تجميد الانتخابات المحلية الفلسطينية: تعزيز الانقسام وتعميق الفجوة

09 سبتمبر 2016
تراشُق التهم بعد وقف الانتخابات الفلسطينية (ليور مزراهي/Getty)
+ الخط -
كما كان متوقعاً، أصدرت محكمة العدل العليا التابعة لمجلس القضاء الأعلى، في رام الله بالضفة الغربية، قراراً بوقف إجراء الانتخابات المحلية (مؤقتاً) في كافة المحافظات، وهو القرار الذي اعتبرته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسيّساً. وصدرت مؤشرات عدة في الأيام الماضية من أطراف مرتبطة بالسلطة الفلسطينية وحركة "فتح" تحديداً تشير إلى أنّ خيار تأجيل الانتخابات أو تعليقها أمر متوقع في أي وقت، بعد السجال القانوني والسياسي الذي أعقب إسقاط لجنة الانتخابات المركزية ومحاكم البداية في قطاع غزة قوائم انتخابية معظمها تابعة لحركة "فتح".

واعتبرت "حماس" أن قرار المحكمة "مسيس" يهدف لإنقاذ "فتح" بعد سقوط عدد من قوائمها أمام لجنة الانتخابات والمحاكم الفلسطينية. وتحدث النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي، يحيي موسى لـ"العربي الجديد"، عن خبايا قرار المحكمة مشيراً إلى أنّ "من رفع القضية في محكمة العدل العليا لوقف إجراء الانتخابات هو مكتب رئيس السلطة محمود عباس عبر أحد المحامين بإيعاز من جهاز المخابرات العامة في رام الله"، على حد قوله.

وقال موسى إنّ قرار وقف إجراء الانتخابات البلدية التي كانت مقررة في 8 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كان متوقعاً لحركته ولكثير من المتابعين والمراقبين نتيجة للتصريحات والمواقف التي صدرت عن "فتح" خلال الفترة الماضية. وأوضح القيادي في "حماس" أنّ القرار الأخير الصادر عن محكمة العدل "يكشف حجم العبث الذي يقوم به الرئيس بالمشهد السياسي الفلسطيني عبر الإعلان عن إجراء الانتخابات وإصدار قرارات بذلك ومن ثم إيقافها عن طريق محكمة العدل العليا"، على حد تعبيره.

وطالب موسى الفصائل الفلسطينية والشخصيات السياسية بضرورة الضغط على الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية لوقف التحكم والتلاعب بالمشهد السياسي الفلسطيني والتوجه نحو التوافق الوطني الداخلي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة. ولم يستبعد القيادي إمكانية تعرض الرئيس لضغوط ونصائح من قبل أطراف متعددة في الإقليم لإصدار قرار بوقف إجراء الانتخابات البلدية خشية من تحقيق "حماس" الفوز على حساب "فتح" فيها.

من جانبه، رأى مدير مركز "أبحاث المستقبل"، إبراهيم المدهون، أنّ قرار محكمة العدل العليا يحمل بعداً سياسياً في ظل الضغوط الكثيرة التي مارستها أطراف داخل "فتح" وبعض الدول العربية لوقف الانتخابات. وقال المدهون لـ"العربي الجديد" إنّ "هناك ضغوطاً كبيرة مارستها قيادات داخل فتح وبعض الدول العربية على الرئيس عباس لوقف إجراء الانتخابات، وتم ذلك عبر قرار محكمة العدل العليا في رام الله بوقف إجرائها تحت ذريعة عدم شمولها لمدينة القدس".





واعتبر أن قرار وقف إجراء الانتخابات يعتبر انتكاسة حقيقية ستلقي ظلالها على المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة وستزيد من حجم الفجوة بين قطاع غزة والسلطة الفلسطينية وستزيد من تعقيدات الموقف في ظل الفشل في إجراء الانتخابات المحلية. ورأى أنّ قرار محكمة العدل العليا جاء بإيعاز من الرئيس عباس لتبرير وقف إجراء الانتخابات البلدية المحلية، مشيراً إلى أنّ الفشل في إجراء الانتخابات ذات التأثير السياسي المحدود في المشهد الفلسطيني سيعقد من إمكانية نجاح إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال المستقبل القريب. وأضاف أن "حماس" أثبتت نجاحها عبر موافقتها على المشاركة في العملية الانتخابية وستكون الرابح الأكبر من قرار التأجيل وستعزز من شرعيتها على المشهد الفلسطيني الداخلي، كونها كانت الفائزة بآخر انتخابات تشريعية جرت قبل 10 سنوات.

واتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، مع سابقه بأن قرار وقف إجراء الانتخابات سيزيد من تعقيدات الأمور وسيعزز من حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة المقبلة وسيساهم في بروز بعض الحلول الإقليمية. وقال شراب لـ"العربي الجديد" إن إجراء الانتخابات المحلية أتى في ظل بيئة غير مهيأة ثقافياً، وسط استمرار الانقسام الفلسطيني، وقرار تأجيله في المرحلة الحالية سيؤدي إلى حفظ ماء الوجه للسلطة الفلسطينية وحركتَي فتح وحماس. وأكد على أن إجراء الانتخابات كان من الممكن أن يقدم خطوات نحو إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام المستمر منذ نحو تسع سنوات، وضياع هذه الفرصة خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني.

وأشار شراب إلى أنّه كان هناك اتفاق مع لجنة الانتخابات المركزية على الاعتراف بالسلطة القضائية بغزة واحترام القرارات التي ستصدر عنها والإشراف على العملية الانتخابية، إلا أن نظر محكمة العدل العليا في دعوى نقابة المحامين بتأجيل الانتخابات كان خاطئاً.

وأضاف أن الخطأ الذي وقعت به محكمة العدل العليا عبر وقف إجراء العملية الانتخابية يتمثل بأن الخطوة جاءت بعد تشكيل القوائم وبدء سير العملية الانتخابية والوصول إلى الخطوات شبه النهائية للإعلان عن القوائم، بالإضافة إلى عدم نظرها في دقة قرارات محاكم البداية وصحتها.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الأمور القانونية قد اختلطت مع السياسية، وهو ما سيزيد من تعقيدات المشهد السياسي الفلسطيني، خصوصاً أن هناك خشية صاحبت إجراء الانتخابات من فوز "حماس" بالانتخابات في الضفة الغربية وأن تكون بديلة عن السلطة الفلسطينية من قبل أطراف إقليمية ومحلية ودولية، على حد قوله.