قوات النظام تعزل برزة... و"سورية الديمقراطية" تدخل الطبقة

24 ابريل 2017
استهدف النظام أخيراً منطقة دارة عزة غرب حلب(محمد فيصل/الأناضول)
+ الخط -
تحتدم معارك كر وفر بين أطراف الصراع في سورية، حيث تشهد جبهات مشتعلة تطورات ميدانية، من شأنها تغيير معادلات هذا الصراع، لا سيما في محيط العاصمة دمشق، وفي ريف حماة الشمالي، وريف حمص الشمالي الغربي، وفي شرق البلاد الذي يشهد معارك بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تمكنت، أمس الاثنين، من الدخول إلى مدينة الطبقة الاستراتيجية في ريف الرقة الغربي. وعزلت قوات نظام بشار الأسد ومليشيات طائفية موالية لها منطقة برزة في خاصرة دمشق الشمالية الشرقية، عن بقية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرقي دمشق، في تطور ميداني جاء بعد قصف جوي ومدفعي عنيف. كما تمكنت قوات النظام من السيطرة على مزارع برزة ومنطقة حرستا الغربية، في مسعى لإخضاع هذه المنطقة التي لطالما كانت مصدر قلق للنظام الذي تعرّض لأكثر من هجوم من قبل قوات المعارضة انطلاقاً من هذه المناطق، ما شكّل تهديداً حقيقياً له، يحاول النظام تفاديه من خلال "تأمين" محيط دمشق.

وذكر الناشط محمد الغوطاني، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام سيطرت على نفق كان يربط بين حي برزة وحي القابون، مشيراً إلى أن أوضاع ما تبقّى من سكان برزة باتت "صعبة" في ظل اشتباكات لا تهدأ. ولفت إلى أن عزل برزة أدى إلى إحكام الحصار على الغوطة الشرقية لدمشق، مؤكداً حصول ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية مع فقدان لعدد من الأدوية، ما ينذر بكارثة إنسانية تطاول عشرات آلاف المدنيين في مدن وبلدات شرقي العاصمة السورية.

ويضغط النظام على حي برزة من أجل فرض سيناريو تهجير جديد على المعارضة السورية التي احتفظت بحي برزة على مدى أكثر من أربع سنوات، وتسعى للمحافظة عليه مع حي القابون الذي يشهد اشتباكات، كي يبقى لها حضور عسكري فعال داخل مدينة دمشق. وأشار الغوطاني إلى أن غوطة دمشق الشرقية تتعرض لـ"حصار إلكتروني"، إذ يقطع النظام عنها الاتصالات كافة، في إطار "حرب نفسية" يقوم بها النظام من أجل دفع المعارضة إلى الموافقة على الخروج من معاقلها.


بموازاة ذلك، تواصل قوات نظام الأسد ضغطها العسكري على منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي الغربي، حيث سقط مدنيون قتلى وأصيب عدد آخر، أمس الاثنين، جراء قصف مدفعي وجوي من قوات النظام على الأحياء السكنية في مدن كفرلاها، وتلذهب وتلدو، بحسب ما أفاد "مركز حمص الإعلامي". وبدأ النظام، أمس، تهجير الدفعة السادسة من أهالي حي الوعر بحمص، إذ من المفترض أن تشمل الدفعة الجديدة تهجير نحو ألفي شخص من المدنيين والمقاتلين التابعين للمعارضة السورية إلى مدينة جرابلس، شمال شرقي حلب.

اقتحام الطبقة
وعلى جبهات أخرى شرقي سورية، دخلت "قوات سورية الديمقراطية" التي تضم فصائل كردية عربية تدعمها واشنطن، مدينة الطبقة التي تعد أحد معاقل "داعش" في محافظة الرقة في شمال سورية، وفق ما أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن تلك القوات دخلت، أمس الاثنين، "لأول مرة إلى مدينة الطبقة التي تحاصرها من الجهات كافة، وتمكنت من السيطرة على نقاط عدة في القسم الجنوبي، ومن التقدم في أطرافها الغربية". وأكدت "قوات سورية الديمقراطية" على موقعها الإلكتروني تقدمها في الجبهات "الغربية والشمالية الغربية والجنوبية" من المدينة.

وكانت مصادر محلية ذكرت لـ"العربي الجديد"، أن التنظيم حاول استعادة قرية عايد كبير، جنوب غربي الطبقة، يوم الأحد، إلا أن مقاتلي "سورية الديمقراطية" أفشلوا الهجوم وكبدوا التنظيم خسائر عديدة. بموازاة ذلك، ذكرت مصادر في "سورية الديمقراطية" أن مقاتليها يحققون تقدماً في خاصرة الطبقة الجنوبية الشرقية، حيث سيطروا على مسجد الرحمة، في مسعى للتوغل داخل المدينة، وفي ظل مخاوف على مصير أكثر من 25 ألف مدني لا يزالون داخلها.

ولم يمر يوم أمس، الاثنين، على سورية دون وقوع مجازر بحق المدنيين، إذ قُتل وأصيب مدنيون في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، جراء قصف من الطيران الروسي. وأكد ناشطون إعلاميون أن ما لا يقل عن أربعة أشخاص، بينهم طفل، قتلوا أمس، وأصيب آخرون بقصف بقنابل فراغية استهدف سوق المدينة. ولا تزال قوات النظام ومليشيات طائفية مدعومة بغطاء ناري كثيف من الطيران الروسي، تحاول التقدم أكثر في ريف حماة الشمالي، في محاولة للوصول إلى مدينة خان شيخون لإخفاء أدلة تثبت مسؤولية النظام عن المجزرة الكيميائية التي ارتكبها مطلع الشهر الجاري، وراح ضحيتها مئات المدنيين، أغلبهم أطفال، بين قتلى ومصابين. ولكن مصادر في المعارضة السورية المسلحة أكدت لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام "لم تستطع تثبيت نقاط دفاع متقدمة عن المناطق التي انتزعت السيطرة عليها أخيراً، ومنها مدينتا حلفايا وطيبة الإمام"، مشيرةً إلى أن تقدم قوات النظام باتجاه مدينة خان شيخون التي تفصلها عنها مسافة تقدر بنحو 20 كيلومتراً، "ليس بالأمر السهل"، وموضحةً أن كلفة هذا التقدم ستكون "باهظة"، مستبعدة إقدام قوات النظام على هذه الخطوة في الوقت الراهن.

المساهمون