اشتباكات عين الحلوة: رسائل دحلان إلى عباس و"خلاف سيدتين"

02 مارس 2017
مسلح من "فتح" في مخيم عين الحلوة (محمود الزين/الأناضول)
+ الخط -

سكت الرصاص وتوقف إطلاق القذائف الصاروخية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، من دون أن تُعالج الأسباب الكامنة خلف جولات الاشتباكات المُتكررة التي يشهدها المخيم، وتُلقي بظلالها الثقيلة على قاطنيه. بات التكرار روتينياً للرواية: "اشتباك بين مجموعات إسلامية وأخرى منشقة عن حركة فتح، ثم توسع دائرة المشاركة لتشمل بعض عناصر فتح، تليها اتصالات للتهدئة، ثم اجتماع في السفارة الفلسطينية يُعلن بعده وقف مُلزم لإطلاق النار". شكل "خلاف بين سيدتين" الحجّة المباشرة لاستنفار عناصر القيادي المفصول من حركة "فتح" محمود عيسى، المعروف بـ"اللينو"، وفتح معركة مع مجموعة بلال بدر الإسلامية المُتشددة. ولم يحل احتراق منازل ومحال تجارية ومستوصف صحي دون توقف الاشتباكات التي بقيت سريعة الوتيرة وعنيفة.

وتميزت الجولة، التي استمرت طوال نهاية الأسبوع الماضي وحتى مطلع الأسبوع الحالي، بالزيارات المُعلنة وغير المُعلنة لشخصيات فلسطينية إلى لبنان. وكان وصول زوجة القيادي الفلسطيني المفصول من "فتح"، محمد دحلان، جليلة، بمثابة زيارة ظل واكبت زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وفي حين اكتفى الأخير بالجولة البروتوكولية الاعتيادية، وطعّمها بحضور حلقة مباشرة لبرنامج غنائي عربي، جالت جليلة دحلان في أرجاء مخيم عين الحلوة، وقدمت "مساعدات مادية وعينية" لسكانه، يرى كثيرون أنها أقرب إلى الرشى.

وتؤكد مصادر فلسطينية متابعة لوضع المخيم، لـ"العربي الجديد"، أن هذه "المساعدات" تؤدي دوراً كبيراً في تحويل الميول السياسية لأنصار الفصائل الفلسطينية، خصوصاً "فتح"، لصالح "اللينو"، الذي يمثل الذراع الأمنية لدحلان في المخيم. ويقول مقربون من الحركات الإسلامية المنتشرة في عين الحلوة إن "اللينو أطلق شرارة الاشتباك أثناء زيارة محمود عباس الأراضي اللبنانية للتشويش عليها، باستخدام فزاعة الإسلاميين، قبل أن يتدخل بعض من عناصر حركة فتح لصالح اللينو، وفي إطار حرب النفوذ الدائرة بين قادة الحركة في المخيم". وعلى عكس السائد بأن إسلاميي عين الحلوة كيان واحد، تتوزع انتماءات هؤلاء بين تنظيمات مُتشددة، مثل "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" (داعش)، التي يؤدي عناصره في المخيم أدواراً مباشرة في تجنيد مقاتلين وانتحاريين شاركوا في معارك في سورية والعراق، وبقايا تنظيم "فتح الإسلام"، و"جند الشام"، وبين تنظيمات مُعتدلة لا تتبنى التكفير، مثل "عصبة الأنصار" و"الحركة الإسلامية المجاهدة". ويلعب مسؤولو "الأنصار" و"الحركة الإسلامية" دور الوسيط، إلى جانب مسؤولي حركة "حماس"، خلال اللقاءات مع الجانب اللبناني ومع ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية.

تسليم المطلوبين

وقد نجح الاجتماع الذي عقدته الفصائل في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت، أول من أمس، في تحقيق وقف إطلاق نار، وإطلاق قوة أمنية جديدة تتولى مهام الأمن في مخيم عين الحلوة، بعد انفراط عقد "القوة الأمنية المشتركة" باستقالة ضباط وعناصر "فتح" منها، وهي كانت مسؤولة عن ضبط الأمن في كل المخيمات الفلسطينية في لبنان. وتميز الاجتماع بالتأكيد على تسليم المطلوبين اللبنانيين الموجودين داخل المخيم إلى السلطات اللبنانية، وذلك كنسخة ثانية أكثر حسماً من عملية تسوية ملفات المطلوبين في المخيم، التي تواصلت طوال أشهر، وأدت إلى تسليم عشرات المطلوبين أنفسهم إلى السلطات اللبنانية لـ"تنظيف ملفاتهم"، قبل أن تعرقلها سلسلة اغتيالات مجهولة المُنفذين لمُتعاملين مع الأجهزة الأمنية اللبنانية من دون أن توقفها بشكل كامل.

ويأمل مسؤولو الفصائل في المخيم أن يحمل تسليم المطلوبين رسائل إيجابية إلى القيادات الأمنية اللبنانية. لكن الواقع السياسي والأمني السيئ في المخيم، والذي يتواصل بعد كل جولة اشتباك، يبقى من دون حل. وفي مؤشر على تراجع دور السلطة الوطنية الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير في المخيمات، سجلت جولة الاشتباك الأخيرة ارتفاع وتيرة استخدام القذائف الصاروخية التي أُطلقت بشكل عشوائي، مع اقتحام هو الثاني لمدارس تابعة إلى "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا)، التي استخدمت كمواقع قتالية للمتحاربين. ويبقى الأخطر أن الوضع الأمني غير المُستقر في المخيم يتزامن مع تردي الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية لسكان المخيم.

المساهمون