أزمات العراق تتوسع: محافظ ديالى يمنع مجلسها من إقالته

08 مايو 2016
يقود التميمي مليشيا "بدر" في ديالى (جون مور/ Getty)
+ الخط -
تعمل جهات سياسيّة مهيمنة ولها تأثير على القرار السياسي في العراق، على تعميق الأزمات خارج حدود بغداد، في محاولة لإرباك المشهد السياسي في العراق، وإثبات عدم قدرة الحكومة المركزيّة على تطبيق القانون، لتأليب الشارع العراقي ضدّها. وتتسع دائرة الأزمات العراقيّة الخارجة عن السيطرة لتدخل محافظة ديالى العراقيّة، المرتبطة بحدود إداريّة مع إيران، من أوسع أبوابها، مع تمرّد محافظها قائد مليشيا "بدر" في ديالى مثنى التميمي على سلطة الدولة ومنعه مجلس المحافظة من الانعقاد، ومطاردة أعضائه مستخدماً مليشياته ونفوذه في الدولة. ويحذّر مراقبون من تداعيات استمرار هذه الأزمة في ديالى، والتي قد تجر المحافظة إلى صراع طائفي، وإسقاط سلطة القانون وما ينتج عن ذلك من تدهور وتفاقم للأوضاع.
وتقول العضو في مجلس المحافظة نجاة الطائي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مجلس المحافظة تحرّك وفقاً للأطر القانونيّة والدستوريّة لاستجواب المحافظ مثنى التميمي، ولم نرتكب أيّ خرق قانوني"، مبيّنة أنّ "المجلس وقّع بنسبة الثلثين من أعضائه على إقالة المحافظ بعد أن اطلع على أجوبته بشأن الملف الأمني في المحافظة، والتي كانت غير مقنعة".
وتشير إلى أنّ "المحافظ بدأ بمطاردة مجلس المحافظة وأعضائه، وأصدر مذكرات اعتقال كيديّة بتهم الإرهاب بحق رئيس المجلس عمر الكروي وأربعة أعضاء، وأنا من ضمنهم، ليعطّل انعقاد الجلسة، علماً أنّ القاضي الذي أصدر المذكرات خضر التميمي هو ابن عم المحافظ وليس مختصّاً بقضايا الإرهاب"، كاشفة أنّ "المحافظ حاول المساومة بسحب الاستجواب مقابل إلغاء مذكّرات الاعتقال"، مضيفة أنّه "بعد قصف المجلس بالهاونات وإصدار تلك المذكرات أصبح المجلس مُطارَداً، وعقد جلسته الأخيرة في مضيف إحدى العشائر، لكنّ الجلسة لم تكتمل بسبب مداهمتها من قبل الأجهزة الأمنيّة والمليشيات".
وتضيف الطائي أنّ "شيوخ العشائر هرّبوا أعضاء المجلس عبر البساتين والمزارع، فيما انتشرت قناصة المليشيات على أسطح البنايات لاستهدافنا"، مشيرة إلى أنّه "منذ ذلك الحين لم يستطع المجلس أن ينعقد، ونحن اليوم نسعى لتأمين مكان آمن لعقد الجلسة وإقالة المحافظ الذي يُعدّ قانونياً مقالاً بعد توقيع ثلثي أعضاء المجلس على الإقالة، لكنّ الجلسة تضفي طابعاً رسمياً على الإقالة". وتشير الطائي إلى "أنّنا ناشدنا الحكومة والجهات الرسميّة لتقديم الدعم لنا لعقد جلسة للمجلس، لكن من دون جدوى"، مناشدة الأمم المتحدة والمنظّمات الدوليّة بـ"التدخّل لحل أزمة المحافظة وانتشالها من التداعيات الخطيرة والتمرّد على القانون".


من جهته، يرى الخبير السياسي، مصطفى عبد العظيم، أنّ "هناك جهات سياسيّة تدعم محافظ ديالى في تمرّده على القانون، في محاولة لتأزيم الوضع السياسي في العراق بشكل عام وخروج ديالى عن سلطة الحكومة المركزية". ويقول عبد العظيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "المحافظ اليوم يتصرّف كزعيم مليشيا خارجة عن القانون، وهو يحارب مجلس المحافظة ويمنعه من الانعقاد بقوة السلاح"، معتبراً أنّ "ذلك يشكّل خطراً كبيراً على الواقع السياسي والأمني في المحافظة، إذ إنّ تعطيل مؤسسات الدولة هو أمر يحاسب عليه القانون".
ويشير إلى أنّ "كل ذلك يُعدّ تمرداً على الدولة وسلطتها، وخروجاً عن القانون، واستخدام صلاحيات المحافظ في غير محلّها"، مؤكّداً أنّ "القانون يجب أن يطبّق على الجميع وأن يخضع له الكل بمن فيهم المسؤولون له، وأنّ تطبيقه في ديالى اليوم يستدعي تدخّلاً من قِبل الحكومة وإجبار الجميع على الانصياع لسلطة الدولة وتوفير الحماية اللازمة لعقد جلسة المجلس، والنظر إلى قراراته وفقا للقانون والدستور".
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، فد أعرب عن قلقه بشأن "التوترات السياسية والأمنية في ديالى". ودعا كوبيش في بيان صحافي، القادة السياسيين في المحافظة إلى "الهدوء وضبط النفس، خصوصاً في هذا المنعطف الخطير في مسيرة العراق"، مشدداً على الكتل السياسية والقوات الأمنية في المحافظة بـ"احترام القواعد القانونية المتبعة، وأن يضعوا في اعتبارهم أنّ أي قرارات أو إجراءات يتخذونها ستؤثر على العلاقات بين المجتمعات في أرجاء العراق كافة".
تجدر الإشارة إلى أنّ المليشيات أفشلت ثلاث جلسات متتابعة لاستجواب المحافظ، بعدما طوّقت مبنى المجلس، فيما قصفت المجلس أثناء الجلسة بالهاونات، وتعرّض عدد من أعضائه لمحاولات اغتيال عند خروجهم من الجلسة. وكانت عشيرة المحافظ قد منعت جلسة استجوابه منذ نحو شهر، ووجّهت تهديدات إلى أعضاء مجلس المحافظة، كما هدّدت بحله في حال مضى في الاستجواب.
وتبوأ مثنى التميمي، وهو قائد مليشيا "بدر" في ديالى، المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، منصب المحافظ بداية شهر يونيو/ حزيران عام 2015، بعدما تمت إقالة المحافظ عامر المجمّعي، عقب تطويق المليشيات مبنى وديوان المحافظة وسط بعقوبة، واغتيال مستشار المحافظ واختطاف أقربائه. وعلى الرغم من أن المحكمة الاتحادية نقضت قرار إقالة المجمّعي من منصبه منذ عدّة أشهر، لكنّه لم يستطع العودة إلى منصبه وممارسة مهامه، بسبب سيطرة المليشيات على المحافظة.

دلالات