جنيف: كل يغني على ليلاه

26 مارس 2017
تسعى المعارضة لإيصال رؤيتها للعالم (العربي الجديد)
+ الخط -
في ظل غياب الإرادة الدولية عن تحقيق أي تقدّم في طريق الحل السياسي في سورية، بالتزامن مع إرادة ضاغطة لعقد مفاوضات تحت شعار الحل السياسي من دون الوصول إلى مخرجات تؤدي إليه، تسعى كل الأطراف المتصارعة في سورية من خلال اجتماعات جنيف 5، بمن فيها الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا، لتحقيق أهداف خاصة بها لا علاقة لها بهدف تلك الاجتماعات. فالنظام يذهب إلى مفاوضات نصّ بيانها الأول على استبداله بهيئة حكم انتقالي، وهو بالتأكيد لا يجد أن تلك المفاوضات هي مصلحة له، ولكنه يذهب إليها لإدراكه أن لا إرادة دولية حالياً للوصول إلى حل، ولكي لا يبدو بمظهر الخارج عن الإرادة الدولية بعقد جنيف. وبالتالي تنحصر مهمته في ذلك المحفل الدولي بإغراق المفاوضات بتفاصيل لا علاقة لها بعملية التحوّل السياسي، واللعب على موضوع الإرهاب، ومحاولة إرجاع المفاوضات إلى نقطة الصفر، وإفراغها من مضمونها.

أما المعارضة التي راهنت على أمنية تحقيق حل سياسي وفق بيان جنيف واحد، فيبدو أنها أدركت أن الوصول لهذا الحل لا يزال بعيد التحقق، مع وصولها لجنيف 5، فصار ذهابها إلى المفاوضات عدا عن كونه يضعها ضمن سياق الإرادة الدولية، إلا أنه ربما يمكّنها من أن تستثمر وجود عدد كبير من الإعلاميين من جميع أنحاء العالم وتسليط الضوء دولياً على تلك المفاوضات، في إيصال رؤيتها للرأي العام العالمي، وفضح جرائم وممارسات النظام أمام أكبر حشد إعلامي يمكن أن ينقل وجهة نظرها ويفضح الطرف الآخر. أما الأحزاب والتنظيمات التي لها توجّهات خاصة بها لا علاقة لها بالثورة، فهي تجد في جنيف فرصة لتثبيت نفسها كطرف في الحل السياسي المقبل حين تتوفر الإرادة الدولية لتحقيقه، فنجد أن هدفها ينصب على السعي لإثبات الحضور ولو بصفة استشارية.

وحتى ستيفان دي ميستورا فيبدو أن جل جهده ينحصر في إثبات تحقيق تقدّم صوري في مسارات المفاوضات من أجل ضمان تمديد لمهمته، لتتحوّل جنيف من منصة مفاوضات إلى منتدى لطرح الأفكار أمام الرأي العام، بطريقة تصلح لأن تتحوّل تلك المفاوضات إلى فكرة برنامج تلفزيوني من مئات الحلقات.
المساهمون