وقال عاموس هارئيل، المعلق العسكري لصحيفة "هارتس"، إن كل الدلائل تشير إلى أن إسرائيل قلصت من حجم أنشطتها العسكرية الهجومية على الجبهة الشمالية في أعقاب اغتيال سليماني، مشيراً إلى أن التسريبات الصحافية التي نسبت إلى إسرائيل قيامها، الأسبوع الماضي، بمهاجمة شاحنة تنقل السلاح بالقرب من مدينة البوكمال على الحدود العراقية السورية "غير صحيحة".
واستدرك بأن "توقف إسرائيل عن شن عمليات هجومية في سورية والعراق قد يكون مؤقتا، وسيتواصل حتى تتضح صورة المواجهة بين إيران والولايات المتحدة".
وأوضح أنه "بخلاف التوقعات، فإن قصف قاعدتين في العراق لن يكون الانتقام الإيراني الوحيد على اغتيال سليماني"، مشيراً إلى أن "الرد يمكن أن تقدم عليه مليشيا الحشد الشعبي الذي تم اغتيال أبرز قادتها إلى جانب سليماني".
وأشار المعلق الإسرائيلي إلى أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي "يواجه أزمة خيارات كبيرة، حيث إنه يدرك من ناحية أنه لم يتمكن من إقناع الجمهور الإيراني بأنه رد بشكل مناسب على اغتيال سليماني، فضلاً عن أنه لم ينجح في دفع الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن بلاده"، قائلاً إن "خامنئي يعي، في المقابل، أن أي ردود يمكن أن تؤدي إلى مقتل جنود أو مواطنين أميركيين ستدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوجيه ضربات قوية لإيران".
وأوضح هارئيل أن ما كشفت عنه وسائل الإعلام الأميركية، أمس الأحد، من أن المخابرات الإسرائيلية لعبت دوراً في تصفية سليماني، من خلال تزويد الجيش الأميركي بمعلومات حول مكان وجوده بالضبط داخل مطار بغداد "كان متوقعاً".
وأشار إلى أن اعتماد الولايات المتحدة على المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية التي تنفذها في المنطقة بات "تقليدا"، لافتا إلى ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" من أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو "كان الزعيم الأجنبي الوحيد الذي تلقى معلومات مسبقة حول نية الولايات المتحدة تصفية سليماني".
في السياق، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" اليمينية الإسرائيلية إن الكشف عن دور إسرائيل في تصفية سليماني "سيخدم مصالح تل أبيب بشكل كبير".
وأشار هيرب كينون، المعلق العسكري للصحيفة، إلى أن الكشف عن المساعدة التي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة في عملية تصفية سليماني "يعزز مكانة تل أبيب لدى الرأي العام الأميركي، لأنه دلّ على دور وقيمة التعاون الأمني والعسكري مع إسرائيل في الحفاظ على المصالح الأميركية".
وأوضح أن الكشف عن دور تل أبيب في تصفية سليماني "مهم في محاولة صد الدعوات التي تنطلق داخل الحزب الديمقراطي لتقليص الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، كما حث على ذلك مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية بيرني ساندرز".
ولفت إلى أن "إسرائيل معنية بأن يرصد الرأي العام الأميركي عوائد الدعم العسكري الذي تقدمه واشنطن لتل أبيب"، موضحا أن الكشف عن دور إسرائيل في تصفية سليماني "يساهم أيضاً في تعزيز قوة الردع الإسرائيلية في مواجهة الكثير من الأطراف المعادية، على اعتبار أن ذلك يبرز عمق التعاون الذي يربطها بالقوة العسكرية الأقوى في العالم، ما يقلص من رغبة الأعداء في التوجه للمس بإسرائيل ومصالحها".
وذكر أن التعاون الاستخباري والأمني والاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل "تعاظم إلى حد كبير في أعقاب صعود الرئيس ترامب"، مشيراً إلى أن "رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أشاد أخيرا بالعلاقات العسكرية و"التعاون الاستثنائي" مع الولايات المتحدة، لأنها وسعت من هامش الحرية أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية".