قلق إسرائيلي من هجمات محتملة لـ"ولاية سيناء"

31 اغسطس 2016
يكثّف الجيش الإسرائيلي تدريباته تحسباً لهجمات التنظيم(عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
كثّفت إسرائيل، الشهر الماضي، وتحديداً مع زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، من تصريحاتها المؤكدة لدور إسرائيلي فاعل في سيناء (شمال شرقي مصر) في محاربة "ولاية سيناء" الذي بايع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مع الإشادة بالتعاون العسكري بينها وبين مصر في هذه الحرب. كما أكدت هذه التصريحات أن "ولاية سيناء" سيكون التنظيم الأول الذي يمكن التغلب عليه، وفق وزير الأمن السابق، موشيه يعالون.

لكن التقديرات الإسرائيلية التي كانت تعتبر "داعش"، وتحديداً "ولاية سيناء" تنظيماً يسهل في نهاية المطاف التغلب عليه، تبدلت، أخيراً، وبات القلق يساور الجهات الإسرائيلية المختلفة من النشاط المستقبلي لولاية سيناء، واحتمالات ارتداد التنظيم نحو إسرائيل وحدودها لتنفيذ عمليات داخل الحدود الإسرائيلية.

وكشف موقع "معاريف"، في هذا السياق، أن استمرار المعارك في سيناء، خلال الأشهر الأخيرة، بين الجيش المصري وعناصر "ولاية سيناء"، يثير قلقاً لا يستهان به في جهاز الأمن الإسرائيلي، ولا سيما أن بضعة آلاف من عناصر التنظيم ألحقوا لغاية الآن أضراراً بالغة بالجيش المصري وقواته المسلحة.

وبحسب "معاريف"، فإن السؤال الذي بات يشغل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وخصوصاً شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، هو متى ستوجه كل هذه الحرب وهذه النيران إلى داخل الحدود الإسرائيلية وضد مواقع وجنود الجيش الإسرائيلي. وتقرّ الاستخبارات العسكرية بأنها لا تملك جواباً على هذه التساؤلات، ما يزيد من حجم القلق ومن واجب الاستعداد إسرائيلياً لمواجهة لحظة التحول هذه، والتعامل مع "حادث مفاجئ" يشنه التنظيم بالاتجاه المعاكس نحو إسرائيل بدلاً من استمرار القتال داخل سيناء ضد الجيش المصري.

وتحاول الاستخبارات الإسرائيلية رسم ووضع سيناريوهات مختلفة لاستشراف معالم العملية المقبلة للتنظيم ضد إسرائيل، وشكل هذه العملية وحجمها وقوة نيرانها، وهل ستكون عملية تسلل داخل الحدود أم عملية انتحارية، وفي أي خط يجب الانتشار لمواجهة مثل هذه العملية.
وتشكل مدينة إيلات والطريق المؤدي إليها نقطة الضعف والدفاع الأولى في آن معاً، ولا سيما أن عملية على امتداد هذا الطريق المعروف باسم طريق 12 قد سبق لها أن وقعت قبل خمس سنوات وتخللها اشتباك بين خلية فلسطينية، كما قيل، وبين قوة عسكرية للجيش الإسرائيلي. وترى الجهات الإسرائيلية الرسمية أن وقوع عملية إضافية على هذا الطريق ستكون ضربة "كارثية".

كما أن المخاوف الإسرائيلية لا تسقط من حساباتها احتمالات تنفيذ "ولاية سيناء" عملية داخل مدينة إيلات غير المعتادة أو حتى المهيأة لامتصاص ضربات أو عمليات انتحارية داخلها، باعتبارها بالأساس مدينة سياحية، وإن كانت قد استهدفت خلال العدوان الأخير على غزة من قبل المقاومة التي أطلقت صواريخ سقطت في المدينة وعلى أطرافها. وتخشى إسرائيل من استهداف المدينة، حالياً، في أوج الموسم السياحي، إذ يوجد في المدينة خلال هذه الفترة من السنة نحو 300 ألف سائح. وبالتالي، فإن استهدافها من قبل التنظيم من شأنه أن يوجه ضربة قاضية للمدينة التي تعتاش أساساً على السياحة.





ووفقاً للتقارير الإسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة احتمالات توجيه ضربة للمدينة، أو لحالة وقوع عملية مفاجئة تُلزم الجيش أن يكون على درجة استعداد عالية لمواجهة التطورات الميدانية، على الرغم من وجود السياج الحدودي بين إسرائيل وسيناء الذي يمتد على عشرات الكيلومترات. وشُيّد بالأساس لوقف حركة نزوح اللاجئين الأفارقة إلى إسرائيل عبر صحراء سيناء.

وأكثر ما يقلق الأجهزة الإسرائيلية اليوم هو شكل وطبيعة الهجوم المرتقب، في حال قرر "ولاية سيناء" الارتداد نحو الحدود مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن الجيش سبق أن أعد تصورات مختلفة، وتم إصدار أوامر عسكرية واضحة لمواجهة هجوم كهذا، فضلاً عن التدريبات التي يجريها لمواجهة عمليات من هذا النوع، لم يتمكن الجيش لغاية الآن من تحديد ملامح الهجوم، ويواصل مساعيه لتركيب صورة له اعتماداً على المعلومات الجزئية المتوفرة لديه.

ويعترف تقرير "معاريف" بأن المعركة الدائرة هي عملياً "معركة أدمغة"، تحاول إسرائيل جمع قطع الأحجية لإكمال صورة التهديد المقبل من "ولاية سيناء". وبحسب ما أتاح الجيش نشره، فهو يقر بأن المعلومات المتوفرة تتحدث عن تنظيم وراء الحدود (في سيناء) يجيد وينجح في شن هجمات عسكرية وإسقاط الضحايا في صفوف الجيش المصري، لكن الجيش الإسرائيلي يجهل متى ستكون اللحظة التي يقرر فيها التنظيم توجيه مركباته إلى إسرائيل. ويقر الطرف الإسرائيلي، بحسب الصحيفة ذاتها، بأنه على الرغم من النجاحات التي يحققها الجيش المصري في مواجهة الإرهاب، فإن السياج الحدودي بين سيناء وإسرائيل سيصبح هو الآخر هدفاً لهجمات التنظيم، إن لم يكن قد أصبح كذلك.

وفي هذا السياق، فإن التقديرات الإسرائيلية ترى أنه من أجل تنفيذ عملية نوعية في العمق الإسرائيلي أو حتى على السياج الحدودي فلا حاجة لعشرات المقاتلين، وإنما يكفي أن يصل عنصرين من التنظيم مزوّدين ببندقية إلى السياج الحدودي ويطلقون النار باتجاه إحدى حافلات الركاب المسافرة على طريق إيلات. ويكمن الخوف الإسرائيلي من عملية كهذه كونها عملية لا يمكن جمع معلومات مسبقة عنها، لأن الواقع الاستخباراتي القائم على الحدود مع سيناء لا يتيح جمع معلومات بصورة واضحة. فقد تكون المعلومات التي يتم جمعها عبر الرصد والمراقبة بواسطة أحد الرعاة الذين يقتربون من المنطقة، أو من عناصر الكشافة التي تقوم بجولات استكشاف لجمع المعلومات لمصلحة التنظيم.

وتواجه إسرائيل صعوبة في مجال جمع المعلومات عن "ولاية سيناء"، وهي تعترف بأنه من الصعب جمع معلومات عن تنظيم يعمل غالبية عناصره بتأثير ووحي من أشرطة تصوير، تمجد العمليات الانتحارية. وعليه، فإن الجيش يركز نشاطه الاستخباري في محاولة فك رموز وروتين هذه الأشرطة واستشراف وتوقع تجديد في عمليات مقبلة.

وتعمل الأجهزة الإسرائيلية انطلاقاً من الفرضية القائلة إن التنظيم سيحاول تنفيذ عملية أكبر من كل تلك التي قام بها لغاية الآن، والتي قد تشمل في هذه الحالة الاستعانة بعناصر كثيرة لعمليات الرصد والمراقبة، وتجهيز خلايا لحماية منفذي الهجوم، مع محاولة استبعاد مناطق معينة ومسارات ذات طبيعة طبوغرافية تحول دون تنفيذ عمليات لصعوبة التنقل فيها، كالمناطق الوعرة التي تتخللها الوديان أو الأخاديد العميقة. ويضاف إلى ذلك محاولات توقُّع مدة الهجوم وطبيعته، وسبل الرد عليه والوقت اللازم لبدء الرد على الهجوم، وتقليل أضراره ومخاطره.



المساهمون