عوائق برلمانية وسياسية أمام المساعي لزيادة ولاية السيسي الرئاسية

14 مايو 2016
يحتاج التعديل إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت المؤسسة المصرية لحماية الدستور، التي يترأسها عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014، تحركات لمواجهة محاولات إدخال تعديلات على نصوص الدستور تصب في صالح النظام السياسي الحالي وتزيد صلاحياته. ويقول مصدر في الحملة، التي تضم عدداً من السياسيين والمثقفين، إن الحملة ستدعو إلى حلقة نقاشية لمناقشة الدعوات، التي يروجها البعض، لتعديل دستور 2014 الذي تم إقراره باستفتاء شعبي بنسبة 98.1 في المائة، مضيفاً: "نحن لا نروّج إلى أن نصوص الدستور مقدسة، ولكن في المقام الأول يجب أن يتحقق أمران في غاية الأهمية حتى نحكم بأن الدستور فيه ثغرات تحتاج إلى تعديل". ويوضح أن "هاتين النقطتين تتمثلان في ضرورة تنفيذ وتفعيل مواد الدستور أولاً، والثانية إثبات أن هناك ثغرات حقيقية في النصوص الموجودة بالفعل، وهو ما لم يتضح حتى الآن في حديث مروّجي التعديلات".
ويلفت المصدر إلى "أننا بصدد إعداد مذكرة بأهم القوانين والنصوص الدستورية، التي لم يتم تفعيلها منذ إقرار دستور 2014، الذي شارك في الاستفتاء عليه 20 مليون مواطن"، مشيراً إلى أنه "سيتم الإعلان عن هذه الخطوة في مؤتمر صحافي عالمي ستدعى إليه كافة وسائل الإعلام بحضور رئيس لجنة الخمسين، عمرو موسى، لمواجهة الحرب الشرسة لتشويه الدستور، وواضعيه".
وتضم المؤسسة المصرية لحماية الدستور، التي تم إشهارها رسمياً الثلاثاء بعد 60 يوماً من بيانها التأسيسي، معظم رموز معسكر 30 يونيو، وفي مقدمتهم عبد الجليل مصطفى، عضو الحملة الرئاسية السابق للسيسي، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو الشوبكي، ومجدي يعقوب، والأديب بهاء طاهر، وأستاذ فلسفة القانون في جامعة الزقازيق، محمد نور فرحات، ووزير الخارجية السابق، نبيل فهمي، وعضو لجنة الخمسين، محمد أبو الغار، وهدى الصدة، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، زياد بهاء الدين، ونقيب الصحافيين، يحيى قلاش، والدكتور مصطفى كامل السيد، ورئيسة المنتدى الاستشاري للتنمية الاقتصادية برئاسة الجمهورية، عبلة عبد اللطيف، والكاتب الصحافي، عبد الله السناوي، ومحمد عبد العزيز، أحد مؤسسي حركة تمرد.
وكانت مصادر قد كشفت، لـ"العربي الجديد، عن أن دوائر قانونية وتشريعية مقرّبة من مؤسسة الرئاسة المصرية، بدأت تحركات لتجهيز تعديلات على عدد من مواد الدستور المصري، أهمها زيادة مدة ولاية الرئيس لست سنوات بدلاً من أربع في الوقت الراهن، لطرحها على البرلمان خلال الفصل التشريعي لمجلس النواب في سبتمبر/أيلول المقبل، وذلك بعدما أشارت أجهزة سيادية على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بضرورة استغلال الفترة الحالية، في ظل انشغال الرأي العام بقضايا فرعية أخرى.
وما بين التأييد الحذر والرفض، تباينت رؤى أعضاء الكتل الرئيسية في مجلس النواب المصري، بشأن السعي لزيادة المدة الرئاسية إلى ست سنوات. وتنص المادة 226 من الدستور على أنه "لرئيس الجمهورية، أو لخمسة أعضاء من مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد ‫الدستور. ويصدر البرلمان قراره بقبول طلب التعديل بأغلبية أعضائه، فإذا وافق على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة".
ويقول الرئيس المؤقت لائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، سعد الجمال، إن زيادة الفترة الرئاسية لم تُطرح للمناقشة بعد بين أعضاء الائتلاف، وإن تعديل الدستور ليس على أولوياته خلال الفصل التشريعي الحالي، وإنه قد يطرح للمناقشة على أجندة الائتلاف للفصل التشريعي المقبل، عقب استقرار مجلس النواب، وانتهائه من التزاماته الدستورية.
ويكشف الجمال، في تصريح خاص، عن أن تعديل المدة الرئاسية قد طرح خلال إحدى الاجتماعات المصغرة في أثناء تولي لواء الاستخبارات الراحل، سامح سيف اليزل، مسؤولية الائتلاف، في وجود عدد محدود من قياداته، وأيّد أغلبهم حينها تعديل الدستور، فيما تحفّظ آخرون، أقل عدداً، على التوقيت، وليس مبدأ التعديل، بحد قوله.
ويرى الجمال أن واضعي الدستور أخطأوا حين نصّوا على مدة رئاسية أقل من مجلس النواب (خمس سنوات)، إذ لا يُنكر الائتلاف أنه ظهير سياسي للسيسي، وداعم لحكومته، وأن تساوي الفترتين قد يكون أفضل للتناغم بين مؤسسات الدولة، في ظل ما تواجهه البلاد من ظروف اقتصادية صعبة، تتطلب مزيداً من الاستقرار.


إشكالية الثلثين
نصّت المادة 226 من الدستور أيضاً على أنه "إذا وافق على طلب تعديل الدستور ثلثا عدد أعضاء البرلمان، عُرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً. وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات".
ويواجه ائتلاف "دعم مصر" أزمة "الثلثين"، بعد أن كشف إشهاره الرسمي هذا الأسبوع عن عضويته لـ315 نائباً من إجمالي 595 عضواً للمجلس، في حين تتطلب أغلبية الثلثين الوصول إلى 397 نائباً، ما يستدعي دعم أحد الأحزاب الكبيرة لموقف الائتلاف، حال تبنيه (أو طرحه) طلب التعديل، وفي مقدمة هذه الأحزاب حزب المصريين الأحرار (65 مقعداً)، أو حزب الوفد (41 مقعداً).
ويقول النائب عن حزب المصريين الأحرار، أيمن أبو العلا، إن الدساتير تُكتب لعقود من الزمان، وليس للتعديل والتغيير كل عامين أو ثلاثة، معتبراً أية مطالب لتعديل الدستور "التفافاً على إرادة الشعب الذي وافق على دستور 2014 بنسبة تصل إلى 98 في المائة". وأضاف أبو العلا في تصريح خاص، أن دول العالم المتحضر تتجه إلى خفض الفترة الرئاسية لا إلى زيادتها، كما أن الاستفتاء الشعبي قد يخلق مزيداً من الانقسام داخل المجتمع في ظل ما يعانيه من أزمات، فضلاً عن أنه سيرهق الدولة بمئات الملايين من الجنيهات التي تحتاجها لسد العجز في موازنتها.
من جهته، يؤكد المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب الوفد، محمد فؤاد، أن تعديل الدستور، وزيادة المدة الرئاسية "ليس على أجندة الحزب، أو ضمن أولوياته خلال الفصلين التشريعيين الحالي والمقبل"، مشيراً إلى أن التشريعات المكمّلة للدستور أولى من تعديله، خصوصاً المتعلقة بمجالات الصحة والتعليم والمحليات. ويشير فؤاد إلى أن حزبه يولي أهمية للانتهاء من قوانين العدالة الانتقالية، ودور العبادة الموحد، والخدمة المدنية، والإدارة المحلية، لكونها "استحقاقات دستورية" لا تحتمل التأخير، وأن "لكل حادث حديثاً"، فإذا طُرح طلب لتعديل الدستور، وتضمن زيادة المدة الرئاسية، سيناقشه الحزب من خلال هيئتيه البرلمانية، والعليا، قبل اتخاذ موقف نهائي.

4 سنوات كافية للحكم
من المتوقع أن يواجَه مطلب تعديل الدستور رفض نواب تكتل "25-30" الأقرب إلى اليسار المعارض، فضلاً عن أعداد من المستقلين، الذين يرون أولوية في تفعيل مواد الدستور أولاً قبل تعديله.

وفي هذا السياق، يعتبر عضو التكتل، هيثم الحريري، أن الدستور الحالي من أفضل الدساتير التي كُتبت في تاريخ البلاد، ولا يعيبه عدم تفعيل مواده، أو التزام السلطة التنفيذية بتنفيذ استحقاقاته، لافتاً إلى أهمية ضغط البرلمان على الحكومة، لتطبيق مواد الدستور بشكل سليم حتى يمكن الحكم عليه قبل طرح تعديله. ويرى الحريري أن السنوات الأربع مدة كافية للحكم على أداء رئيس الجمهورية، ومُطبقة بشكل ناجح في كثير من الدول، كما أنها كافية لتكوين المواطن صورة شاملة عن أداء الرئيس وحكومته، مستدركاً بأن السلطة الحالية، شأن سابقاتها، "لم يصل إليها بعد مفهوم تداول السلطة، أو القبول برئيس سابق بعد انتهاء مدته"، حسب قوله.

المساهمون