على الرغم من أن مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء هورست كولر حدد يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي آخر موعد لتلقي مواقف أطراف النزاع في الصحراء، خصوصاً المغرب وجبهة البوليساريو، بشأن الجلوس على طاولة المفاوضات، إلا أن تمسك هذه الأطراف بمواقفها المسبقة يبدو أنه سيجهض أي مفاوضات مرتقبة في هذا الملف.
ولم يُبدِ المغرب بعد أي موقف رسمي بشأن دعوة كولر أطراف نزاع الصحراء للجلوس إلى طاولة المحادثات في جنيف يومي 4 و5 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بهدف إحياء عجلة المفاوضات المجمّدة منذ ما يزيد عن 6 أعوام، لكن مراقبين يرون أن الرباط تتمسك بمقترح الحكم الذاتي وتراه أعلى سقف يمكن تقديمه لحل النزاع، ومن دونه لا يمكن لأي مفاوضات أن تسفر عن نتائج ناجعة. أما جبهة البوليساريو فرحبت بطلب كولر إجراء مفاوضات، واعتبرت أن "هذه المباحثات ستكون انطلاقة جدية، لأن المجتمع الدولي يقف على حقيقة أن استمرار الوضع القائم أصبح مستحيلاً، كما أن مجلس الأمن في قراره رقم 2414 قرر تقليص ولاية المينورسو (البعثة الأممية في الصحراء) من سنة إلى ستة أشهر".
ورأى المستشار الدبلوماسي المغربي، الخبير في ملف الصحراء، سمير بنيس، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التطبيل الذي قامت به الآلة الإعلامية للبوليساريو لطلب المبعوث الأممي من أطراف النزاع المشاركة في المفاوضات، مغالطة هدفها تمويه الرأي العام في مخيمات تندوف بأن قيادة البوليساريو قد حققت اختراقاً دبلوماسياً، غير أن الواقع مختلف تماماً". وشرح بنيس أن المبعوث الأممي وجّه الدعوة لكل من المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا من أجل المشاركة في اللقاء المرتقب إجراؤه في جنيف، مضيفاً أنه "في السابق كانت الجزائر تحضر اللقاءات التي عقدها المبعوثون السابقون للأمين العام بصفة مراقب، لكن في اللقاءات المقبلة لا تزال مجهولة الصفة التي ستشارك بها". وتابع "اللقاء الذي دعا إليه كولر لن يكون عبارة عن مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو، كما لن يتطرق لأي أمور جوهرية، بل سيكون عبارة عن طاولة مستديرة ستشارك فيها كذلك الجزائر وموريتانيا، وسيحاول من خلاله المبعوث الأممي تحديد الإطار الذي سيتم البناء عليه من أجل إجراء مفاوضات مباشرة في المستقبل".
واعتبر أنه "بغض النظر عن الصيغة التي سيتم من خلالها عقد الطاولة المستديرة التي دعا إليها المبعوث الأممي، فإن النقطة المهمة التي ستحدد نتيجة المباحثات وما إذا كانت ستساعد على تمهيد الطريق لتحقيق تقدّم جوهري نحو التوصل إلى حل سياسي، هي ما إذا كانت الأمم المتحدة مستعدة للتجاوب مع الطلب الرئيسي للمغرب، والمتمثل في الإقرار بأن الجزائر لا تُعتبر طرفاً مراقباً في النزاع بل طرفاً رئيسياً فيه".
وأضاف المستشار الدبلوماسي أن "الأمم المتحدة تعلم أن الجزائر هي التي تدعم البوليساريو مادياً وسياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً، ولولا الدعم الذي تقدّمه الجزائر لهذا الكيان، لما طال أمد نزاع الصحراء لأكثر من أربعين سنة"، متابعاً "إذا كانت الجزائر تُعتبر طرفاً مراقباً في النزاع وليست طرفاً مباشراً، فكيف يمكن تفسير رفضها قيام المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين بإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف؟".
اقــرأ أيضاً
واستبعد بنيس أن يتم تحقيق أي شيء يُذكر في العملية السياسية "ما دامت الأمم المتحدة مستمرة في تبنّي الوصفة نفسها التي ظهر فشلها منذ عشر سنوات"، مشيراً إلى أن "ما يجعل فرضية قبول المغرب بالجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة مع البوليساريو أمراً مستبعداً هو أن الرباط تتهم الجبهة بالتواطؤ مع حزب الله وإيران بمباركة من الجزائر في تنفيذ مخططات تستهدف النيل من استقرار المغرب ولتوسيع النفوذ الإيراني في شمال أفريقيا". ورأى أن "رضوخ المغرب لطلب الأمم المتحدة وقبوله الدخول في مفاوضات مباشرة مع البوليساريو سيعطي إشارات إلى أن الرباط لم تكن جادة في الاتهامات التي وجّهتها للبوليساريو من أجل تشويه سمعتها، وأن تلك الاتهامات لم تكن مبنية على حقائق مؤكدة على الأرض". واستطرد "المغرب ليس مستعداً لوضع نفسه في هذه الوضعية وتقويض مصداقيته، بل أظن أنه سيتشبث بموقفه الثابت بخصوص البوليساريو والإطار السياسي للمفاوضات"، متوقعاً أنه "حتى إن حضر المغرب هذا اللقاء للتجاوب مع قرار مجلس الأمن 2414 وإبداء حسن نيّته في التوصل لحل سياسي، فإن حضوره الدبلوماسي لن يكون على أعلى مستوى، وسيستغل الفرصة مرة أخرى لتأكيد موقفه الثابت بخصوص صيغة المفاوضات، وضرورة إشراك الجزائر".
من جهته، اعتبر مدير مركز "إفريقيا ميد" للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، أن "المبعوث الأممي كولر فسر قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2414 تفسيراً حرفياً، ونظر إلى النزاع نظرة تقليدية، أي كما هو مقيّد في أدبيات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن النزاع حول الصحراء منحصر بين المغرب والبوليساريو، وأن الجزائر وموريتانيا أطراف تحضر المفاوضات بحكم الجوار الجغرافي". وشدد الفاتحي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على أنه "بعد توجيه الدعوات إلى أطراف النزاع، لن يكون بوسع المغرب إلا التعاطي الإيجابي معها"، موضحاً أن "تجاهل كولر لمطلب المغرب دعوة الجزائر كطرف مباشر، وكذلك من دون التوافق على شكل ومعايير المفاوضات، من شأنه جعل أفق المفاوضات مسدوداً".
ورأى أن "الدعوة إلى هذه المفاوضات لم تؤسس لبيئة تسمح بنجاحها في ظل انعدام الثقة، بسبب تواصل انتهاك جبهة البوليساريو للاتفاق العسكري رقم 1 والذي تشرف عليه الأمم المتحدة منذ 1991، وكذلك بسبب تنظيم الجزائر لعدد من المناورات العسكرية الضخمة على الحدود مع المغرب وباستعمال الذخيرة الحية"، معتبراً أن "كل هذه الأسباب تجعل استعجال كولر بالدعوة إلى المفاوضات من دون ضبط شكلها ومعاييرها يفقدها النجاعة المرجوّة، ويزيد من تعقيد الملف وتعطيل التوافق على حل سياسي".
ولفت الفاتحي إلى أنه "يمكن لكولر أن يجعل من لقاء جنيف لقاء تمهيدياً للتوافق على شكل ومعايير المفاوضات، لا سيما أن المغرب لا يمكنه الوثوق في طرف غير مستقل ويهدد بالحرب بين الفينة والأخرى، ولا ينصاع لقرارات الشرعية الدولية، وفاقد لشرعية تمثيل سكان الصحراء".
ولم يُبدِ المغرب بعد أي موقف رسمي بشأن دعوة كولر أطراف نزاع الصحراء للجلوس إلى طاولة المحادثات في جنيف يومي 4 و5 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بهدف إحياء عجلة المفاوضات المجمّدة منذ ما يزيد عن 6 أعوام، لكن مراقبين يرون أن الرباط تتمسك بمقترح الحكم الذاتي وتراه أعلى سقف يمكن تقديمه لحل النزاع، ومن دونه لا يمكن لأي مفاوضات أن تسفر عن نتائج ناجعة. أما جبهة البوليساريو فرحبت بطلب كولر إجراء مفاوضات، واعتبرت أن "هذه المباحثات ستكون انطلاقة جدية، لأن المجتمع الدولي يقف على حقيقة أن استمرار الوضع القائم أصبح مستحيلاً، كما أن مجلس الأمن في قراره رقم 2414 قرر تقليص ولاية المينورسو (البعثة الأممية في الصحراء) من سنة إلى ستة أشهر".
واعتبر أنه "بغض النظر عن الصيغة التي سيتم من خلالها عقد الطاولة المستديرة التي دعا إليها المبعوث الأممي، فإن النقطة المهمة التي ستحدد نتيجة المباحثات وما إذا كانت ستساعد على تمهيد الطريق لتحقيق تقدّم جوهري نحو التوصل إلى حل سياسي، هي ما إذا كانت الأمم المتحدة مستعدة للتجاوب مع الطلب الرئيسي للمغرب، والمتمثل في الإقرار بأن الجزائر لا تُعتبر طرفاً مراقباً في النزاع بل طرفاً رئيسياً فيه".
وأضاف المستشار الدبلوماسي أن "الأمم المتحدة تعلم أن الجزائر هي التي تدعم البوليساريو مادياً وسياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً، ولولا الدعم الذي تقدّمه الجزائر لهذا الكيان، لما طال أمد نزاع الصحراء لأكثر من أربعين سنة"، متابعاً "إذا كانت الجزائر تُعتبر طرفاً مراقباً في النزاع وليست طرفاً مباشراً، فكيف يمكن تفسير رفضها قيام المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين بإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف؟".
واستبعد بنيس أن يتم تحقيق أي شيء يُذكر في العملية السياسية "ما دامت الأمم المتحدة مستمرة في تبنّي الوصفة نفسها التي ظهر فشلها منذ عشر سنوات"، مشيراً إلى أن "ما يجعل فرضية قبول المغرب بالجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة مع البوليساريو أمراً مستبعداً هو أن الرباط تتهم الجبهة بالتواطؤ مع حزب الله وإيران بمباركة من الجزائر في تنفيذ مخططات تستهدف النيل من استقرار المغرب ولتوسيع النفوذ الإيراني في شمال أفريقيا". ورأى أن "رضوخ المغرب لطلب الأمم المتحدة وقبوله الدخول في مفاوضات مباشرة مع البوليساريو سيعطي إشارات إلى أن الرباط لم تكن جادة في الاتهامات التي وجّهتها للبوليساريو من أجل تشويه سمعتها، وأن تلك الاتهامات لم تكن مبنية على حقائق مؤكدة على الأرض". واستطرد "المغرب ليس مستعداً لوضع نفسه في هذه الوضعية وتقويض مصداقيته، بل أظن أنه سيتشبث بموقفه الثابت بخصوص البوليساريو والإطار السياسي للمفاوضات"، متوقعاً أنه "حتى إن حضر المغرب هذا اللقاء للتجاوب مع قرار مجلس الأمن 2414 وإبداء حسن نيّته في التوصل لحل سياسي، فإن حضوره الدبلوماسي لن يكون على أعلى مستوى، وسيستغل الفرصة مرة أخرى لتأكيد موقفه الثابت بخصوص صيغة المفاوضات، وضرورة إشراك الجزائر".
ورأى أن "الدعوة إلى هذه المفاوضات لم تؤسس لبيئة تسمح بنجاحها في ظل انعدام الثقة، بسبب تواصل انتهاك جبهة البوليساريو للاتفاق العسكري رقم 1 والذي تشرف عليه الأمم المتحدة منذ 1991، وكذلك بسبب تنظيم الجزائر لعدد من المناورات العسكرية الضخمة على الحدود مع المغرب وباستعمال الذخيرة الحية"، معتبراً أن "كل هذه الأسباب تجعل استعجال كولر بالدعوة إلى المفاوضات من دون ضبط شكلها ومعاييرها يفقدها النجاعة المرجوّة، ويزيد من تعقيد الملف وتعطيل التوافق على حل سياسي".
ولفت الفاتحي إلى أنه "يمكن لكولر أن يجعل من لقاء جنيف لقاء تمهيدياً للتوافق على شكل ومعايير المفاوضات، لا سيما أن المغرب لا يمكنه الوثوق في طرف غير مستقل ويهدد بالحرب بين الفينة والأخرى، ولا ينصاع لقرارات الشرعية الدولية، وفاقد لشرعية تمثيل سكان الصحراء".