كشفت مصادر مصرية معنية بتفاصيل ملف الوساطة، التي يقوم بها جهاز المخابرات العامة، بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، أن وفداً أمنياً مصرياً رفيع المستوى، برئاسة وكيل الجهاز اللواء أيمن بديع، ومسؤول ملف فلسطين في الجهاز اللواء أحمد عبد الخالق، سيجري جولة جديدة من الاتصالات واللقاءات الأسبوع المقبل، عبر التوجّه إلى قطاع غزة ورام الله وتل أبيب.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن الجولة تهدف في الأساس إلى خفض التوتر في الأراضي المحتلة، في أعقاب الإعلان الأميركي عن تفاصيل ما تسمى "صفقة القرن" (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية)، وعودة التوتر على الشريط الحدودي في شرق قطاع غزة مع الأراضي المحتلة، وسط تزايد إطلاق البالونات الحارقة على مستوطنات الغلاف. وأوضحت أن الهدوء في قطاع غزة في الوقت الراهن، وعدم الوصول إلى مواجهة عسكرية في الأراضي المحتلة، بات هدفاً مشتركاً لعدد من العواصم العربية والاحتلال الإسرائيلي، في ظل حالة الغضب العربي على المستوى الشعبي، جراء الخطة الأميركية المعلنة، وهو ما قد يسبّب خروج تظاهرات ضخمة قد تخرج عن السيطرة في تلك العواصم، التي يدعم بعضها التصور الأميركي.
وبحسب المصادر، فإن الوفد الذي سيتنقل بين الأطراف الثلاثة، سيبحث مع الجانب الإسرائيلي السماح لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعقد لقاء مع فصائل قطاع غزة، كاشفة أن القاهرة ستقدم مقترحاً للجانب الإسرائيلي باستضافتها ذلك اللقاء، في محاولة منها لنزع فتيل الأزمة، مشيرة إلى أن اللقاء كفكرة أمر مطلوب كنوع من تنفيس الغضب، وفتح مسار سياسي، بدلاً من خروجه في صورة أعمال عنف عشوائي في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
وأكدت المصادر أن ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي بشأن الاستعداد لخوض معركة عسكرية واسعة، سواء في قطاع غزة أو على الجبهة الجنوبية، أمر مخالف للحقائق على أرض الواقع. وأشارت إلى أن الجانب الإسرائيلي هو من دعا القاهرة وعواصم أخرى إلى القيام بدور كبير في مواجهة الاضطرابات التي قد تنجم عن إعلان "صفقة القرن"، مؤكدة أن التقارير كافة أظهرت استعداد فصائل المقاومة في القطاع لبدء معركة واسعة، باعتبارها الآلية الوحيدة المتاحة لمواجهة النهج الأميركي الإسرائيلي، خصوصاً في ظل ميل القوى العربية الأكبر إلى الصف الأميركي.
يأتي هذا فيما كشف مصدر فلسطيني عن حالة من الغضب في صفوف الفصائل بسبب إجراءات مصرية متشددة، وتنسيق متقدّم بين القاهرة وتل أبيب بشأن محاصرتها، موضحة أن الفترة القريبة الماضية شهدت إحباط مصر، بتنسيق استخباري مع إسرائيل، أكثر من محاولة لنقل أسلحة للقطاع من شأنها معادلة الردع مع الكيان الصهيوني. وشددت، في الوقت ذاته، على أن الفترة الحالية تشهد أكبر تنسيق بين الجانب الإسرائيلي والمسؤولين في مصر لخنق المقاومة تدريجاً، وفق خطة ممنهجة، في وقت لم يستطع فيه الوسطاء إلزام إسرائيل بأي تفاهمات اتُّفق عليها في أي مرحلة من مراحل المفاوضات بشأن التهدئة أو الوساطة، وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي منذ انطلاق تلك المفاوضات. وقال المصدر إن فصائل غزة، وفي مقدمتها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، تلتزم ضبط النفس، وتستمر في إعلان تقديرها للدور المصري، على الرغم من تفاصيل كثيرة تحرص فصائل المقاومة على عدم الكشف عنها حتى لا تُعكَّر الأجواء، في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون للجهود كافة.