انطلاق مفاوضات إنقاذ الاتفاق النووي: أوروبا ضد "التبعية" لواشنطن

12 مايو 2018
تظاهرات في طهران أمس ضد الولايات المتحدة (فرانس برس)
+ الخط -
يقود الأوروبيون جهوداً كبيرة للإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران، بعد الانسحاب الأميركي منه، في مسعى للحفاظ على مصالحهم الاقتصادية في طهران، مع تصاعد التحدي الأوروبي للولايات المتحدة بالحديث عن أنهم "ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق" بحسب تعبير فرنسي. ولن تكون المهمة الأوروبية سهلة، خصوصاً في ظل التباين داخل الساحة الإيرانية حول الإبقاء على الاتفاق أو الخروج منه.

وفي مسعى لإنقاذ الاتفاق النووي، يزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بكين وموسكو وبروكسل، بحسب ما أعلن متحدث باسمه، أوضح أن ظريف الذي سيرافقه مسؤولون اقتصاديون إيرانيون سيغادر طهران مساء اليوم السبت متوجهاً إلى بكين قبل أن ينتقل إلى موسكو حيث يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف، ومن ثم يتوجه إلى بروكسل. وأضاف في مطلع الأسبوع، سيعقد لقاء في بروكسل مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني. وفي السياق، أوضح المكتب الإعلامي لموغيريني أنها ستلتقي الثلاثاء المقبل نظراءها من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على أن ينضم إليهم وزير الخارجية الإيراني لاحقاً. وأكدت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي "مصمم على الحفاظ" على الاتفاق النووي "أحد أهم النجاحات الدبلوماسية على الإطلاق".

وانضمت روسيا إلى الجهود الأوروبية، وأعرب رئيسها فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في اتصال هاتفي بينهما أمس، عن تأييدهما الإبقاء على الاتفاق. وقال الكرملين في بيان إن المسؤولَين "تباحثا في وضع خطة العمل المشتركة (للاتفاق الإيراني) بعد الانسحاب الأميركي من جانب واحد، وشددا على أهمية الإبقاء على خطة العمل المشتركة (أي الاتفاق مع إيران) لدواعي الأمن الدولي والإقليمي". كما أعلن الكرملين في بيان مساء الخميس أن بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان أجريا اتصالاً هاتفياً حول خروج الولايات المتحدة من الاتفاق. واعتبر الرئيسان أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق "خاطئ".


هذه المساعي الأوروبية تأتي في سياق محاولة حماية مصالح شركاتهم العاملة في إيران، بعد العقوبات التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على الشركات الأجنبية العاملة في إيران، والتي وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بـ"غير مقبولة"، مشدداً على أنه يجب التفاوض في شأنها مع الأوروبيين. وأضاف لودريان في مقابلة نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة "لوباريزيان"، "نقول للأميركيين إن التدابير العقابية التي سيتخذونها تخصّهم". وتابع "الأوروبيون ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية التي ساهموا هم أنفسهم بها"، في إشارة إلى الاتفاق النووي. وفي السياق، قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير إنه يتعين على الدول الأوروبية أن تتصدى بقوة أكثر لإدارة ترامب بشأن الاتفاق وألا تكون "تابعاً" للولايات المتحدة، مضيفاً أن أوروبا يجب ألا تقبل بأن تكون الولايات المتحدة "الشرطي الاقتصادي للعالم".

في موازاة ذلك، أعلن وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير، أن بلاده مستعدة لمساعدة شركاتها على الاستمرار في تنفيذ أنشطة في إيران، مضيفاً "نحن مستعدون للحديث إلى كل الشركات المهتمة بشأن ما يمكننا أن نفعله للحد من التداعيات السلبية". لكن السفير الأميركي في برلين ريتشارد جرينيل قال إن الشركات يجب أن تشك في أخلاقية تنفيذ أنشطة مع إيران. وأضاف "ألمانيا وفرنسا وبريطانيا نفسها تقول إن إيران تشكل خطراً. هل تريدون إذاً أن تنخرطوا في أعمال مع تهديد؟ إذا كان الأمر كذلك، فعلى جميع رؤساء الشركات الذين يريدون هذا أن يقولوا: نريد أن ندخل في أنشطة مع الملالي".

إلا أن الجهود الأوروبية تصطدم بتباين النظرة الإيرانية حول جدوى الالتزام بالاتفاق النووي. فبعد أن أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن طهران ستبقى في الاتفاق، اعتبر رجل الدين الإيراني المحافظ أحمد خاتمي أنه لا يمكن الوثوق بالدول الأوروبية. وقال خاتمي في خطبة الجمعة في جامعة طهران "إنهم (الأميركيون) يسعون دوماً لإسقاط النظام الإيراني وخروجهم (من الاتفاق) يتسق مع هذا الهدف... لا يمكن الوثوق أيضاً بهؤلاء الموقّعين الأوروبيين... لا يمكن الوثوق بأعداء إيران". جاء ذلك فيما خرج آلاف الإيرانيين وسط طهران بعد صلاة الجمعة أمس متظاهرين ضد الولايات المتحدة وأحرقوا الاعلام الأميركية ورددوا هتافات مناهضة لإسرائيل.

(فرانس برس، رويترز)