جمود المصالحة يقلق الغزيين... ومخاوف من الأسوأ

22 ديسمبر 2017
يخشى سكان غزة تداعيات انهيار المصالحة (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
يثير الجمود الحاصل في ملف المصالحة الفلسطينية وعدم تقدم خطواتها، كما كان متفقاً عليه، الخوف والقلق في صفوف الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة، بعد أن راهنوا على إنهاء الانقسام وتوقعوا أن تخلصهم حكومة "الوفاق الوطني" من الأزمات المعيشية والاقتصادية وتفتح لهم الأبواب المغلقة منذ 11 عاماً.
ومنذ الإعلان عن تمكين الحكومة في العاشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي، لم تتحقق أي من الخطوات التالية في اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي "حماس" و"فتح" في القاهرة في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فلا موظفو حكومة "حماس" السابقة تلقوا دفعات مالية من الحكومة، وفق الاتفاق، ولا المعابر فتحت، ولا العقوبات والإجراءات المتخذة ضد القطاع توقفت.
وتنذر الأيام المقبلة بمزيد من السوداوية إنّ لم يجر تدخل حاسم وحقيقي لإنقاذ المصالحة ودعمها للتقدم وتعزيزها على الأرض لتصبح واقعاً، غير أنّ مصر، الراعي الحصري للمصالحة، تبدو وكأنها رفعت يدها تماماً عنها بعد انسحاب وفدها الأمني من القطاع قبل أسبوعين.
وكان يفترض أنّ يدعو جهاز المخابرات المصري وفدين من "فتح" و"حماس" لزيارة القاهرة بعد العاشر من الشهر الحالي للتباحث في الخطوات التالية وحل الإشكاليات العالقة بين الطرفين، لكن ذلك لم يحدث أيضاً، ولا مؤشرات على حدوث مثل هذا اللقاء قريباً.



ونصب موظفو حكومة "حماس" السابقة خيمة اعتصام أمام مقر الحكومة المؤقت في منزل الرئيس محمود عباس في مدينة غزة لإيصال صوتهم، بعد ما قالوا إنه تجاهل من حكومة "الوفاق الوطني" لهم وعدم صرف دفعات مالية كما اتفق عليه بين "فتح" و"حماس". وقامت نقابة الموظفين بطرد بعض الموظفين الذين عادوا لعملهم كخطوة احتجاجية على تجاهل مطالبهم.
أما موظفو السلطة الفلسطينية، فيواصلون المسيرات والوقفات الاحتجاجية ضد قرارات الحكومة الأخيرة بإحالة الآلاف منهم للتقاعد الاجباري، منددين بالخطوات "غير المفهومة" التي تطاولهم وتحرمهم من العودة لأعمالهم، خصوصاً أنّ قرارات التقاعد المبكر تطاول صغار السن من الموظفين.
وفيما تمر المصالحة بمأزق حقيقي، وربما تكون وصلت لمرحلة الفشل، لكن أياً من الطرفين لن يجرؤ على إعلان ذلك لعدم تحميله المسؤولية عن فشلها، وهو ما يبدو جلياً في رفض قيادات التفاوض لدى الطرفين الحديث للإعلام هذه الأيام.
على الرغم من ذلك، تظهر بين الحين والآخر مطالبات على لسان قيادات في "حماس"، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني أو حكومة وحدة وطنية، وسط تجاهل هذه المطالب من الطرف الآخر، وغياب الضمان الحقيقي لعودة البريق إلى المصالحة.
ويُخشى أن يكون الذهاب إلى معركة مع الاحتلال الإسرائيلي أمراً محتوماً في محاولة للخروج من المأزق، في ظل غياب التطمينات، وغياب الراعي ورغبة الأطراف في حلحلة الأمور، لكن الحرب قد لا توصل لنتائج، ما يعني أنها ليست الخيار الأول.
ويصف النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي، يحيى موسى، المصالحة الفلسطينية بـ"الحب من طرف واحد"، والذي يتمثل في مواقف حركته التي أقدمت على خطوات متسارعة لم تقابلها إرادة من الطرف الآخر المتمثل في حركة "فتح".
ويقول موسى، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الخطوات التي قامت بها حركته، ورغم أنها قوبلت بالترحاب الفصائلي والمجتمعي الواسع، إلا أن حكومة "الوفاق الوطني" لم تقم إلا بالتسويف والوعود الكاذبة والتصدي لكل الخطوات التي قامت بها "حماس"، على حد وصفه.
ويضيف القيادي في حركة حماس أنه حين جاءت اللحظة الفاصلة وبدأ موعد الاستحقاقات المالية على الحكومة، لم تقم الأخيرة بصرف أي موازنات تشغيلية لصالح الوزارات والمؤسسات. كما أنها لم ترفع العقوبات والإجراءات المتخذة ضد القطاع، بالإضافة إلى عدم دفع رواتب لموظفي غزة.
ويشير موسى إلى أن المصريين انسحبوا من دون أن يوضحوا أسباب أو مضمون الانسحاب، وهل هذا انسحاب كلي من ملف المصالحة أم أنه مؤقت، لا سيما أن المصالحة الفلسطينية حالياً تعيش حالة جمود، خصوصاً أن الحكومة لا تقوم بواجباتها تجاه القطاع.
ووفقاً لموسى، فإن "حماس" لن تقبل أو تسمح بأي حال من الأحوال بأن تذهب غزة للمجهول، والمطلوب حالياً دعوة المجموع الوطني والفصائل لمكاشفتهم بحقيقة ما يجري، والسير بخطوات متفق عليها كي لا تُتهم "حماس" بالقيام بخطوات أحادية في ما بعد.
ويلفت القيادي في "حماس" إلى أن ما يجري حالياً من عدم وجود موازنات تشغيلية للوزارات أو صرف رواتب للموظفين وصفة حقيقية لـ"الفوضى"، والمطلوب في الفترة الحالية دعوة اللجنة الفصائلية التي تشكلت لمتابعة ملف المصالحة للقيام بعملها واستطلاع رأيها في ما يجري.
أما القيادي في حركة "فتح"، يحيى رباح، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ المصالحة الداخلية سوف تتحقق مهما كانت الظروف المحيطة وبغض النظر عن أي محاولة لعرقلتها من قبل أي طرف من الأطراف، لأن هناك إرادة صلبة من القيادة الفلسطينية بذلك.
ويشير رباح إلى ضرورة أن يجري تمكين حكومة الوفاق من القيام بكامل مهامها وصلاحياتها بدون انتقاص في قطاع غزة، من أجل تنفيذ كل المطلوب منها في شتى المجالات الخاصة بالكهرباء والمياه والموظفين، وغيرها من القضايا.
وحول فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشدد رباح على أن حركته كانت تطالب دائماً بتشكيل حكومة كهذه من مختلف الفصائل والقوى الوطنية على الساحة السياسية كونها تمنحها قوة كبيرة، ومن كان يرفض بشكل دائم هذه الفكرة هي حركة "حماس".
ويدعو القيادي بحركة "فتح" إلى أن يجري العمل على ترك حكومة الوفاق تقوم بمسؤولياتها ومهامها بشكل حقيقي إلى ما بعد انعقاد المجلس الوطني منتصف شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، ومن ثم يجري البحث في إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها جميع الفلسطينيين.
المساهمون