أوراق بنما... اهتمام إسرائيلي باستثمارات رموز السلطة الفلسطينية

10 ابريل 2016
يملك نجل عباس أسهماً بشركات مرتبطة بالسلطة الفلسطينية (Getty)
+ الخط -
يدلّ تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" حول "أوراق بنما" المسرّبة من شركة "موساك فونسيكا" للمحاماة، ومقرّها في بنما، والتي كشفت تورط مئات الشخصيات العربية والعالمية، منها زعماء دول ومقربوهم، في تهريب أموال إلى الملاذات الضريبية، على استشراء مظاهر الفساد الناجمة عن ارتباط النفوذ السياسي وعلاقات القرابة بقطاع الأعمال في السلطة الفلسطينية. وبحسب التحقيق الذي نشره موقع الصحيفة، أول من أمس الجمعة، فإن "وثائق بنما" أظهرت أن طارق عباس نجل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يملك أسهماً تبلغ قيمتها حوالى مليون دولار في شركة مرتبطة بالسلطة الفلسطينية. 

وبحسب الوثائق، فإن هذه الشركة التي يطلق عليها اسم "الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار" (Arab Palestinian investment company) (APIC)، تم تسجيلها في "الجزر العذراء" البريطانية في سبتمبر/أيلول 1994، إذ عقد مجلس إدارة الشركة اجتماعاً في 24 مايو/أيار 1995 وتمّ اختيار مجلس إدارة للشركة، وتمّ تعيين عمر العقاد، وهو سعودي من أصل فلسطيني، رئيساً للمجلس.

ويشير تحقيق "هآرتس" إلى أن بروتوكولات جلسات مجلس إدارة (APIC) دلّت على أنها دشّنت الشركة للقيام بمشاريع استثمارية كبيرة في مناطق السلطة الفلسطينية، التي تحوّلت في ما بعد إلى أكبر محتكر للاستثمارات في مناطق السلطة، إذ نفّذت مشاريع "في كل المجالات تقريباً"، وفقاً للصحيفة. وبحسب البروتوكولات التي كشفتها "وثائق بنما"، فإنّ أسهم الشركة عُرضت في البورصة الفلسطينية في مارس/آذار 2014، التي يرأس مجلس إدارتها طارق العقاد، نجل عمر العقاد.

وتلفت الوثائق إلى أنّ "صندوق الاستثمار الفلسطيني" (Palestinian Investment Fund)، المرتبط بديوان الرئيس عباس يملك 18 في المائة من أسهم الشركة، في حين يملك طارق العقاد 27 في المائة من الأسهم. وتشير "هآرتس" إلى أنّ "صندوق الاستثمار الفلسطيني" دُشّن عام 2003، بعدما احتجّت الدول المانحة على امتلاك "شركة الخدمات التجارية الفلسطينية" (PCSC)، التي كانت تتبع ديوان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مباشرة، 18 في المائة من أسهم (APIC)، إذ تمّ نقل هذه الأسهم إلى ملكية "صندوق الاستثمار". وتوضح "هآرتس" أنّ صندوق الاستثمار الفلسطيني يعرّف نفسه كمؤسسة "مستقلة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي ولزيادة أرباح صاحب أسهمها وهو الشعب الفلسطيني"، وفقاً لما ورد على موقع صندوق الاستثمار الفلسطيني على الإنترنت.



وتشير "هآرتس" إلى أنّه سرعان ما تبيّن أن "صندوق الاستثمار الفلسطيني" يعود مباشرة لديوان عباس، مبيّنة أنّ الرئيس الفلسطيني أصدر عام 2006 مرسوماً رئاسياً منح نفسه بموجبه سيطرة كاملة على مجلس إدارة الصندوق وممتلكاته العديدة. وتعيد "هآرتس" للأذهان حقيقة أن وثائق "ويكيليسكس" لصاحبها الصحافي جوليان أسانج، والتي تسرّبت عام 2006، كشفت برقية بعث بها القنصل الأميركي في القدس المحتلة، جاك وولس، جاء فيها، أن "قيمة الاستثمارات في صندوق الاستثمار الفلسطيني تبلغ أكثر من مليار دولار، وهي تحت تصرّف عباس الذي يختار مجلس الإدارة، ويمنح فقط مقعدَين في المجلس لوزراء في حكومته".

وبحسب "وثائق بنما"، فإنّ العلاقة بين (APIC) والسلطة الفلسطينية لا تقتصر على الجانب المالي، بل إنّ عدداً من كبار المسؤولين فيها كانوا أعضاء في مجلس الإدارة. وتشير هذه الوثائق التي اطلعت عليها "هآرتس"، إلى أنّ المستشار المالي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو محمد رشيد (المعروف باسم خالد سلام)، تم تعيينه عام 2000 كعضو مجلس إدارة في (APIC)، في الوقت الذي كان يشغل فيه منصب مدير "صندوق الاستثمار الفلسطيني". وتوضح "هآرتس" أنه بعد وفاة عرفات، قام عباس بإقالة محمد رشيد من منصبه كمدير لصندوق الاستثمار، وعيّن محمد مصطفى المقرّب منه محله، كما حلّ مصطفى أيضاً مكان رشيد في مجلس إدارة (APIC).

ودانت محكمة فلسطينية محمد رشيد عام 2012 باختلاس ملايين الدولارات من "صندوق الاستثمار". وتشير الصحيفة ذاتها إلى أنه بالاستناد إلى "أوراق بنما"، فقد تم تعيين طارق نجل محمود عباس عام 2011 كعضو في مجلس إدارة (APIC)، مشيرة إلى أنه يملك أسهماً في الشركة بقيمة 982 ألف دولار. وتعيد الصحيفة ما كُشف، أخيراً، عن أنّ طارق عباس كان مساعد مدير عام شركة العلاقات العامة (Sky)، التي تسيطر على مجال واسع من سوق الإعلانات في مناطق السلطة، مشيرة إلى أن المحامي كريس شحادة الذي يمثل طارق عباس سبق له أن كشف أن (Sky) دُشّنت كمبادرة بين صحيفة الأهرام المصرية وشركة (PCSC)، التي تم حلّها عام 2003 وأُسس مكانها "صندوق الاستثمار". وتضيف الصحيفة أنّ (APIC) اشترت عام 1999 شركة "Sky"، إذ كان طارق عباس يملك 10 في المائة من أسهمها. وتشير الصحيفة إلى أن طارق عباس يشغل الآن منصب رئيس مجلس إدارة "Sky".

على صعيد متصل، كشفت وكالة "رويترز" عام 2009 أنّ شركات تعود لطارق عباس وشقيقه الأكبر ياسر قد حازت على عقود عمل مع الوكالة الأميركية للتنمية بقيمة ملايين الدولارات. وبحسب "رويتزر"، فإنّ "Sky" قامت بتنظيم حملة علاقات عامة لتحسين صورة الولايات المتحدة في مناطق السلطة الفلسطينية. كما كشف تحقيق لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية عام 2012، عن أنّ الأخوين عباس يملكان شركتين، "المشتريات العربية الفلسطينية"، و"يونيبال" المختصة بتوزيع منتوجات عديدة، منها المواد الغذائية والسجائر ذات ماركات عالمية.

المساهمون