ضغط مصري لإبطاء أعمال البناء في سد النهضة

18 ابريل 2020
تخاطب مصر دول تتبع لها الشركات العاملة(إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -
تسعى مصر لعرقلة أعمال البناء في سدّ النهضة الإثيوبي حسبما كشفت مصادر رفيعة المستوى في القاهرة، منوّهة إلى أن السلطات المصرية طلبت من دول تتبع لها شركات عاملة في سد النهضة الإثيوبي، بالتدخل لدى تلك الشركات والضغط عليها لإبطاء معدلات التنفيذ والإنجاز بالسد، بغية كسب المزيد من الوقت بما يسمح بالتوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا، من دون أن تبدأ أديس أبابا عملية ملء خزان السد في يوليو/تموز المقبل قبل التوصل لاتفاق نهائي.

في السياق، أفادت مصادر لـ"العربي الجديد" بأن المسؤولين في مصر خاطبوا عدداً من الدول في مقدمتها الصين وإيطاليا وفرنسا التي تتولى شركات تحمل جنسياتها تنفيذ إنشاءات وتجهيزات سد النهضة، من أجل التدخل لا لمنع استكمال عمليات البناء بل فقط لإبطاء معدلات العمل. وأوضحت المصادر أن المساعدات الطبية "الرمزية" بحسب تعبيرها، والتي قدمتها مصر لعدد من الدول مثل الصين وإيطاليا، وإظهار الدعم للحكومتين في أزمة وباء كورونا، كانت بمثابة طرق أبواب للتمهيد للمطالب الخاصة بأزمة السد. وأشارت إلى أنه على المستوى الرسمي من جانب تلك الحكومات، فقد كان هناك تجاوب بشأن مخاطبة الشركات، كاشفة في الوقت ذاته عن الردود التي تلقاها النظام المصري.

لكن المصادر ذكرت أن الشركات الخاصة رفضت هذه المطالب مؤكدة استحالة تنفيذها، خصوصاً أنها مرتبطة بعقود مع الحكومة الإثيوبية تتضمن مواعيد زمنية محددة للانتهاء من الأعمال الموكلة إليهم. وكشفت المصادر عن تفاصيل جديدة متعلقة بحالة الفتور التي فرضت نفسها على العلاقات بين مصر والإمارات أخيراً، إذ فوجئت القاهرة باتفاق إماراتي ـ إثيوبي، ينصّ على تمويل أبو ظبي سلّة استثمارات جديدة في أديس أبابا بقيمة ملياري دولار تقريباً، فضلاً عن توجيه مساعدات إماراتية ضخمة لإثيوبيا لدعم إجراءات مواجهة فيروس كورونا.

وأوضحت المصادر أن أبو ظبي بدأت إجراءات توقيع اتفاق مع الحكومة الإثيوبية بشأن الحصول على أراضٍ زراعية لتنفيذ مشروع زراعي ضخم على الحدود السودانية ــ الإثيوبية، يتضمن زراعة آلاف الأفدنة هناك، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بالسد الذي تخوض القاهرة معركة شرسة لمنع تشغيله أو البدء في عمليات ملء الخزان الخاص به، قبل التوصل لاتفاق شامل يراعي مخاوفها بشأن حصتها المائية التاريخية من النيل والتي تقدر بـ 55.5 مليار متر مكعب من المياه، بموجب اتفاقية عام 1959.



وكانت مصر قد احتجت عبر وزارة الخارجية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بشكل رسمي على مواصلة بعض الشركات الدولية عمليات إنشاء سد النهضة، رغم الاختلاف الذي أعلنت عنه القاهرة فيما يتعلق بالمشروع. وذكرت الخارجية في بيان رسمي وقتها، أن اجتماعاً عُقد مع سفراء ألمانيا وإيطاليا والصين، باعتبارها الدول التي تعمل شركاتها في سد النهضة. وفي الاجتماع عبّرت مصر عن استيائها لمواصلة شركات تلك الدول العمل في السد رغم "عدم وجود دراسات" حول آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ورغم علمها بتعثر المفاوضات بسبب تشدد الجانب الإثيوبي. وتتضمن قائمة الشركات الدولية العاملة في مشروع السدّ كلا من شركة "ساليني إمبريجيلو" الإيطالية التي تتولى دور المقاول الرئيسي، وشركة "ألستوم" الفرنسية المختصة بأعمال التوربينات والمولدات والمعدات الكهروميكانيكية، وكذلك مجموعة الهندسة الميكانيكية الألمانية "فويث" التي تم الاتفاق معها على توريد توربينات، وأيضاً مجموعة "غيزهوبا" الصينية المحدودة للإنشاءات والمقاولات، وشركة "فويث هايدرو شانغهاي" الصينية التي تعمل في استكمال بناء محطة التوليد بالسد.

يأتي هذا في وقت وصف فيه وزير الدولة في الخارجية السودانية، عمر قمر الدين، يوم الأربعاء الماضي، موقف السودان من "سد النهضة"، بأنهم "لا يرقصون على الموسيقى المصرية أو الإثيوبية". وأضاف أن "موقف السودان من سد النهضة منطلق من رأي الخبراء والمختصين"، رافضاً محاولات الاستقطاب بين أطراف السد. وتابع: "نحن شركاء في إدارة السد، وموقف السودان نابع من الأساس مما توصل إليه المختصون والخبراء الذين حددوا المكاسب والخسائر من السد". وعن مدى تأثير السد على مصر، أجاب "نحن شركاء حتى في إدارة السد، ومن موقعنا هذا، واجبنا ضمان حصة مصر". كما أكد أنه "لا يوجد انقسام في الموقف الرسمي للحكومة السودانية".

في السياق أيضاً قال وزير الري السوداني، ياسر عباس، إن "إيجابيات السد أكثر من سلبياته، وما يهمنا في هذا التفاوض هو تقليل السلبيات وتحويلها إلى فوائد". وأضاف: "لا يوجد تضارب بين موقف المجلس السيادي والحكومة، لكن موضوع سد النهضة والتفاوض حوله من اختصاص الجهاز التنفيذي للدولة، أي مجلس الوزراء". وأكد أن "السودان لا يدعم أي طرف، وهو طرف أساسي في هذه المفاوضات، وله حقوق في مياه النيل ويسعى للحفاظ عليها، ويدعم التعاون بين الجميع".