عودة التنافس على رئاسة مخابرات العراق: ورقة للمساومة بمفاوضات تشكيل الحكومة؟

20 ابريل 2020
تحفظات على رغبة الكاظمي الاستمرار في رئاسة المخابرات (تويتر)
+ الخط -
بالتزامن مع المفاوضات التي يجريها رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، مع قادة وممثلي الكتل السياسية بشأن المناصب الوزارية في تشكيلته الحكومية، والتي سبق أن أعلن في وقت سابق من الأسبوع الماضي عن قرب تقديمها للبرلمان، بغية التصويت عليها، يؤكد مسؤولون وسياسيون عراقيون بأن منصب رئيس جهاز المخابرات، الذي يشغله رئيس الوزراء المكلف نفسه، طرح ضمن ما تسميه الكتل السياسية بالاستحقاق الحكومي، على غرار باقي المناصب المهمة بالدولة العراقية، التي تخضع لمفهوم المحاصصة الطائفية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. 

ووفقا لمصادر سياسية في بغداد، فإن رئيس الوزراء المكلف، الذي يسعى إلى إبقاء جهاز المخابرات بالوقت الراهن تحت رئاسته، كما كان منذ سنوات، يواجه مطالبات من عدة كتل سياسية لإسناد منصب رئاسة الجهاز لمرشح من قبلها، على غرار مناصب مماثلة، مثل قيادة الشرطة الاتحادية، وقيادة جهاز مكافحة الإرهاب، وقيادة العمليات الخاصة، ومناصب إدارية بأمانة مجلس الوزراء.

وبحسب عضو في البرلمان العراقي، فإن قوى سياسية عربية سنية، إلى جانب تحالف "سائرون"، تعتبر المنصب من استحقاقها، إلا أن الكاظمي يحاول إبعاد المنصب ومناصب أمنية أخرى عن خانة التحاصص في حكومته لحساسية الموضوع من ناحية سياسية وأمنية أيضا.

وأكد المصدر ذاته، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "دخول منصب رئاسة جهاز المخابرات ضمن مفاوضات تشكيل الحكومة يشير إلى عملية تحاصص واسعة للمناصب، تتم من قبل الكتل السياسية المختلفة، وهناك تنافس على مستوى التحالف أو التكتل السياسي الواحد". 

لكن النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، منصور البعيجي، أكد لـ"العربي الجديد" أن منصب رئاسة جهاز المخابرات سيدخل ضمن المحاصصة بين الكتل والأحزاب المتنافسة على المناصب، وضمن صفقات توزيع الوزارات والمناصب وحصصها، مبينا "لم يتضح بعد أي شيء بشأن الكتلة التي ستحصل عليه".

وأشار البعيجي إلى أن "بعض الأحزاب تستغل المنصب في مساوماتها، أي أنها تقايض لأجل الحصول على مناصب أخرى تقابله، ضمن المساومات والصفقات السياسية"، لافتا إلى أن "الجهات المتنافسة ترى أن هناك فرصة مناسبة للحصول على مكاسب لها، من خلال الحوارات الجارية، مستغلة توقف التظاهرات الشعبية بسبب تأثير فيروس كورونا وتداعياته بحظر التجول، لذا فقد لجأت تلك الجهات إلى فتح أكثر الملفات في الحوارات الحالية". 

من جانبه، أكد القيادي في التيار الصدري، ورئيس لجنة الأمن في البرلمان السابق حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء المكلف يعتقد أن إدارة الجهاز ستكون من قبله بعدما يشكل الحكومة"، مبينا أن "ذلك غير ممكن، وإذا ما أقدم على ذلك فسيكون قد ارتكب خطأ جسيما، فجهاز المخابرات جهاز حساس وخطير ومفصلي، إذ يضم الكثير من الملفات المهمة، منها ملفات خارجية وأخرى داخلية، ويحتاج إلى إدارة وتفرغ وعمل كبير".

وأضاف: "طالما أن المكلف سيكون رئيسا للوزراء بالتأكيد يجب عليه أن يتفرغ لإدارة الحكومة، إذ أن المهام التي ستلقى على عاتقه ستكون كبيرة جدا، ما يحتم عليه إسناد إدارة الجهاز إلى شخصية مهنية تستطيع أن تقوم بمهامه، وتتمتع بالكفاءة والنزاهة"، مشيرا إلى أن "بقاء المنصب بيد الكاظمي غير مقبول، كونه يعيدنا إلى مسلسل إدارة المناصب بالوكالة، وهذا الملف تسبب بمشاكل وأزمات خلال الحكومات السابقة، لا يمكن أن نعود له في الحكومة المرتقبة، التي يراد منها أن تكون مختلفة". 

وحمّل المسؤولية كاملة على "عاتق الكاظمي، بإسناد المنصب إلى شخصية ذات كفاءة، وعدم التمسك به". 

وبشأن ذلك، قال الخبير بالشأن العراقي، أحمد الحمداني، إن "التقاسم في الحكومة المقبلة بات أمرا واقعا كما يتسرب من أخبار وتصريحات نواب وسياسيين، ويشمل المناصب الوزارية والثانوية أيضا، لكن تبقى المسألة الأهم هل سيتمكن الكاظمي من إبعاد المناصب الأمنية العليا عن المحاصصة، باعتبارها حساسة وتمس حياة العراقيين، ولها بعد واضح في الصراع الأميركي الإيراني داخل العراق، أم أنه سينصاع لشروط تلك الكتل؟".

وأضاف الحمداني، لـ"العربي الجديد"، أنه "من غير المستبعد أن يلجأ الكاظمي للمناورة من خلال إرسال نصف أو أكثر من حكومته للبرلمان للتصويت عليها، ويترك مناصب كالدفاع والداخلية ليديرها هو بالوكالة، والأمر نفسه لجهاز المخابرات"، معتبرا أن "هذه المناصب لا تتحمل تسمية أي شخصية سياسية على رأسها، والتنافس من قبل الكتل السياسية عليها هي بالأساس من أجل مكاسب كبيرة تحصل عليها سياسيا، وحتى ماليا، وعلى مستوى النفوذ بالساحة العراقية". 

وختم بالقول إن "التفاؤل بحكومة الكاظمي أو انعدامه سيكون منوطا بملف خضوع المناصب الأمنية للمحاصصة أو خروجها من خانتها".

دلالات