كيف يخدم استفتاءا كردستان وكتالونيا المغرب بملف الصحراء؟

17 أكتوبر 2017
كولر يزور المغرب وتندوف والجزائر وموريتانيا (ساشا شتاينباك/Getty)
+ الخط -
مع وجود المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كولر، في منطقة المغرب العربي، حالياً في أول زيارة منذ تعيينه خلفا لكريستوفر روس، تبدو الأجواء الدولية مؤاتية حالياً للمغرب، كي ينتزع بعض النقاط لصالحه في أزمة الصحراء، المندلعة منذ حوالى 42 عاماً. تتمثل هذه الأجواء تحديداً، في الاستفتاءين الأخيرين اللذين حصلا في كردستان العراق، وكتالونيا ـ إسبانيا، حيث صوت السكان المحليون لصالح "الانفصال" أو "الاستقلال"، وهو ما دقّ ناقوس الخطر من أن تشجّع هاتان الحالتان الدعوات الانفصالية للأقليات في مختلف أنحاء العالم.

وفي هذا السياق، يقول المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء، سمير بنيس، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الزيارة تأتي في ظل تطورات دولية مؤاتية للمغرب تتمثل بـ"الاستفتاءين اللذين تم تنظيمهما خلال الأسبوعين الماضيين في كل من إقليم كتالونيا في إسبانيا، وإقليم كردستان في شمال العراق". 

ويضيف المستشار الدبلوماسي أن "التوتر الذي خلقه هذان الاستفتاءان في الدول المعنية وردة فعلها، ورفض المجتمع الدولي الاعتراف بنتائجهما ودعم استقلال هذين الإقليمين، يعتبر نقطة تحول في العلاقات الدولية قد تدشن لحقبة جديدة تعطى فيها الأولوية للحفاظ على الوحدة الترابية للدول".

ويوضح بنيس أن "زيارة المبعوث الأممي تأتي في سياق دولي غير مسبوق، قد يلعب لصالح المغرب، ويدفع الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في النهج الذي اعتمدته خلال السنوات العشر الماضية، والذي جعل النزاع يراوح مكانه دون تحقيق أي تقدم يذكر".

ودعا المتحدث ذاته الأمم المتحدة إلى "التفاعل مع هذا السياق الدولي، والعمل على تبني نهج جديد يتماشى مع الواقع على الأرض، والإقرار بأن مفهوم تقرير المصير الذي تم اعتماده في ستينيات وسبعينات القرن الماضي لم يعد قابلا للتطبيق في السياق الدولي للقرن الواحد والعشرين".

وأضاف أن "الأمم المتحدة على علم تام بأن المغرب لن يقبل بأي حل قد يؤدي إلى استقلال الصحراء عن المغرب، وبالتالي فإن خيار الاستفتاء على النحو الذي تسعى إليه البوليساريو والجزائر، لم يعد من بين الخيارات الممكنة للتوصل لحل سياسي ومتوافق عليه للنزاع"، لافتا إلى أن "المغرب عقد العزم على الاستفادة من السياق الدولي الذي نتج بعد استفتاءي كتالونيا وكردستان، من أجل التأكيد أن السبيل الوحيد للتوصل لحل سياسي هو تنحية خيار الاستفتاء، والعمل على التوصل إلى حل سياسي على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه عام 2007".

وبحسب المستشار ذاته، فإن "المغرب سيعمل أكثر من أي وقت مضى على دفع الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في مفهوم تقرير المصير الذي تبنته منذ عدة عقود، والضغط أكثر على الجزائر والبوليساريو من أجل تقديم تنازلات وإبراز نيتهما في التوصل لحل سياسي للنزاع".

وأضاف بنيس "سيقوم كولر بإعطاء طرفي النزاع فكرة عن المقاربة التي ينوي تبنيها لمعالجة القضية، بغية مساعدتهما على وضع اللبنات الأولى للتوصل لحل سياسي لقضية الصحراء".

وخلص المتحدث إلى أن "نجاح المساعي التي سيقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام في الصحراء رهين بنوعية النهج الذي سيقترحه على أطراف النزاع، وبجرأته على تقديم اقتراحات واقعية تأخذ بعين الاعتبار موقف المغرب الواضح من النزاع، ورفضه القاطع لأي مقترح يعتبر الاستفتاء من بين الحلول المتاحة للتوصل لحل سياسي، والتطورات الأخيرة على الساحة الدولية".

وبعد زيارة المبعوث الأممي للرباط ولقائه بمسؤولين، من المرتقب أن يحل، يومي الأربعاء والخميس، بمخيمات تندوف، في زيارة ميدانية لمعرفة أوضاع الصحراء، كما يزور الجزائر وموريتانيا.

وبعد انتهائه من هذه الزيارات للمنطقة، من المقرر أن يعد المبعوث الأممي تقريرا بشأن حصيلة لقاءاته والخلاصة التي خرج بها من جولته الأولى، يقدمه أمام أنظار مجلس الأمن الدولي في 24 أكتوبر/ تشرين الأوَّل الجاري.

وينتظر كثيرون أن يقوم المبعوث الجديد ببعث روح جديدة في المفاوضات السياسية المتعثرة بين المغرب والبوليساريو بعد مرور عشر سنوات لم يتم فيها تحقيق أي تقدم يمهد الطريق للتوصل لحل سياسي متوافق عليه. 

واتضحت نية المغرب في إقصاء الاستفتاء من الخيارات المطروحة على طاولة المفاوضات في البيان الذي ألقاه سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أمام اللجنة الرابعة، الثلاثاء الماضي، والذي أكد فيه أنه "لا مجال للحديث عن الاستفتاء كأحد الخيارات للتوصل لحل للنزاع القائم حول الصحراء". ودعا هلال إلى "حذف قضية الصحراء من أجندة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتصفية الاستعمار"، مؤكداً أنه "قد تمت تصفية استعمار الصحراء عام 1975 حين قام المغرب باسترجاع سيادته على هذا الإقليم".

المساهمون