وأوضحت المصادر أنّ تأجيل الانتخابات يستهدف إعطاء مهلة أكبر للرئيس الحالي لتحقيق حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، خصوصاً أنّ الحكومة تعتزم إلغاء الدعم نهائياً عن الوقود والكهرباء والغاز والسلع التموينية خلال العامين المقبلين، ما قد يترك أثراً سلبياً على مؤشرات التصويت، في حال إجراء التصويت في عام 2022، ويعطي أملاً لمنافسين محتملين لخوض الانتخابات في مواجهة السيسي، نظراً لتراجع شعبيته.
وتابعت المصادر أنّ السبب الأهم وراء التأجيل يعود إلى أن قانون هيئة الانتخابات، ينصّ على إلغاء الإشراف القضائي الكامل على جميع الاستحقاقات الانتخابية بحلول عام 2024، وهو ما يعني إجراء الاقتراع في الاستحقاق الرئاسي تحت إشراف الأجهزة المحلية، وتولي وزارة الداخلية مسؤولية تأمين صناديق الاقتراع، ما يسهل من عملية تزوير الأصوات في غياب إشراف القضاة، في ردة تعيد مصر إلى عهود ما قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
وصادق السيسي على قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، في أغسطس/آب 2017، بعد أن أقرّه مجلس النواب بالصيغة نفسها التي وردت من الحكومة، لينصّ على "إلغاء الإشراف القضائي الكامل على الاستفتاءات والانتخابات في 17 يناير/كانون الثاني 2024"، إذ رفض رئيس البرلمان حينها الطلب المقدّم من 31 نائباً، بشأن الإبقاء على الإشراف القضائي من دون التقيد بمدة زمنية، كزيادة في الضمانات الخاصة بنزاهة الاستحقاقات.
وأفادت المصادر بأنّ سيناريو تعديل مادة الرئاسة جرى إعداده على عجل، بالتزامن مع زيارة السيسي الأخيرة إلى واشنطن، وتلقيه - في ما يبدو - توبيخاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مقترح تعديل الدستور الذي يقضي باستمراره في الحكم حتى 2034. وأشارت إلى أنّ نجل السيسي محمود وأبو شقة، شددا على عدم إدلاء هيئة مكتب اللجنة التشريعية بأي تصريحات إعلامية حول مدى دستورية المقترح، وترك تلك المهمة لرئيس البرلمان.
كما بينت المصادر أنّ رئيس مجلس النواب علي عبد العال عمد إلى الحديث عن أهمية وضع دستور جديد لمصر، خلال مدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، لإيصال رسالة مفادها بأنه يمكن إدخال تغييرات أخرى قبل انتهاء ولاية السيسي بموجب التعديلات الدستورية الجديدة، خصوصاً أنّ لجنة الصياغة رفضت مقترحاً بشأن حظر ترشح الرئيس الحالي مجدداً، وذلك في المادة الانتقالية التي استحدثت على قياسه، وفقاً للمصادر.
ووافقت اللجنة التشريعية في مجلس النواب، مساء الأحد الماضي، بصفة نهائية، على مشروع تعديل الدستور، إيذاناً بطرحه للتصويت النهائي في جلسات البرلمان أمس، متضمناً مادة مستحدثة تقضي بمد ولاية السيسي الحالية من أربع إلى ست سنوات، لتنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، مع السماح بترشحه لمرة واحدة تالية لمدة ست سنوات تنتهي في عام 2030، بما يعني استمراره في الحكم لثماني سنوات إضافية على مدته الدستورية.
وكان "العربي الجديد" قد انفرد بنشر مقترح تعديل مادة الرئاسة قبل الإعلان عنه رسمياً من لجنة الصياغة، والذي جاء بذريعة الترويج إلى أن استمرار السيسي مرتبط بتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، وعدم توقف المشاريع "القومية" الجاري تنفيذها بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، وكذا تهدئة الأوضاع الداخلية في مصر، مع اشتعال التظاهرات في السودان والجزائر ضد السلطة الحاكمة.
وحسب مشروع التعديل، فإنّ الفقرة الأولى من المادة 140 من الدستور نصت على أن "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين"، في حين نصت المادة الانتقالية على أن "تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيساً للجمهورية، ويجوز إعادة انتخابه لمرة تالية".