متظاهرو العراق يصرون على مواصلة الاحتجاجات رغم كورونا

14 مارس 2020
المتظاهرون يخشون استهدافهم بعد ترك الساحات (فرانس برس)
+ الخط -
لم تجد الدعوات التي أطلقها ناشطون ومدونون وصحافيون عبر مواقع التواصل الاجتماعية بشأن أهمية انسحاب المتظاهرين من ساحات وميادين الاحتجاج، بشكل مؤقت، بسبب تفشي فيروس "كورونا"، اهتماماً من قبل المحتجين والمعتصمين في خيم ساحة التحرير ببغداد ومدن وسط وجنوب البلاد، معتبرين أن انسحابهم يعني نهاية "الثورة العراقية".

واتخذت السلطات في العراق سلسلة قرارات لمنع انتشار فيروس "كورونا"، ومنها إغلاق قاعات الاحتفالات والمقاهي والمطاعم، وحظر التجمعات الكبيرة بما فيها التظاهرات، وفرض إجراءات مشددة على السفر بين بعض محافظات البلاد، خاصة الجنوبية منها، كالبصرة والنجف وكربلاء، ضمن حزم قرارات اتخذتها، بعد أيام من إيقاف الدوام الرسمي في المدارس والجامعات والمعاهد، ووقف السياحة الدينية، وإغلاق الأماكن المقدسة، فيما فرضت السلطات في إقليم كردستان شمالي العراق حظراً شاملاً للتجوال في أكبر مدينتين، أربيل والسليمانية، بالتزامن مع تسجيل المزيد من حالات الإصابة بالفيروس.

وبالرغم من ذلك، لا يجد المتظاهرون أن خطر الفيروس يدعو إلى تعليق الاحتجاجات في العراق، بحسب الناشطة من بغداد سارة مزهر، التي قالت لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين اتفقوا على عدم الانسحاب من ساحات الاحتجاجات، لا سيما بعد أن تمكنوا من توفير المطهرات وأدوات التعقيم والكفوف الطبية والكمامات، وحالياً يستمرون باحتجاجاتهم السلمية ولكن على مستوى عال من الحذر"، مبينة أن "الفرق الطبية التي تجوب الساحة يومياً وتفحص المتظاهرين لم تسجل أي حالة مصابة بين صفوف المحتجين".
ولفتت إلى أن "الاحتجاجات في العراق ستستمر بالرغم من كل التهديدات، سواء الأمنية أو الصحية، لأن المتظاهرين يخشون من استهدافهم بعد الانسحاب وملاحقتهم في منازلهم واعتقالهم، أو حتى شن حملة اغتيالات بحقهم، وبالتالي فهم يجدون أن ساحات التظاهر هي المكان الأكثر أمناً بالنسبة لهم".
أما الناشط السياسي والمحتج أيهم رشاد، فقد أشار إلى أن "جهات خيرية ومنظمات مجتمع مدني وفرت للمتظاهرين في بغداد كمامات والكثير من الأدوات الصحية النافعة لمنع الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد، خلال اليومين الماضيين، وجراء ذلك ألغى المتظاهرون فكرة الانسحاب التي كانوا قد تناقشوا بها خلال الأيام الماضية".


وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية الفصائل المسلحة والأحزاب السياسية التي تقف بالضد من الحراك الشعبي في العراق الرافض للنظام الحاكم، تنتظر فرصة الاستيلاء على الساحات والميادين التي يتظاهر فيها شباب العراق، من أجل إجهاض الثورة وإنهاء الاحتجاجات بشكل قطعي، وبالتالي فهي الحقيقة واضحة لدى المتظاهرين، ولا يقبلون بتمكين الأحزاب من الساحات".

ولا تختلف الأوضاع في الناصرية عمّا يحدث في بغداد، فقد أكد حامد معتز، وهو متظاهر ويعتصم في خيمة اعتصام وسط ساحة التظاهرات أطلق عليها خيمة "أولاد ثنوة"، نسبة إلى والدة أبرز الناشطين العراقيين الذين قتلوا أول أسابيع الانتفاضة العراقية، أن "فكرة الانسحاب لا تراود أي متظاهر في ذي قار، ولا يمكن أن نسمح للأحزاب والقوات الحكومية بالسيطرة على الأماكن التي نتظاهر فيها"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "أي انسحاب يعني انتهاء الثورة، وقد ننتظر لسنين حتى تتجدد مرة أخرى".
وكانت وزارة الصحة العراقية، قد أصدرت، أمس الجمعة، توجيهات وإجراءات وقائية مشددة للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي تحول إلى وباء عالمي، بعدما تم تسجيل 10 إصابات جديدة في عدد من المحافظات، ليصل عدد الإصابات في عموم البلاد إلى 93 حالة مؤكدة.
وسيّرت قوات الأمن في الإقليم دوريات في الشوارع، تدعو المواطنين عبر مكبرات الصوت الى الإسراع في العودة إلى منازلهم. وسجلت الدوائر الصحية في الإقليم، حتى اليوم السبت، 8 إصابات جديدة بالفيروس في محافظة السليمانية، ليصل عدد الإصابات في محافظات الإقليم إلى 27 حالة، من ضمن المجموع الكلي للإصابات في عموم العراق.