ألم في تونس... وباريس

16 نوفمبر 2015
استُهدف الأبرياء من دون تمييز (ديفيد راموس/Getty)
+ الخط -
لن تكون الأمور في باريس كما كانت عليها قبل المأساة، سيتعذب مهاجرون كثر، وسيدفعون ثمناً ما لما حصل يوم الجمعة، على الرغم من أنهم ضحايا لـ"داعش" أيضاً في بلدانهم، وعلى الرغم من معاناتهم اليومية بسبب التمييز المتصاعد في كل أرجاء أوروبا... وسيُصبِح الذهاب إلى باريس أثقل وأصعب.

وستزداد المعاناة كما يحصل كل مرة يتسبب فيها جاهل بكارثة ما في أراضٍ لم تعد تحتمل مهاجريها على الرغم من أنهم ساهموا طويلاً في إعمارها، غير أن هذه ليست القضية اليوم، إذ إن التونسيين يتوجسون من أن يدفع أبناؤهم في فرنسا، وعددهم يناهز المليون تقريباً، ثمن ما حصل، تماماً كما بقية الجاليات، على الرغم من أن تونس كانت تعيش في نفس اليوم الجمعة جريمة إرهابية راح ضحيتها راعي غنم وهو طفل لم يتجاوز 16 سنة، وكانت تتوجس من عمليات إرهابية متزامنة تماماً كما حصل في باريس، حتى أن البعض شرع في توقع أن تكون العمليات في سوسة وباريس مخططة لتنفذ في الوقت نفسه.

وبحسب ما وصلنا من معلومات، فإن عدداً من قادة الأحزاب التونسية وقع تحذيرهم، يوم الجمعة أيضاً، من تهديدات تستهدفهم. كما أنّ أغلب قادة حركة النهضة التونسية لم يبيتوا ليلتهم في بيوتهم، وعمّمت الحركة على قياداتها بمغادرة منازلهم، وخصوصاً أولئك الذين لا يتمتعون بحراسة، وهُم كثر.
وكما كان الاٍرهاب في باريس أعمى وضرب أبرياء من دون تمييز، فقد كان كذلك في متحف باردو أو فندق سوسة أو يوم الجمعة حين قُطع رأس الطفل وأرسل به إلى أهله مع طفل راعٍ كان يرافقه... ولذلك سارع الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إلى باريس تماماً كما سارع هولاند إلى تونس، لتتوحّد المأساة ويتوحد الألم، غير أنّ السؤال يبقى، هل تتوحد جهود الحرب، وهل يبقى الغرب القوي متفرجاً على مآسينا التي صنعها بنفسه وزرعها في أراضينا، ينتظر إلى أن تصل الضربة إلى قلبه، فتقضي عليه؟

وفي انتظار الإجابات ستتحفنا مقاربات بعض المثقفين الفرنسيين على مدى الأيام المقبلة بمزيج من سوء الفهم وبعض العنصرية الدفينة وخلاصات متسرعة، تماماً كما حدث من قبل، حين كانت الضربة أقل إيلاماً وقلنا وقتها لعلهم يفهمون هذه المرة... أنهم إن اكتفوا فقط بالفرجة علينا فنتمنى ألا نتفرج عليهم.