إدلب وظهور الجولاني والبغدادي

26 اغسطس 2018
"النصرة" و"داعش" عامل دعم للنظام (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال زعيما التنظيمين المتطرفين "داعش" و"جبهة النصرة" يؤكدان على ظهورهما المفاجئ في كل المراحل المفصلية والمصيرية التي تمر بها الثورة السورية، وذلك بهدف التأثير سلباً على المعارضة، وإعطاء الذرائع للنظام وحلفائه للقضاء على ما تبقّى منها.

ففي الوقت الذي كان يتم الحديث فيه عن قرب التوصل إلى حل سلمي في محافظة إدلب، يجنب المدنيين فيها عملاً عسكرياً (بحجة وجود "النصرة" في إدلب)، خرج علينا زعيم "الجبهة"، أبو محمد الجولاني، بخطاب شعبوي عاطفي، رفض خلاله كل الحلول التي من شأنها أن تجنّب المحافظة عملاً عسكرياً، وحاول من خلال خطابه أن يقول للمجتمع الدولي إن "جبهة النصرة" هي جزء من الثورة السورية، أي حاول أن يسم الثورة بسمة الإرهاب، كما حاول استمالة بعض الفصائل للخروج عن توحدها والانضمام إلى "هيئة تحرير الشام" التي تشكل "النصرة" عمودها الفقري، بدعوى محاربة النظام. الأمر الذي تسبب عملياً بإعطاء كل الذرائع للنظام لاستهداف أكثر من ثلاثة ملايين مدني في محافظة إدلب، كما تسبب بسحب كل المبررات من يد تركيا في مشاوراتها مع الروس بشأن إدلب، وإضعاف موقفها لدرجة لم يعد أمامها سوى أحد خيارين، إما القضاء على "النصرة" أو ترك الروس والنظام يجتاحون المحافظة.

وتلا ظهور الجولاني ظهور مماثل لزعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، من خلال خطاب قال فيه للمجتمع الدولي إن تنظيمه موجود في إدلب. ولم يكن هذا الظهور المفاجئ في توقيت حساس هو الأول لزعماء التنظيمات المتطرفة، فقبل اقتحام النظام وروسيا لحلب ظهر بضع عشرات من "النصرة" في شوارع المدينة المحاصرة، على شكل حواجز استعراضية، ليعطوا للنظام والروس الذرائع الكافية لاقتحام حلب القديمة. وفي عام 2013، وقبل يوم من اجتماع ما يعرف بدول مجموعة أصدقاء سورية، بهدف دعم المعارضة، ظهر زعيم "جبهة النصرة" بكلمة مسجلة أعلن فيها تبعية "النصرة" لتنظيم "القاعدة"، الأمر الذي أفسد الاجتماع ومنع دعم المعارضة بسبب وجود "النصرة" في مناطق سيطرتها. إن وجود تنظيمي "داعش" و"النصرة"، منذ تأسيسهما، يشكل عامل دعم وتمكين للنظام في مختلف المجالات التي يحارب من خلالها الثورة السورية، الأمر الذي يحتم على المعارضة أخذ موضوع خطر وجود تلك التنظيمات بنفس أولوية خطر وجود النظام.
المساهمون