مع استمرار عمليات انتشال جثث ضحايا مجزرة الموصل التي سقط فيها مئات العراقيين جراء عمليات قصف جوي أميركي يوم الخميس على أحياء في الساحل الأيمن للمدينة خصوصاً حي الموصل الجديد، يؤكد ضباط ميدانيون أن اتساع نطاق الرفض والاستنكار للمجزرة الأميركية قد يتسبب في حدوث إرباك في العمليات العسكرية لتحرير الموصل من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). في غضون ذلك، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمراً بتجميد قرار سابق يمنح عناصر مليشيا "الحشد الشعبي" مخصصات مساوية لتلك التي تمنح للأجهزة الأمنية العراقية، فضلاً عن تقييد تحركات المليشيا في بلدة تلعفر (غرب الموصل). وانتظرت القيادة الأميركية للتحالف الدولي ضد "داعش" حتى عصر السبت لكي تعترف بارتكاب المجزرة، فأصدر الجيش الأميركي بياناً يقول إن "التحالف الدولي قصف الموقع الذي سقط فيه قتلى مدنيون في الموصل بناءً على طلب عراقي".
مسؤولون محليون وبرلمانيون عن الموصل تحدثوا عن سقوط مئات القتلى من المدنيين في القصف الذي استهدف حي الموصل الجديد، كما أكدت منظمات حقوقية عراقية العثور على جثث 500 مدني سقطوا جراء القصف الجوي الذي استهدف الجانب الأيمن للموصل، مع استمرار عمليات البحث عن ضحايا آخرين.
عضو فريق الإنقاذ المحلي المكلف بالبحث عن جثث ضحايا القصف الجوي، فارس الحيالي، أكد سقوط مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال بسبب القصف الجوي الذي استهدف أحياء عدة في الساحل الأيمن للموصل، وخصوصاً في الموصل الجديدة، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن عشرات المنازل سقطت فوق رؤوس أصحابها، ولم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إلى الضحايا في عدد من المنازل بسبب حاجتها لآليات ثقيلة لرفع الأنقاض.
وأشار إلى انتشال جثث أكثر من 450 شخصاً، موضحاً أن العدد قابل للزيادة بشكل كبير في حال رُفعت الأنقاض عن بقية المنازل المهدمة. ونقل الحيالي عن شهود عيان قولهم إن بعض المناطق السكنية أبيدت بشكل كامل نتيجة تعرضها لقصف مباشر ومركّز من قبل طائرات.
وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان سقوط مئات العراقيين جراء القصف الجوي الذي تعرضت له أحياء الموصل، معلناً في بيان العثور على 500 جثة تحت الأنقاض. وقال عضو المرصد مصطفى سعدون إن طيران التحالف الدولي يقصف بصواريخ تقدر أسعارها بملايين الدولارات من أجل قتل إرهابي واحد أو اثنين، والنتيجة سقوط العشرات من المدنيين بسبب هذا القصف المتهور.
القصف الجوي الذي تسبب بمجزرة قتل فيها مئات المدنيين لاقى استنكاراً محليا ودولياً. رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي عبد الرحيم الشمري طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بفتح تحقيق فوري بحادثة قصف مدنيين في الموصل. ودعا الشمري، العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، لفتح تحقيق فوري بالجريمة البشعة التي وقعت في الموصل الجديدة، مؤكداً في بيان أن لجنته ناشدت القوات العراقية منذ انطلاق عمليات تحرير الموصل بتوخي الدقة والحذر ومراعاة الجانب الإنساني عند اقتحامها أحياء المدينة.
اقــرأ أيضاً
أما نائب الرئيس العراقي المنحدر من الموصل اسامة النجيفي، فرفض استهداف المناطق المدنية من دون التثبت من وضعها، مؤكداً في بيان أن هذا الأمر ألحق خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الأبرياء. ولفت إلى أن جثث المدنيين ما تزال تحت أنقاض بيوتهم، موضحاً أن ما حدث في الموصل يعطي صورة صادمة تشير إلى إخفاق أجهزة الدولة في مد يد العون لإنقاذ الأبرياء، وانتشال الجثث التي دمرتها الطائرات والمدفعية والصواريخ. ووجّه النجيفي رسالة إلى العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ووزير الدفاع عرفان الحيالي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، حثّهم فيها على تقصي حقيقية ما حدث في الموصل، ودعا البرلمان العراقي إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة هذه الكارثة.
من جهته، اعتبر المتحدّث باسم "ائتلاف العراقية"، النائب كاظم الشمّري، في بيان صحافي، أنّ "الهدف الأساس في معارك الموصل وكل مناطق العراق هو تقليل الخسائر بين المدنيين والقوات المقاتلة"، مؤكداً أنّ "مجزرة الموصل وتضارب الاتهامات بشأنها تحتّم على الحكومة العراقية فتح تحقيق بها، كما تحتّم على القوات العراقية أن تحرص على حياة المدنيين وإبعادهم قدر المستطاع عن مصادر النيران". كما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ بسبب تقارير عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين في الموصل. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراند في بيان "صدمنا لهذه الخسارة الفادحة في الأرواح".
وفي ظل تصاعد الاستنكار لمجزرة الموصل، تشهد العمليات العسكرية في المدينة إرباكاً غير مسبوق، نتيجة للضغط الذي تتعرض له القوات العراقية بسبب الانتهاكات التي تحصل في الموصل. العقيد في الفرقة التاسعة للجيش العراقي المتواجدة في الموصل، فاضل عمران، قال لـ"العربي الجديد" إن القوات المشتركة لم تتمكّن من التقدّم ولا خطوة واحدة منذ أيام لعدة أسباب، أبرزها الضغط الإعلامي الذي تتعرض له بسبب صور ضحايا القصف، فضلاً عن امتناع السكان المحليين في الموصل عن التعاون مع القوات العراقية، أو الإدلاء بأية تفاصيل عن أماكن تواجد عناصر "داعش" خشية تعرض هذه الأماكن للقصف.
وأوضح أن "عدداً كبيراً من قيادات وعناصر التشكيلات العشائرية التي كانت تقدّم الإسناد للقوات العراقية، أعلنت انسحابها من المعارك احتجاجاً على مقتل أبناء المدينة بسبب القصف"، متوقعاً أن تكون الأيام المقبلة للمعركة عصيبة في ظل الغضب المحلي والرفض الخارجي لجزء كبير من العمليات العسكرية وخصوصاً ما يتعلق منها بعمليات القصف الأخيرة التي تسبّبت بتشويه انتصارات سابقة تحققت في الموصل، بحسب قوله.
وبالتزامن مع الضجة الكبيرة التي خلّفتها مجزرة الموصل، والضغط الذي تتعرض له الحكومة، اتخذ العبادي قرارات جديدة تتعلق بعمل مليشيا "الحشد الشعبي"، وصفها مراقبون بـ"الانقلاب" على المليشيا. وقال مصدر حكومي عراقي إن العبادي أرسل كتاباً رسمياً إلى "هيئة الحشد الشعبي" التابعة لمجلس الوزراء يبلغها فيها بتجميد قانون سابق يقضي بمساواة مرتبات عناصر المليشيا بمرتبات بقية عناصر الأجهزة الأمنية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن رئيس الوزراء أمر بتغيير خطة عمل "الحشد الشعبي" في بلدة تلعفر. وأشار المصدر إلى أن خطوة العبادي جاءت لسببين، الأول استجابة لمطالب أميركية عُرضت عليه أثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والآخر يتعلق بمحاولته امتصاص الغضب الشعبي العارم الذي تسبّبت به مجزرة الموصل.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العياداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مضي العبادي في قراراته الأخيرة يمثّل انقلاباً على المليشيا التي اعتادت أن تكون مدللة وتحصل على كل ما تريد، حتى التغاضي عن الجرائم التي اتُهمت بها في وقت سابق في صلاح الدين وديالى والأنبار وبابل وبغداد.
اقــرأ أيضاً
وأشار إلى انتشال جثث أكثر من 450 شخصاً، موضحاً أن العدد قابل للزيادة بشكل كبير في حال رُفعت الأنقاض عن بقية المنازل المهدمة. ونقل الحيالي عن شهود عيان قولهم إن بعض المناطق السكنية أبيدت بشكل كامل نتيجة تعرضها لقصف مباشر ومركّز من قبل طائرات.
وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان سقوط مئات العراقيين جراء القصف الجوي الذي تعرضت له أحياء الموصل، معلناً في بيان العثور على 500 جثة تحت الأنقاض. وقال عضو المرصد مصطفى سعدون إن طيران التحالف الدولي يقصف بصواريخ تقدر أسعارها بملايين الدولارات من أجل قتل إرهابي واحد أو اثنين، والنتيجة سقوط العشرات من المدنيين بسبب هذا القصف المتهور.
القصف الجوي الذي تسبب بمجزرة قتل فيها مئات المدنيين لاقى استنكاراً محليا ودولياً. رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي عبد الرحيم الشمري طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بفتح تحقيق فوري بحادثة قصف مدنيين في الموصل. ودعا الشمري، العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، لفتح تحقيق فوري بالجريمة البشعة التي وقعت في الموصل الجديدة، مؤكداً في بيان أن لجنته ناشدت القوات العراقية منذ انطلاق عمليات تحرير الموصل بتوخي الدقة والحذر ومراعاة الجانب الإنساني عند اقتحامها أحياء المدينة.
أما نائب الرئيس العراقي المنحدر من الموصل اسامة النجيفي، فرفض استهداف المناطق المدنية من دون التثبت من وضعها، مؤكداً في بيان أن هذا الأمر ألحق خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الأبرياء. ولفت إلى أن جثث المدنيين ما تزال تحت أنقاض بيوتهم، موضحاً أن ما حدث في الموصل يعطي صورة صادمة تشير إلى إخفاق أجهزة الدولة في مد يد العون لإنقاذ الأبرياء، وانتشال الجثث التي دمرتها الطائرات والمدفعية والصواريخ. ووجّه النجيفي رسالة إلى العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ووزير الدفاع عرفان الحيالي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، حثّهم فيها على تقصي حقيقية ما حدث في الموصل، ودعا البرلمان العراقي إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة هذه الكارثة.
من جهته، اعتبر المتحدّث باسم "ائتلاف العراقية"، النائب كاظم الشمّري، في بيان صحافي، أنّ "الهدف الأساس في معارك الموصل وكل مناطق العراق هو تقليل الخسائر بين المدنيين والقوات المقاتلة"، مؤكداً أنّ "مجزرة الموصل وتضارب الاتهامات بشأنها تحتّم على الحكومة العراقية فتح تحقيق بها، كما تحتّم على القوات العراقية أن تحرص على حياة المدنيين وإبعادهم قدر المستطاع عن مصادر النيران". كما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ بسبب تقارير عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين في الموصل. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراند في بيان "صدمنا لهذه الخسارة الفادحة في الأرواح".
وفي ظل تصاعد الاستنكار لمجزرة الموصل، تشهد العمليات العسكرية في المدينة إرباكاً غير مسبوق، نتيجة للضغط الذي تتعرض له القوات العراقية بسبب الانتهاكات التي تحصل في الموصل. العقيد في الفرقة التاسعة للجيش العراقي المتواجدة في الموصل، فاضل عمران، قال لـ"العربي الجديد" إن القوات المشتركة لم تتمكّن من التقدّم ولا خطوة واحدة منذ أيام لعدة أسباب، أبرزها الضغط الإعلامي الذي تتعرض له بسبب صور ضحايا القصف، فضلاً عن امتناع السكان المحليين في الموصل عن التعاون مع القوات العراقية، أو الإدلاء بأية تفاصيل عن أماكن تواجد عناصر "داعش" خشية تعرض هذه الأماكن للقصف.
وأوضح أن "عدداً كبيراً من قيادات وعناصر التشكيلات العشائرية التي كانت تقدّم الإسناد للقوات العراقية، أعلنت انسحابها من المعارك احتجاجاً على مقتل أبناء المدينة بسبب القصف"، متوقعاً أن تكون الأيام المقبلة للمعركة عصيبة في ظل الغضب المحلي والرفض الخارجي لجزء كبير من العمليات العسكرية وخصوصاً ما يتعلق منها بعمليات القصف الأخيرة التي تسبّبت بتشويه انتصارات سابقة تحققت في الموصل، بحسب قوله.
وفي السياق، لفت العبادي، في كلمة له أثناء لقائه قادة مليشيا "الحشد" أمس السبت، إلى وجود بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى "هيئة الحشد الشعبي"، لكنهم يسيئون لها. وأضاف: "يجب أن يكون السلاح تحت إطار الدولة، ولن نسمح مطلقاً بأي سلاح خارج إطار الدولة".
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العياداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مضي العبادي في قراراته الأخيرة يمثّل انقلاباً على المليشيا التي اعتادت أن تكون مدللة وتحصل على كل ما تريد، حتى التغاضي عن الجرائم التي اتُهمت بها في وقت سابق في صلاح الدين وديالى والأنبار وبابل وبغداد.