أجّل البرلمان التونسي مرة أخرى انتخاب المحكمة الدستورية، وقرر عقد جلسة عامة انتخابية جديدة في 10 يوليو/تموز الحالي، قبل ثلاثة أسابيع من نهاية عهدته البرلمانية، التي تعد الفرصة الأخيرة له، وسط الفراغ الدستوري وضغط الشارع وغضب الرأي العام من أداء البرلمانيين.
وتزايد الغضب الشعبي والمجتمعي لعدم انتخاب البرلمان التونسي حصته من تركيبة أعضاء المحكمة الدستورية، والتي تحولت إلى مطلب شعبي ملح يوم الخميس الماضي، إثر إصابة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بوعكة صحية حادة، وتداول إمكانيات سد الشغور الوقتي أو الدائم في منصب رئيس الدولة، والتي يشترط الدستور إقرارها من قبل المحكمة الدستورية.
وأكد فيصل خليفة، مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مكتب البرلمان تفاعل مع توافق رؤساء الكتل وطلبهم التعجيل بمواصلة انتخاب ثلاثة أعضاء في مجلس المحكمة الدستورية، بعدما نجح المجلس في انتخاب عضو وحيد.
وبيّن خليفة أنه تم تحديد موعد الأربعاء 10 يوليو الحالي لإجراء الانتخاب الذي يتطلب تصويت ثلثي أعضاء المجلس، أي 145 صوتاً من جملة 217 نائباً، مشيراً إلى أن المكتب وجه لفت نظر للنواب للحضور بكثافة، وسيجتمع رؤساء الكتل لمواصلة الإعداد للجلسة الانتخابية.
وتقف أمام تشكيل المحكمة الدستورية عقبات سياسية عطلت إرساءها رغم مرور قرابة أربع سنوات على الأجل الدستوري، حيث عجز البرلمانيون عن إتمام انتخاب أربعة أعضاء في عهدتهم حتى يتسنى للمجلس الأعلى للقضاء انتخاب أربعة أعضاء آخرين، ثم يعين رئيس الدولة أربعة أعضاء أيضاً.
وقال مهدي العش، القيادي بمنظمة "البوصلة" المختصة في مراقبة عمل البرلمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن البرلمان سجل 1320 يوم تأخير عن أجل تركيز المحكمة الدستورية، أي أكثر من ثلاث سنوات و7 أشهر، من دون نتيجة بعد.
وبيّن العش أن مجلس نواب الشعب يتحمل المسؤولية الكبرى، بما أنه لم ينتخب سوى عضو واحد من أصل أربعة أعضاء في عهدته، رغم حصول توافق بين كل الكتل في مارس/آذار 2018.
وذكر بأن البرلمان أجرى ست دورات انتخابية، وفتح باب الترشحات ثلاث مرات، والنتيجة واحدة، غياب المحكمة الدستورية، وتواصل خرق الدستور إلى اليوم، داعياً إلى وضع انتخاب المحكمة الدستورية ضمن أولويات البرلمان قبل نهاية المدة النيابية.
من جهته، قال رئيس كتلة "الجبهة الشعبية" المعارضة، هيكل بلقاسم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هناك توافقاً بين جميع الكتل حول ثلاثة مرشحين، ما يجعل من انتخابهم أمراً ممكناً الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن كل الكتل عبرت عن موافقتها لترشيح الحقوقي العياشي الهمامي ما عدا "كتلة الحرة" لـ"مشروع تونس" التي لا يزال موقفها رافضاً، معرباً عن أمله في "تغير موقفها والانحياز لروح التوافق بين الجميع والحرص المشترك على القيام بهذا الواجب والالتزام قبل نهاية الفترة".
وتبقى معضلة تغيب النواب وتقاعسهم، أكبر الإشكاليات التي أرهقت البرلمان وعطلت أعماله. وقد أفرز التغيب فشل الجلسة الانتخابية أمس حول هيئة الحوكمة الرشيدة، بسبب مشاركة 159 نائباً فقط من أصل 217، ما يجعل آفة التغيب عقبة جديدة أمام انتخاب المحكمة الدستوربة أيضاً.
ويخشى مراقبون من تأثير تعكر الأجواء داخل البرلمان بسبب الأحداث التي وقعت يوم الخميس الماضي، إثر الوعكة الصحية التي تعرض لها السبسي، والتي قسمت المشهد البرلماني، وعمقت الخلاف بسبب الإشاعات والاتهامات بين الائتلاف الحاكم وحزب "نداء تونس".