ولي العهد السعودي في فرنسا: محاولة تلميع الصورة بعد احتجاز الحريري

08 ابريل 2018
انتقادات حقوقية لبن سلمان بسبب حرب اليمن (بريندن سميالوفسكي/الأناضول)
+ الخط -

تبدأ زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى فرنسا، اليوم الأحد، بـ"لقاء خاص" مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في مدينة إيكس أونبروفانس، قبل أن يستقبله ماكرون، في حفل عشاء رسمي غدا الاثنين، على أن تنتهي الزيارة الثلاثاء بقمة اقتصادية تعقد في مقر وزارة الخارجية، يشرف عليها رجل الأعمال اليهودي ريشارد أيياس، فيما لاتزال قضية احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، و"إجباره" على الاستقالة، حاضرة في الأذهان. 

واسترجعت صحف فرنسية الحديث عن دور الرئيس ماكرون، أثناء زيارته القصيرة للسعودية، في إخراج الحريري من "السجن" السعودي. ووصفت مجلة "شالانج" بداية لقاء المسؤولين حينها بأنها كانت "جليدية"، قبل أن تضيف: "كان ماكرون يضغط من أجل إطلاق سراح سعد الحريري، وكان بن سلمان يضغط حتى تكون فرنسا أكثر تشددا مع إيران. حوار بين الصمّ، لم يَخفّ إلا في النهاية"، حيث حصل ماكرون على "تسريح الحريري"، من خلال "دعوته لزيارة فرنسا". 

وبخصوص هذه الزيارة، تساءل فرانسوا كليمنصو، مسؤول الأخبار في صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، عن سبب بعض الفتور في العلاقات الفرنسية السعودية، قبل أن يستعرض "أعمال" بن سلمان بقوله: "هو الذي شنَّ الحرب في اليمن، وهو الذي دعّم التحالف ضد "داعش" في سورية، ثم هو من أجرى تقاربا مع العراق، ثم رأى نفسه مضطرا للتخفيف من غلوائه في لبنان في مواجهة "حزب الله"".

ويضيف كليمونصو أنه "على الرغم من أن علاقات بن سلمان مع الرئيس الفرنسي تمتاز بالثقة، بسبب ثمرات اللقاءات العديدة التي جمعت وزير الخارجية، جان إيف لودريان، بولي العهد السعودي، إلا أن المواقف ليست دائما متوافقة، خاصة فيما يتعلق بإيران، وهو ما يجعل الأمير السعودي يصرّ في تصريحاته غير العلنية على أنه "يتفق مع ترامب، بخصوص هذا الملف".

ويرى الصحفي الفرنسي أن الرئيس ووزير خارجيته سيبذلان كل جهودهما لتحذير بن سلمان من رغبة الولايات المتحدة بتمزيق الاتفاق مع إيران، بدعم من السعوديين ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو". 

وينقل الصحفي عن مقربين من ولي العهد السعودي اقتناعه بأن "القوة وحدها ما سيرغم الإيرانيين على العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل تحسين النص". 

ويَخلُص الصحفي إلى أن بن سلمان "يتحدث، عن صواب أم عن خطأ، عن مسألة البقاء، بينما تتحدث فرنسا عن التوازن والاستقرار الإقليميَين"، ولهذا تحرص فرنسا على "التحدث إلى الجميع"، وهو "ما لن يؤمّن، بالضرورة، الفعالية المطلوبة".

وتنقل صحيفة "شالانج" الفرنسية عن جان- بيير مولني، المدير المساعد لمعهد الأبحاث "إيريس"، قوله: "يريد الرئيس ماكرون الحفاظ على خطاب أكثر توازناً، مع السعودية التي تظلّ شريكا كبيرا، كما يريد وضع حدّ للانحياز المنتظم إلى مواقفها".

وإذا كانت الصفقات الاقتصادية ستحضر، خاصة مع رغبة سعودية جارفة في رؤية استثمارات فرنسية وازنة في السعودية، تتراجع أولويات الصفقات العسكرية، إذ إن الكثير منها يجب أن ينتظر بعض الوقت، بسبب السجال الحالي في فرنسا حول استخدام السعودية لأسلحة فرنسية ضد مدنيين في اليمن.  

وإذا كانت المجلة الفرنسية الاقتصادية تحدثت عن القرارات والتغييرات التي قام بها ولي العهد السعودي، إلا أنها تحدثت، أيضا، عن "أمراء سعوديين بدأوا يسخرون من "الولد"، الذي استطاع التحكم في فروع الأجهزة الأمنية الثلاثة". وترى المجلة الفرنسية أن بن سلمان، ورغم الجانب الإصلاحي الذي يريد أن يظهر عليه، "هو بصدد تحويل السعودية إلى ملكية مطلقة حقيقية"، كما أن مبادراته  كشفت عن أنها "مُزعزِعَة".

انتهاك حقوق الإنسان 

وإذا كانت فرنسا البراغماتية ستفرش السجاد الأحمر لولي العهد السعودي، إلا أن منظمات حقوقية انتقدت مجيئه، وهو ما عبرت عنه بشكل خاص منظمة "هيومن رايتس واتش"، في بيان وقّعه مديرها المساعد، فيليب دولوبيون، إذ أكد أن "بن سلمان يستحق العقوبات، وليس السجاد الأحمر". 

وانتقد دولوبيون بن سلمان الذي "يحضر بشيكاته وبصفقات ممكنة مربحة".

وبعد مقارنة بسيطة في عُمريِ المسؤوليْن، ماكرون وولي العهد السعودي، يقول البيان، إن "المقارنة تتوقف هنا. فخلف صورة المصلح الجريء تختفي حقيقة مظلمة: حقيقة مسؤول له يدٌ من حديد. وعلى الرغم من إصلاحات الواجهة، فقد أغرق بلده في قمع متزايد. وقاد بلده، منذ ثلاث سنوات، في تدخل عسكري قاسٍ تلطّخه جرائم حرب". 

ولسوء حظ الأمير الشاب، فإنه "توجد انتهاكات لن تستطيع أفضل وكالات الاتصال أن تخفيها"، و"باعتباره وزيرا للدفاع في بلده، فهو يلعب دورا مركزيا في حرب تسببت في مقتل 6100 مدني وجرح 9683 يمنيا".

وانتقد البيان، أيضا، موقف فرنسا، ثالث مصدر للسلاح في العالم، التي باعت أسلحة للمملكة. وطالب بحظر للأسلحة إلى هذا البلدن مذكّرا بما توصلت إليه منظمة العفو الدولية و"المنظمة المسيحية من أجل إلغاء التعذيب" من أن "مبيعات الأسلحة غير قانونية على الأرجح، في نظر القانون الدولي حول تجارة السلاح".    

ثم يرسم البيان وضعا قاتما لحقوق الإنسان في المملكة، لم يَسلم منه حتى الأمراء في سجن ريتزر كارلتون، حيث تم إسعاف 17 منهم بسبب تعرضهم للتعذيب، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".   



وختم البيان دعوته الرئيس الفرنسي إلى مصارحة ضيفه بأن "فرنسا لن تواصل بيع السلاح ما دام التحالف العربي يواصل انتهاكاته للقانون الدولي".