وسط التظاهرات والدعوات لانفصال كتالونيا عن إسبانيا، شهدت مدينة برشلونة، تظاهرة مضادة نظمها من وصفوا أنفسهم بـ"الأغلبية الصامتة"، وذلك بعد أسبوع على استفتاء شهد أعمال عنف من قبل رجال الشرطة، في وقت هدد رئيس الحكومة بتعليق الحكم الذاتي للإقليم.
تحت شعار "كفى! لنتعقل"، يتم تنظيم تجمّع، اليوم الأحد، بدعم من الشخصيات والأحزاب السياسية المعارضة للاستقلال. ويعتبر المتظاهرون أنفسهم "أغلبية صامتة" لم يتم الأخذ برأيها، منذ أن نظّمت السلطات الانفصالية الاقتراع.
ويهدّد الانفصاليون الذين يؤكدون أنّهم حصلوا على تأييد 90.18% من الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء، الأحد الماضي، بإعلان استقلال المنطقة في الأيام المقبلة.
وقال أليخاندرو ماركوس، البالغ من العمر 44 عاماً، وجاء من بادالونا ضاحية برشلونة "لا نريد استقلالاً، إننا صامتون منذ فترة طويلة".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنّ أغلبية الكتالونيين يريدون استفتاء حسب الأصول، لكن أكثر من نصفهم بقليل يعارضون الانفصال.
وتبدو الأزمة بين حكومة ماريانو راخوي، والسلطات الانفصالية، في طريق مسدود حالياً، فبينما يريد الرئيس الانفصالي كارليس بيغديمونت، "وساطة دولية"، يعتبر راخوي أنّه من غير الوارد الدخول في أي حوار ما لم يتراجع القادة الانفصاليون في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، عن نيتهم في إعلان الاستقلال.
وقال رئيس الحكومة المحافظ، لصحيفة "إل بايس" اليومية، اليوم الأحد، إنّ "ما أريده هو سحب التهديد بالاستقلال في أسرع وقت ممكن"، مضيفاً أنّه "لا يمكننا بناء شيء إذا لم يختف التهديد للوحدة الوطنية".
وتدفق المئات، ظهر الأحد، إلى برشلونة، قادمين من المناطق الإسبانية الأخرى، بما في ذلك من مدريد، بعدما شارك عشرات آلاف الإسبان، أمس السبت، في تظاهرتين؛ دعت الأولى إلى "وحدة إسبانيا"، والثانية إلى "الحوار" بين الكتالونيين وبقية البلاد.
ويدعم تظاهرة اليوم الأحد، الحزب المحافظ الذي يقوده راخوي، والحزب الاشتراكي الكتالوني وحزب المواطنين، أكبر قوة معارضة للاستقلاليين في كتالونيا.
وبين الشخصيات التي تدعم تجمّع اليوم الأحد، تلكاتب ماريو فارغاس ليوسا، الحائز على "نوبل" للأدب، والذي يحمل الجنسيتين الكوبية والبيروفية، ويصف النزعة الانفصالية بأنّها "مرض".
راخوي: "لا أستبعد شيئاً"
وتزامناً مع هذه التطورات في كتالونيا، لوّح راخوي بتعليق الحكم الذاتي للمنطقة، وهو إجراء لم يُطبّق يوماً ما في المملكة البرلمانية التي تتمتع بنظام حكم لا مركزي. ويمكن لقرار من هذا النوع أن يسبّب اضطرابات في الإقليم.
وردّاً على سؤال، حول تطبيق المادة 155 من الدستور التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كتالونيا، قال راخوي "لا أستبعد شيئاً، لكن يجب أن أفعل الأشياء في وقتها".
ووجّه نداء إلى القوميين الكتالونيين الأكثر اعتدالاً، ليبتعدوا عن "المتطرفين" في حركة "ترشيح الوحدة الشعبية" اليسارية المتطرفة التي تحالفوا معها، ليشكّلوا أغلبية في برلمان المنطقة.
وتزامن النداء مع رحيل عدد من الشركات الكتالونية الكبيرة، مما يمكن أن يزعزع ثقة بعض القوميين المحافظين القريبين منها. وقرّرت حوالى 15 شركة، بينها المصرفان العريقان "كايجابنك" و"بانكو دي ساباديل"، نقل مقريهما خارج كتالونيا التي تمثّل 19% من إجمالي الناتج الداخلي.
وقال خوان روزيل، رئيس أكبر منظمة لأرباب العمل في إسبانيا، لصحيفة "آ بي ثي" المحافظة، إنّ الشركات المتمركزة في كتالونيا "قلقة جداً. لم نتصوّر يوماً أنّنا سنصل إلى هذه النقطة". وظهرت بوادر تهدئة طفيفة، في أواخر الأسبوع، لا يُعرف ما إذا كانت ستؤدي إلى نزع فتيل أسوأ أزمة تعصف بالبلاد منذ جيل.
وتقدّمت كتالونيا، الجمعة، باعتذار باسم قوات الأمن عن أعمال العنف التي مارستها الشرطة ضد المشاركين في الاستفتاء، والتي أوقعت 82 جريحاً، وأثارت غضب الرأي العام.
وقالت السلطة التنفيذية في كتالونيا، إنّ 2.04 مليون شخص صوّتوا بـ"نعم" للاستقلال يوم الاستفتاء، وإنّ نسبة المشاركة بلغت 43%، حسب نتائج لا يمكن التحقّق من صحتها، في غياب لجنة انتخابية حيادية.
(فرانس برس)