الاحتلال يرصد 500 مليون دولار لحماية حقول الغاز في المتوسط

10 يوليو 2017
ستشتري إسرائيل زوارق سريعة لحماية منصات الغاز (أورييل سيناي/Getty)
+ الخط -

يعكس مبلغ الـ500 مليون دولار التي أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلي رصدها لإبرام صفقات لحماية حقول الغاز الإسرائيلي في المتوسط، منذ اكتشاف هذه الحقول في عام 2009، الأهمية الكبيرة التي توليها إسرائيل لهذه الحقول، وللغاز الطبيعي، باعتباره ينقل إسرائيل من دولة تفتقر إلى الثروات الطبيعة إلى دولة مصدرة للغاز الطبيعي، وقوة اقتصادية وإقليمية، قادرة بفعل مردود الغاز الطبيعي، مع بدء إنتاجه وتسويقه، على زيادة نفوذها الإقليمي وتحسين مكانتها الاستراتيجية.

وكان هذا الأمر أحد مركبات قرارات المحاكم الإسرائيلية، على مدار الأعوام الأخيرة، بإلزام الدولة باتباع مسار خاص يحول مستقبلاً دون تكوين شركات محتكرة للغاز الطبيعي، لا سيما الشركة الأميركية "نوبل إنيرجي"، والتي تولت على مدار العقد الماضي، بالتعاون مع شركات إسرائيلية، عملية التنقيب عن الغاز الطبيعي، من جهة، وتفادي خلافات مع هذه الشركات من شأنها أن تعطل مسار استخراج الغاز، وبالتالي إبقاءه في قعر البحر، وفقاً للطعون التي قدمتها حكومة بنيامين نتنياهو للمحكمة العام الماضي.

والواقع أن إسرائيل لم تنتظر إتمام عمليات التنقيب عن الغاز، وإتمام عقود استخراجه من قعر البحر لتسجيل مكاسب اقتصادية وسياسية واستراتيجية. ففيما كانت حتى عام 2010 تجري مفاوضات حثيثة مع أنقرة لنقل الغاز الإسرائيلي المسال عبر تركيا إلى أوروبا، فإنها تحولت بعد القطيعة بين البلدين، إثر اعتراض القوات الإسرائيلية أسطول الحرية ومقتل 11 متطوعاً تركياً كانوا على متن السفينة "مرمرة"، للبحث عن شركاء جدد، مستغلة الخلافات التاريخية بين تركيا من جهة وقبرص واليونان من جهة أخرى. وتمكنت إسرائيل، بفعل التأثير المستقبلي لضخ الغاز المسال عبر الأراضي اليونانية والقبرصية إلى أوروبا، من تكريس حلف ثلاثي جديد في حوض المتوسط، يضمها واليونان وقبرص، تجاوز البعد الاقتصادي، ووصل إلى حد التنسيق السياسي والعسكري بين الدول الثلاث وعلى مستويات عالية.

في المقابل، عملت إسرائيل على توظيف مسألة حماية حقول الغاز الطبيعي في المتوسط، خصوصاً في ظل الخلاف بين إسرائيل ولبنان، بسبب سعي الاحتلال للسيطرة على بعض الحقول الواقعة في المياه الاقتصادية مع لبنان، في ظل عدم التوصل نهائياً لترسيم حدود المياه الاقتصادية بينهما، في سياساتها المعلنة ضد أطراف عربية، مثل "حزب الله"، وأخرى غير عربية كإيران، والسعي لمحاولة تقليص ومنع وصول إيران إلى سواحل المتوسط، سواء عبر النفوذ الإيراني في سورية، أو عبر ما تتحدث عنه إسرائيل، ومعها دول سنية، عن مسعى إيراني لتكريس ممر بري من إيران وصولاً إلى شواطئ المتوسط عبر كل من العراق وسورية وحتى لبنان.

وقد سبق لتقديرات إسرائيلية، أبرزها تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال أفيف كوخافي (يشغل اليوم منصب نائب رئيس أركان جيش الاحتلال)، ووزير الأمن السابق، موشيه يعالون، أن حددت أهم الأخطار والتحديات الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل ومستقبلها كدولة مصدرة للغاز الطبيعي، وهي صواريخ "ياخونت" الروسية القادرة على ضرب منصات الغاز في المتوسط، والتي ادعت إسرائيل أن "حزب الله" يسعى للتسلح بها. وشكلت هذه القضية أيضاً إحدى أهم الفضائح التي كادت تؤدي بحكومة نتنياهو، ونتنياهو نفسه، مع تفجر ما يعرف بالقضية 3000، والتي تشتبه فيها السلطات بأن المحامي الخاص لنتنياهو، وابن عمه، دافيد شومرون، حاول، مستغلاً عمله كمستشار خاص لنتنياهو، التأثير على صفقات السلاح، لا سيما صفقة للتزود بسفن حربية وزوارق سريعة لحماية منصات استخراج الغاز الطبيعي، وضمان منح العطاء لشركة "تيسنكروب" الألمانية، الأمر الذي أدى إلى فتح تحقيق جنائي لا يزال مستمراً حتى اليوم، وقدم فيه عدد من كبار السياسيين شهادات وإفادات للشرطة، كان آخرهم يعالون الذي قال إن موقف نتنياهو في هذه القضية لم يكن مهنياً ولا موضوعياً على الإطلاق.

وبالعودة إلى قرار وزارة الأمن، فقد أعلنت الوزارة الإسرائيلية أنها قررت رصد مبلغ 500 مليون دولار للتزود بمنظومات متطورة لحماية منصات استخراج الغاز الطبيعي من المتوسط، وضمن ذلك شراء سفن حربية وزوارق سريعة، إلى جانب منظومات تكنولوجية متطورة، ومنظومات رصد وأخرى لاعتراض صواريخ "ياخونت"، ما قد يوازي منظومة "قبة حديدية " في البحر. وذكر موقع "والاه" الإسرائيلي أن وزارة الأمن انتهت أخيراً من إعداد مناقصة سيتم طرحها قريباً، فيما تم إصدار مناقصات أخرى للتزود بمنظومات إبحار ورصد وتجسس سيتم تركيبها على السفن الحربية المنوي شراؤها. ونقل الموقع عن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قوله، إن حماية منصات استخراج الغاز لها دلالات وأهمية كبيرة لأمن واقتصاد إسرائيل، وإن وزارة الأمن والصناعات الأمنية الإسرائيلية تشكلان محركات نمو أساسية في الاقتصاد الإسرائيلي. ولفت ليبرمان إلى أن هذه الصناعات تدر على الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات سنوياً، كما أنها توفر آلاف فرص العمل. يشار إلى أن التوقعات الإسرائيلية تشير إلى أن حقل "لفيتان" وحده قد يحتوي على ما لا يقل عن 453 مليار متر مكعب من الغاز، ونحو 240 مليار متر مكعب من الغاز يقدر وجودها في حقل الغاز الطبيعي "تمار".

المساهمون