ليبيا: هل تخلى خليفة حفتر عن برلمان طبرق؟

04 أكتوبر 2018
تساؤلات عن علاقة حفتر بفرنسا راهناً (لودفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -
تشير تصريحات اللواء الليبي خليفة حفتر وخطاباته في الآونة الأخيرة إلى اتجاهه للاستقلال عن داعميه المحليين، لا سيما في مجلس النواب، وتحلّله من تبعات قراراتهم المعرقلة سيرَ العملية السياسية في البلاد، على الرغم من كونهم شكّلوا له واجهة سياسية شرعنت كل نشاطاته العسكرية وتحركاته في الخارج.
آخر تلك التصريحات كان أول من أمس، عندما عبّر حفتر، في مقابلة مع "رويترز"، عن استغرابه عدم "توفر شرط القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات"، وكأنه لم يهدد الشهر الماضي بتقويض الانتخابات إذا لم تأتِ في صالحه، والآن يتوجه باللوم لمجلس النواب بأنه "لم يتخذ بشأن هذا الشرط أي إجراء حتى الآن"، لافتاً إلى أن رئيسه عقيلة صالح "تعهّد أمام الجميع في باريس بأنه قادر على إنجاز هذا الاستحقاق قبل نهاية شهر يوليو/تموز من هذا العام"، كاشفاً النقاب عن أن الأطراف التي اجتمعت في باريس أمهلت صالح "حتى 16-09-2018 كحد أقصى، وقد تجاوزنا الآن هذا التاريخ من دون أي إجراء، ومن دون تقديم أي مبررات".

اتجاه حفتر الجديد يواكب سيطرته المطلقة على شرق البلاد عسكرياً، كما أنه يواكب تغيراً دولياً جديداً بشأن مجلس النواب، الذي وُصف أكثر من مرة في تصريحات المبعوث الأممي غسان سلامة، بأن دوره معرقل للمسار السياسي، بل هاجم بشكل أكثر قوة النواب بالقول إنهم يعتقدون بأن كراسي المجلس كتبت بأسمائهم وأن نواباً في المجلس منتفعين من استمرار الأزمة يعرقلون مرحلة الذهاب إلى الانتخابات العامة.

على الأرض، لم يتوقف حفتر طيلة الشهرين الماضيين عن إعادة توزيع قواته وتعيين قادة جدد للكتائب لاستبعاد معارضيه العسكريين وتنصيب من يتبعونه شخصياً، كنقل تبعية كتيبة بولغيب، الشهيرة باسم "كتيبة أولياء الدم" في بنغازي، إلى الاستخبارات العسكرية التي تؤيد "قائد الإعدامات" محمود الورفلي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية والهارب من سجون حفتر. كما أن الأخير استعدى قادة عسكريين في غرب ليبيا وتحديداً في الزنتان، بإصدار أوامره لتشكيل مقدمة تمركز لقواته منتصف الشهر الماضي، وضم اللواء 28 الذي يقوده ضباط من الزنتان إلى غرفته الجديدة. كما قرر ضم الكتيبة 101 في أجدابيا، التي سبق أن شكلت قلاقل أمنية له في منطقة الهلال النفطي، إلى الكتيبة 106 التي يتولى إمرتها أخلص رجاله النقيب محمد ابسيط.


ولا يبدو أن حفتر اكتفى بتغييرات محلية، بل سعى إلى الاتصال بأطراف دولية أيضاً لتحسين أوضاعه، آخرها التقارب مع روما التي طالما عارض سياستها في السابق ووقف إلى جانب باريس خصمها التقليدي في ليبيا. لكنه اليوم يبدو على علاقة جيدة بإيطاليا بدعم مصري، فوزير الخارجية الإيطالي، إنزو موافيرو ميلانيزي، الذي التقى حفتر الشهر الماضي، أكد في تصريحات الثلاثاء أن الأخير أكد اهتمامه بالمؤتمر الدولي الذي تعتزم إيطاليا عقده حول ليبيا في 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وجاءت تصريحات الوزير الإيطالي لتشير إلى تغير العلاقة مع حفتر، وهو أكد أيضاً أن السفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بيروني، سيبقى في روما حالياً، ما بدا استجابة لشكوى حفتر من السفير التي سربتها صحف إيطالية أثناء لقاء ميلانيزي بحفتر في بنغازي في العاشر من الشهر الماضي. بل ذهب الوزير الإيطالي إلى أبعد من ذلك، عندما أعلن أن المؤتمر المقرر في إيطاليا لن يفرض آجالاً محددة للانتخابات في ليبيا، تماهياً في ما يبدو مع رغبة حفتر الذي لا يزال يسعى من خلال مؤيديه إلى عرقلتها، ومحاولته الدفع لإجرائها بعيداً عن الدستور الذي تهدد مواده مستقبله السياسي والعسكري.

وفي مجمل هذا التقارب الجديد، يطفو تساؤل حول علاقة حفتر بباريس، حليفه الأقوى أوروبياً، والسؤال الأكثر طرحاً هو حول من يدعم حفتر في توجّهه الجديد، أم أنه اعتد بنفسه وبما حققه عسكرياً معتبراً أنه رقم يصعب إلغاؤه من المشهد، أو ربما تحوّل إلى رجل سياسة يجيد فن التأقلم مع متغيرات الوضع الدولي وكيفية التعامل معها.

المساهمون