تستعد السلطات العراقية، الشهر المقبل، لإعادة افتتاح منفذ القائم الدولي بين بغداد ودمشق، بعد نحو خمس سنوات على إغلاقه إثر اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي مساحات واسعة من شمال وغرب العراق، وسيطرته على الجزء المقابل لها في الجانب السوري، في خطوة اعتبرت سياسية تصب في صالح نظام بشار الأسد لعدم جدواه بالنسبة للعراقيين في الوقت الحالي.
ورغم مخاوف مراقبين من نتائج سلبية قد تتسبب بها إعادة افتتاح المنفذ على الملف الأمني، خاصة في ما يتعلق بالفصائل والمليشيات المسلحة الموجودة على جانبي الحدود الدولية بين البلدين، وعدم جدواه من الناحية الاقتصادية أو التجارية، فإن مصادر في محافظة الأنبار رجحت، لـ"العربي الجديد"، افتتاح المنفذ الشهر المقبل بعد وصول عمليات التأهيل والتعمير فيه إلى مراحلها الأخيرة، بما فيها وصول ضباط أمن وجمارك إلى المنفذ وتهيئة الأجهزة وكاميرات المراقبة فيه.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن المنفذ سيعاود عمله على مستوى تنقل المسافرين والبضائع، وهناك قوة تتبع النظام السوري موجودة في الجهة المقابلة، تدعمها مليشيات عراقية، توجد على الشريط الحدودي، أبرزها "كتائب الإمام علي" وكتائب "حزب الله" و"لواء الطفوف".
واعتبر مراقبون أن الإصرار على افتتاح المنفذ مجددا رغم عدم جدواه اقتصاديا، وفي ظل انقطاع سفر العراقيين إلى سورية، وبالعكس، يحمل جانبا سياسيا يحرص نظام الأسد من خلاله على إظهار الحدث كأنه إنجاز له يسوقه في مجالات عدة.
وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني إن "العراق لن يستفيد شيئا من المنفذ، فالمسافرون إن وجدوا يتنقلون جوا وليس برا لخطورته، كما أن المنفذ لا تُتوقع منه تجارة ولا تبادل اقتصادي، إذ لا يوجد شيء في سورية يحتاج العراق لاستيراده، كما أن العراق لا يملك شيئا لتصديره لسورية".
وأضاف الحمداني، لـ"العربي الجديد"، أن "المنفذ له مخاطر أمنية على العراق، فهو يقع اليوم وسط منطقة تحكمها مليشيات مرتبطة بإيران فعليا، وافتتاحه عدا عن كونه تسويقا لإنجاز سياسي وإعلامي، فهو يشكل خطرا أمنيا على العراق، حيث سيكون معبرا طبيعيا لمسلحي المليشيات".
من جانبه، قال عضو مجلس بلدة القائم العراقية والحدودية مع سورية جاسم العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "المنفذ سابقا كان يشكل مصدر رزق وتشغيل للأيدي العاملة المحلية، والسكان يأملون أن يعود كذلك، لكن بالتأكيد المؤشرات الحالية تشير إلى أن المنفذ لن يعود بأحسن الأحوال كما كان ولو بنسبة 10%"، مبينا أن "المدينة بكل الأحوال مهيأة لافتتاح المنفذ".
المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار عيد عماش قال بدوره، في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام عراقية محلية في وقت سابق، إن "القوات العراقية ستقوم حصرا بحماية المنفذ"، مبينا أن بلاده "ليست بحاجة إلى حماية أجنبية أو توظيف شركات لمهمة تأمين منفذ القائم، فالجيش العراقي هو من سيتولى المهمة، وداخل المنفذ قوات أمن تتبع وزارة الداخلية حصرا".
وأوضح قائمقام بلدة القائم أحمد الدليمي، في وقت سابق، أن قوة عراقية تكفلت بتأمين الطريق باتجاه منفذ القائم تمهيدا لافتتاحه، موضحا أن "الحكومة المحلية في القائم تنسق مع القوت الأمنية من أجل فتح المنفذ أمام حركة العجلات".
في المقابل، أكد ضابط في قيادة عمليات الجزيرة والبادية للجيش، المسؤولة عن حماية غرب العراق حتى الحدود مع سورية والأردن، أكد أن "قوات أميركية تقوم بتسيير دوريات على الطريق القريب من منفذ القائم بين الحين والآخر"، موضحا، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "الأميركيين عبروا عن خشيتهم من تحول المنفذ في حال افتتاحه وعدم ضبطه إلى ممر للجماعات المسلحة العراقية والإيرانية الداعمة لنظام بشار الأسد".
والأسبوع الماضي، وصلت قوات روسية إلى بلدة البو كمال السورية المحاذية للقائم العراقية بعد قدومها من مدينة دير الزور الخاضعة لسلطات النظام بدعم روسي، ولم يتضح إن كانت القوات الروسية تنوي إقامة قواعد دائمة أم أنها جاءت لدعم قوات النظام في تأمين الحدود مع العراق.