انقسام مجلس النواب الليبي: هذه خلفياته ونتائجه

14 مايو 2019
مجلس النواب يواجه انشطاراً حقيقياً (فرانس برس)
+ الخط -

شكل مجلس النواب المنعقد في طبرق لجنة لـ"دراسة فصل أعضاء مجلس النواب الذين أدوا اليمين الدستورية وتغيبوا عن جلسات طبرق"، ما اعتبره مراقبون للشأن في ليبيا بداية لانشطار جديد في هياكل السياسة الهشة أصلاً في طريق عرقلة ما تبقى من المسار السياسي، خصوصا أن القرار جاء للرد على تمكن ما لا يقل عن 50 نائباً من عقد جلسة رسمية في طرابلس واختيار رئيس جديد للمجلس.

وعقد مجلس نواب برلمان طبرق برئاسة عقيلة صالح جلسة ليلية مفاجئة على غير العادة في عقد جلساته خلال ساعات الدوام الرسمي، أعلن بعدها عن قراره باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، وعن تشكيل لجنتين: الأولى لدراسة فصل الأعضاء المتغيبين عن جلسات طبرق، والأخرى لبحث قضية السيطرة على إيرادات النفط من خلال الشراكات الخاضعة لحكومة مجلس النواب في طبرق.

السياق الذي صدرت فيه قرارات الجلسة التي لم يعلن عن عدد من شارك فيها وعن أسباب عقدها بشكل مفاجئ ليلا، يأتي تزامنا مع الحرب التي يشنها اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس بهدف "تحرير العاصمة من الإرهاب" خصوصاً وأنه يعتبر خصومه من تيارات الإسلام السياسي بما فيها جماعة الإخوان "جماعات إرهابية".

وأكدت عضو مجلس النواب، ربيعة أبوراس، من جانبها، أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب لا تتوفر على نصوص ومواد لإسقاط النواب المتغيبين.

ويعيش مجلس النواب حالة انقسام بين نوابه، بعد إعلان عدد من النواب عن عقد جلسات رسمية للمجلس في طرابلس منذ مطلع مايو/أيار الجاري واختيار الصادق الكحيلي رئيسا للمجلس، كخطوة لرفض قرار مجلس النواب بمباركة هجوم حفتر على العاصمة طرابلس.

وقالت بوراس في حديثها لـ"العربي الجديد"، إن النواب المجتمعين في طرابلس اتخذوا الخطوة لـ"تحرير قرار مجلس النواب المختطف من قبل قلة مرتهنة لحفتر ورغباته العسكرية"، مشيرة إلى أن الجلسات قانونية وفق بنود الاتفاق السياسي الذي يخول الأعضاء عقد جلسات في أي مدينة.

وعن موقف المجلس من إعلان جلسة مجلس النواب بطبرق اعتبار جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، قالت إن "جميع قرارات مجلس النواب السابقة واللاحقة ستكون محل مراجعة بموجب مواد الاتفاق السياسي الذي استمد منه مجلس النواب شرعية انعقاد جلساته الحالية في طرابلس"، وقللت بوراس من أهمية التهديدات بفصل النواب المتغيبين عن طبرق، وقالت: "لا يوجد في اللائحة الداخلية قانون أو سند قانوني يفصل أو يطرد بموجبه نائب صحيح العضوية بالمجلس".


انشطار حقيقي

لكن الباحث السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يرى أن قرار النظر في فصل الأعضاء المجتمعين بطرابلس لا ينظر إلى قانونيته من عدمه، بل إلى أبعاده التي تشير إلى وقوف مجلس النواب على انشطار حقيقي.

وقال الجواشي لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن صدور قرار بفصل أعضاء طرابلس سيقفل الباب أمام إمكانية عودة المجلس للاجتماع بكل أعضائه مجدداً"، مشيراً إلى أن "الإمكانية لتلافي الخلافات الحاصلة بين النواب لا تزال قائمة".

وتساءل الباحث، إذا حدث انشطار وانقسام حقيقي داخل مجلس النواب فكيف سيمثل مجلس النواب نفسه في أي تسوية أو تفاهم سياسي مقبل، مؤكداً بالقول: "أعتقد أن مجلس النواب المناط به الدخول كطرف أساسي في أي عملية سياسية والمصادقة على أي اتفاق مقبل سيتحول إلى معرقل حقيقي في حال انقسامه".

ويعتقد الجواشي أن جلسة النواب في طرابلس حتى وإن لم تستند إلى قانون فقد أظهرت رأيا برلمانيا آخر يرفض حفتر وطموحه العسكري، الذي أصبحت شرعيته البرلمانية "الموهومة" محل تشكيك. ​