقته إلى منزله وطلبت تسليم السيارة والأموال التي بحوزته. وأضاف سند أنه صرخ مستغيثاً بالجيران، فخرج شقيقه حبيب وصديقه وليد الحكيمي، وحصل إطلاق نار أدى إلى إصابة بدر القيسي، قائد حراسة العميد سرحان، بطلقة أطلقها حبيب الشميري. وتابع الشميري في روايته أن القيسي لجأ إلى منزل العميد سرحان، وبعد قليل دهمت قوات تتبع لـ"اللواء 22 ميكا" منزل الشميري، وأخذته إلى مقر كتيبة الاحتياط في منطقة عصيفرة شمالي غرب المدينة، وبعد ذلك طُلب حضور حبيب الشميري والحكيمي و35 مواطناً من الحي الذي يسكنه سند، وبعد التحقيق مع الجميع أُطلق سراحهم باستثناء الأخوين الشميري والحكيمي، لتتم بعدها تصفية حبيب الشميري.


من جهته، شرح الناشط الحقوقي، ياسر المليكي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه مع استمرار الصراع المسلح الذي تشهده محافظة تعز، ارتُكبت جرائم عدة تُشكّل انتهاكاً لمواثيق الحرب ومعاهدات حقوق الإنسان، موضحاً أن أبرز الجرائم فظاعة هي الإعدامات الميدانية، والتي شددت الأمم المتحدة على أنه لا يجوز التذرع بالحالات الاستثنائية بما في ذلك حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي أو أي حالة طوارئ عامة أخرى لتبرير عمليات الإعدام.

وشهدت محافظة تعز خلال الحرب القائمة منذ سنوات، الكثير من عمليات الإعدام من دون محاكمة. وبحسب المليكي، فخلال ثلاث سنوات تم رصد عشرات العمليات المتعلقة بالإعدامات الميدانية، كان الانقلابيون أبرز مرتكبيها، إضافة إلى تنظيمات متطرفة في مدينة تعز، كما رُصدت عمليات إعدام غير مشروعة من قبل فصائل مسلحة ووحدات عسكرية تتبع للشرعية وسط المدينة.

وكانت مدينة تعز، شهدت أول واقعة إعدام ميداني في منتصف سبتمبر/أيلول من العام 2015، وطاولت الشاب أنور الوزير، الذي تمت تصفيته رمياً بالرصاص أمام منزله في منطقة الأخوة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية وسط المدينة، وذلك من قبل عناصر متطرفة.
جريمة الإعدام خارج القانون باتت سلوكاً في تعز لا يقتصر على الجماعات الإرهابية فقط، وإنما تمارسه كل الأطراف، فالحوثيون استجوبوا في 24 أغسطس/آب الماضي، شيخاً مسناً هو علي سعيد الأغبري (65 عاماً) بعد رفضه النزوح من منزله الكائن في مديرية الوازعية الساحلية جنوبي غرب تعز، ثم أخرجوه من منزله بالقوة، وفقاً لشهود عيان ومسؤولي السلطة المحلية، وبعد شجار قصير أُعدم شنقاً في إحدى المدارس أمام المواطنين. واتهم الحوثيون الأغبري بالتجسس لصالح الحكومة الشرعية والتحالف، كما يفيد المحامي صلاح المحمدي.

وهذه الحالة ليست الوحيدة، فوفق الناشط ياسر المليكي أعدمت جماعة الحوثي المواطن جبران الصلوي في الصلو جنوبي تعز. ورصد المليكي جرائم أخرى ارتكبتها فصائل "المقاومة" التي باتت اليوم تعمل ضمن ما يُسمى "الجيش الوطني"، ومن هذه الجرائم إعدام عرفات الصبري ومؤيد اليوسفي، من قبل كتائب القيادي السلفي أبو العباس، إضافة إلى توثيق إعدام المواطن عبدالباسط الهمداني ونجله شهاب في منطقة نجد قسيم جنوبي المحافظة في يوليو/تموز 2017، من قبل أهال غاضبين ومعهم قيادات عسكرية محسوبة على أحد الألوية العسكرية، وفق المليكي.

كما كشف المليكي أن "كتائب حسم"، وهي إحدى فصائل "المقاومة" في تعز، أعدمت شخصاً يدعى فؤاد المليكي. هذه الكتائب التي يقودها القيادي السلفي عدنان رزيق، والذي يشغل منصب رئيس عمليات محور تعز برتبة عميد، أعدمت في 25 مارس/آذار 2017 فؤاد المليكي في منطقة بئرباشا غرب المدينة، في جريمة وُثقت بالفيديو ونُشرت على مواقع الإنترنت. وعقب الإعدام كشف تسجيل فيديو تناقله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام "كتائب حسم" بمحاكمة أهالي الشاب بتهمة قتل مسؤول التسليح في الكتائب، ناصر القباطي. وأظهر الفيديو العميد رزيق، الذي تم تعيينه من قبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رئيساً لعمليات محور تعز، يُقدّم نفسه بصفته الرسمية رئيساً للعمليات، ويصف إعدام فؤاد المليكي بالتسرع غير المحمود.