تسعى قوى سياسية مصرية باتجاه الدفع بمرشح توافقي لانتخابات الرئاسة عام 2018، لمواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما ظهرت أصوات من داخل قوى معارضة تطالب بضرورة المقاطعة. أصحاب دعوات المقاطعة ينطلقون من رفْض المشاركة في ما يوصف بـ"تمثيلية" السيسي للانتخابات الرئاسية، بما يضفي نوعاً من الشرعية على النظام الحالي. وانقسمت القوى المعارضة، المحسوبة على ثورة يناير، بين فريق يرى ضرورة المشاركة في مشاورات الدفع ببديل للسيسي في انتخابات الرئاسة، ليس للفوز بالانتخابات ولكن باعتبارها فرصة لتوحيد جهود المعارضة والعودة للشارع مرة أخرى، في مقابل فريق ثانٍ يعتبر أن المشاركة في "تمثيلية" الانتخابات الرئاسية تصبّ في صالح السيسي، الذي يدفع بشكل كبير في سبيل ترشُّح منافسين له، لعدم تكرار سيناريو انتخابات 2014، التي شهدت مقاطعة شعبية واسعة وتحديداً من فئة الشباب، بما وضعه في حرج إقليمياً ودولياً.
وقالت مصادر سياسية، إن هناك انقساماً داخل بعض الحركات الشبابية المعارضة حول فكرة دعم مرشح خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن القوى المعارضة مشاركة في مشاورات حول بديل للسيسي خلال الانتخابات، بانتظار ما تسفر عنه تلك المشاورات من دعم مرشح توافقي.
وأشارت المصادر إلى أن الاتجاه الثاني يرى أن الانتخابات الرئاسية مجرد "تمثيلية"، خصوصاً مع عدم إتاحة فرصة حقيقية لمنافسة السيسي، وبالتالي فإن قرار عدم مقاطعة الانتخابات بمثابة إعطاء شرعية للنظام الحالي. وأكدت أن الجميع يعلم صعوبة مواجهة السيسي في ظل حصوله على دعم من أجهزة الدولة وتحديداً الأمنية والسيادية، وبالتالي فإن نتيجة الانتخابات محسومة سلفاً، ولا بد من عدم إضفاء شرعية يريدها السيسي.
ولفتت إلى أن السيسي يرغب بشدة في خوض أكثر من مرشح للانتخابات لعدم تكرار سيناريو انتخابات 2014، وتفادي الوقوع في حرج دولي بعدم ترشح سوى حمدين صباحي، فضلاً عن مقاطعة قطاعات واسعة من الشعب وتحديداً من فئة الشباب، وهو أمر متوقع خلال الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وشددت على أن السيسي يدفع من خلال تصريحاته بضرورة وجود نوع من المنافسة في انتخابات الرئاسة، وهو ما يعكس عدم وجود رغبة في تكرار تجربة انتخابات 2014، ولكنه يعلم بأن النتيجة محسومة لصالحه.
وقالت المصادر ذاتها التي تؤيد مقاطعة انتخابات الرئاسة، إن المقاطعة تنزع أي شرعية عن السيسي، وبالتالي تقطع كل السبل لتسويق وجود انتخابات ديمقراطية على عكس الواقع. ولفتت إلى أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بتغوّل المعارضة في الشارع السياسي مطلقاً، فهي دائماً ضد أي تجمّعات، ومن الممكن أن تسمح بتواجد ظاهري غير مؤثر.
وتساءلت: "لماذا لم تستجب هذه القوى الداعمة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والدفع بمرشح توافقي بدعوى تكوين جبهة وطنية، لكل دعوات القوى الثورية بضرورة التوحّد على أهداف أساسية منذ وصول السيسي للحكم؟". وأكدت عدم تخوين هذه القوى ولكن في الوقت نفسه هذه الرؤية غير عملية مطلقاً، وكان من باب أولى الاستعداد للانتخابات قبل فترة طويلة. واعتبرت أن الوقت لم يعد متاحاً لتشكيل هذه الجبهة الواسعة وإحداث تأثير في الشارع المصري خلال الفترة المقبلة، لأنه حتى الآن لا توجد تحركات على أرض الواقع، فالتأخر يهدد بفشل رؤية تشكيل جبهة وطنية موحدة.
وأضاف الخبير السياسي الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن نزاهة الانتخابات لا تتعلق بعملية التصويت، ولكن تتعلق بالعملية الانتخابية لجهة إعطاء فرص متساوية كل المرشحين للتواصل مع الشارع، وعقْد مؤتمرات انتخابية، وإتاحة الحرية في التعبير. وتابع أن النظام الحالي وعبر أجهزته الإعلامية والأمنية لن يسمح بوجود منافسة حقيقية في الانتخابات، بما يؤكد أن النتيجة محسومة سلفاً للسيسي، وبالتالي فإنه من الناحية الفعلية الواقعية لا توجد انتخابات.
وحول الاتجاه للمقاطعة، أكد أن القادر على تحديد هذا القرار هي القوى التي تتشاور في ما بينها للدفع بمرشح لمنافسة السيسي، فإذا رأت أن هناك مكاسب للمعارضة يمكن أن تخوض الانتخابات لحصدها. ولفت إلى أن خيار المقاطعة ينزع جزءاً من شرعية السيسي بالتأكيد ويضعه في موقف محرج دولياً.