مضاعفات عملية جراحية وراء تغيب السيسي لأيام

03 فبراير 2020
غاب السيسي 3 أيام في الأسبوع الماضي(Getty)
+ الخط -
عاود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نشاطه أول من أمس السبت (1 فبراير/شباط) عبر استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك بعد غياب عن المشهد استمر منذ آخر ظهور له أعلن عنه يوم الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني الماضي، عندما نشرت رئاسة الجمهورية صوراً للسيسي في أثناء استقباله لغادة والي، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات والمدير العام للأمم المتحدة في فيينا، فضلاً عن نشرها صوراً للقاء جمعه برئيس مجلس إدارة مؤسسة "زيمبر أوبرنبال" بمدينة دريسدن الألمانية، هانز يواخيم، الذي منحه وسام "سان جورج" الألماني الذي اعتذرت المؤسسة عن منحه للسيسي في وقت لاحق. والتقى الرئيس المصري في اليوم نفسه وزير الدولة للإنتاج الحربي محمد العصار.

وأثار غياب السيسي عن الظهور في الأيام السابقة للقاء الرئيس الفلسطيني بقصر الاتحادية تساؤلات عدة، خصوصاً أن الرئيس المصري لم يختف كل هذه الفترة قبل ذلك. وازدادت الشكوك خصوصاً بعد غيابه عن مؤتمر الأزهر الذي عقد يومي 27 و28 يناير/كانون الثاني الماضي، على الرغم من استعداده للحضور وإلقاء كلمة فيه.

في السياق، كشفت  مصادر مصرية وأخرى دبلوماسية غربية، لـ"العربي الجديد" أن السيسي كان قد أجرى عملية جراحية في الأمعاء يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي بعد حضوره احتفال أكاديمية الشرطة مباشرة. وبحسب المصادر، فإنه على ما يبدو كان المسؤولون في الرئاسة يعتقدون أن السيسي سيتعافى خلال مدة قصيرة، وعلى أساس ذلك تم الترتيب لحضوره مؤتمر الأزهر، لكن اتضح بعد ذلك أن هناك مضاعفات للجراحة، وأنها تستدعي وقتاً أطول للتعافي. وبحسب المصادر فإن العملية الجراحية التي أجراها السيسي كانت "بسيطة" وخرج بعدها متعافياً، لكن الحالة تعقدت وساءت بعد ذلك، ما أدى إلى إجراء تغييرات على جدول أعماله في آخر لحظة.

وأضافت المصادر أن السيسي كان مستعداً لمؤتمر الأزهر الذي تم ‎تحت رعايته، وطلبت الرئاسة أوراقاً معيّنة لطرحها في المؤتمر، الذي جاء تحت عنوان "مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي". وكما هو معتاد في الفعاليات التي يحضرها الرئيس المصري طُلب من المدعوين الحضور مبكراً في الساعة السابعة صباحاً واحتُجزوا في القاعة كنوع من إجراءات التأمين. وبالفعل حضر الجميع في الموعد المحدد إلى مركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر الذي تسلّمه الحرس الجمهوري وأمن رئاسة الجمهورية كالعادة قبل الحدث بيوم، وقام بتفتيش الحضور قبل دخولهم القاعة. وبينما انتظر الجميع حضور السيسي إلى مقر انعقاد المؤتمر حسبما هو معروف، لا سيما أن المؤتمر عُقد على مدار يومين بالقاهرة تحت رعايته، إلا أنه لم يحضر، ثم انسحب أفراد الحرس الجمهوري بهدوء في الساعة 11 صباحاً فيما ألقى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي كلمة نيابة عن السيسي.



وتلقى مندوبو الصحف المختلفة في رئاسة الجمهورية من الذين حضروا اليوم الأول من المؤتمر تعليمات بعدم الإشارة إلى غياب الرئيس عن المؤتمر، كما تم إبلاغ رؤساء التحرير في المواقع والصحف والقنوات التليفزيونية بالأمر نفسه. وهو ما أكده أكثر من مصدر صحافي وإعلامي لـ"العربي الجديد"، كما حُذف خبر مشاركة الرئيس في المؤتمر بعد نشره على وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية "أ ش أ". وقال أحد المسؤولين عن تنظيم مؤتمر الأزهر الشريف لـ"العربي الجديد"، إن غياب الرئيس السيسي عن المؤتمر "يرجح أنه لأسباب صحية" على حد علمه، مضيفاً أن السيسي غاب عن مناسبات أخرى منها توزيع التعويضات على أهالي النوبة وتكريم المحافظين السابقين.

وبحسب المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد" فإنه منذ غياب الرئيس بسبب حالته الصحية تم تكليف مدبولي رسمياً بمهام رئيس الجمهورية، إذ تنصّ المادة (160) من الدستور المصري على أنه "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله رئيس مجلس الوزراء". وحضر مدبولي في 25 يناير الماضي الاحتفالية الكبرى لصرف تعويضات أهالي النوبة ممّن تضرروا من خزان أسوان وإنشاء السد العالي ولم يتم تعويضهم، وحملت الاحتفالية عنوان "الوفاء بالوعد"، في غياب السيسي.

أما في 27 يناير الماضي، فقد كرَّم مدبولي، المحافظين السابقين، الذين شملتهم حركة المحافظين التي تم إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك في حفل أقيم بهذه المناسبة. وغاب السيسي قبل أيام عن لقاء قائد القيادة المركزية الأميركية الفريق أول كينيث ماكينزي والوفد المرافق له، الذي كان يزور مصر، فاكتفى المسؤول العسكري الأميركي بلقاء وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، حسبما ذكرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة على موقع "فيسبوك". وفي 28 يناير، تاريخ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن" (خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية)، فكشفت مصادر من داخل التلفزيون المصري لـ"العربي الجديد" أنه سادت حالة من الارتباك بسبب عدم ورود تعليمات بشأن التوجه في تناول الموضوع، خصوصاً مع تأخر إعلان الموقف الرسمي المصري. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن المخابرات أرسلت تعليمات مكتوبة لرؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة، تحتوي على بعض المحاذير في تغطية "صفقة القرن" وأبرزها عدم ذكر ذلك المصطلح والاستعاضة عنه بـ"الخطة الأميركية".

وفي 29 يناير أعلنت رئاسة الجمهورية عن اتصال هاتفي تلقاه السيسي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تناول "تبادل وجهات النظر بشأن آخر تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط بعد الإعلان عن الرؤية الأميركية في هذا الإطار". كما أعلنت الرئاسة في اليوم نفسه عن اتصال آخر تلقاه السيسي من رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، تم التباحث خلاله بعدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها سبل تعزيز التعاون بين الجانبين على كافة الأصعدة، وجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.