قمة السيسي والبشير: التعاون الاقتصادي والأمني وتأجيل القضايا الخلافية

05 أكتوبر 2016
الخلافات حاضرة بين البلدين (إبراهيم حميد/ فرانس برس)
+ الخط -
يستقبل اليوم الأربعاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره السوداني عمر البشير، في لقاء قمة محدد منذ نحو عام، يترأسان خلاله الاجتماعات النهائية السنوية للجان التنسيق بين البلدين، كما يوقّعان وثيقة هي الأولى من نوعها للتعاون الاستراتيجي، بالإضافة لعدد من الاتفاقيات النوعية الأخرى في مجالات الزراعة والصناعة والأمن.

وتنص الوثيقة المزمع توقيعها على تعزيز الشراكة في مختلف المجالات، والتأكيد على أهمية الزيارة باعتبارها الأولى التي يترأس فيها رئيسا البلدين اجتماعات اللجان المشتركة، التي انعقدت للمرة الأخيرة عام 2010، وتوضيح الالتزام السياسي الكامل بمصالح كل طرف.

وعقد وزراء البلدين على مدار اليومين الماضيين اجتماعات تحضيرية فى 7 قطاعات؛ شملت الجوانب السياسية والأمنية والقنصلية والتجارية والاقتصادية والزراعة والري والخدمات والتربية والتعليم العالي والثقافة.

وتمّ الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، فيما يتعلق بتدريب الجيش والشرطة السودانيين بمصر، وتنسيق الجهود لضبط الحركة عبر الحدود المشتركة، والتأمين المشترك لمياه البحر الأحمر.

وفي مجال الزراعة، تمّ الاتفاق على مضاعفة أعداد رؤوس الماشية المخصصة لمشروع توريد اللحوم لمصر للإسهام في حل الأزمة الغذائية للشعب المصري، وكذلك وضع خطة زمنية على الأمد القصير، لقيام السودان برفع الحظر الذي فرضته منذ أسابيع على استيراد المنتجات الزراعية المصرية لتحليلها، والتأكد من سلامتها الغذائية.

كما تمت دراسة مشاريع جديدة للنقل البري والنهري، على رأسها ربط السكك الحديدية بين البلدين، بالإضافة إلى التشغيل التجريبي لمعبر أرقين، الذي يدخل ضمن خطة الطريق القاري (القاهرة- كيب تاون)، وتعلق عليه الدولتان أملاً في مضاعفة معدلات التبادل التجاري بين البلدين، كما حدث مع افتتاح معبر قسطل.

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر حكومية مصرية أنّ الجيش المصري، المسيطر على تأمين الحدود الجنوبية، شدّد على ضرورة التنسيق الأمني مع حرس الحدود السوداني قبل تشغيل المعبر الجديد رسمياً، مبرراً ذلك بزيادة حالات التسلل في العام الأخير لمواطنين سودانيين وأفارقة تمهيداً لهجرتهم نحو أوروبا بشكل غير مشروع عبر السواحل المصرية، أو للانخراط في عصابات تنقيب وتهريب.



في المقابل، شهدت الاجتماعات مطالبة الجانب السوداني للمصريين بإبداء تسهيلات أكبر للجالية السودانية فيما يخص تصاريح الإقامة والعمل والانتفاع، ارتباطاً بسعي مصر لحصول مواطنيها وبصفة خاصة المستثمرين، على حقوق التملك أو الانتفاع طويل الأجل في أراضي السودان.

كما أشارت المصادر المصرية إلى أن وزارتي الخارجية في البلدين تعكفان على صياغة مشروع اتفاقية لمكافحة تهريب البشر والهجرة غير الشرعية، وذلك ارتباطاً بما وصفته بـ"دور مصر الإقليمي في محاربة هذه الظاهرة، وباعتبارها المنفذ الأبرز للمهاجرين غير الشرعيين القادمين عبر الأراضي السودانية".

وحول القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، ذكرت المصادر أن السيسي والبشير سيناقشان بشكل أساسي تطورات قضية سد النهضة، والدور الذي يمكن أن تلعبه السودان لضمان عدم الإضرار بحصة مصر من المياه. كما سيناقشان الملف الليبي الذي تبدو فيه الخلافات حاضرة بين توجّه كل منهما حيث يؤيد البشير بشكل واضح حكومة فايز السراج، المنبثقة عن اتفاق الصخيرات بينما يضع السيسي على رأس أولوياته ترسيخ مكانة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.



وأوضحت المصادر أن القمة المرتقبة لن تتوقف كثيراً عند هذا الملف، باعتبارها مخصصة لبحث مجالات التعاون، إلاّ أنه خلال اجتماعات اللجنة المشتركة للعلاقات الخارجية، تمّ طرح وجهة نظر سودانية مطالبة بتدخل الجامعة العربية وفريق مصري سوداني مغربي، لرأب الصدع بين حكومة الوفاق من جهة ومعسكر حفتر والبرلمان المنعقد في طبرق من ناحية أخرى.

وذكرت أيضاً أن الجانب السوداني أكد عدم خلافه مع القاهرة على فكرة دعم الجيش الليبي الرسمي والقضاء على تعدد المليشيات، إلاّ أنه يعارض لهجة حفتر المضادة للسودان والتي تتهمه بدعم المليشيات الإسلامية.

إلى ذلك، شددت المصادر على أن أعمال اللجان المشتركة لم تتطرق إلى قضية النزاع الحدودي القائم بين البلدين على مثلث حلايب وشلاتين، لافتةً إلى أن "هذا النوع من القضايا مرجأ لأجل غير مسمى" متوقعة في الوقت نفسه أن "ترسل مصر رسائل إعلامية مبطنة للتأكيد على سيادتها على حلايب وشلاتين، وذلك من خلال إحياء القضية إعلامياً بالتزامن مع الزيارة، وتعمد جلوس السيسي والبشير أمام خرائط لمصر، تضم ضمن حدودها المثلث المتنازع عليه".

وأوضحت المصادر أن السيسي والبشير سيحضران احتفالاً فنياً بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر 1973، وسيكرم السيسي البشير بمنحه وساماً، باعتباره شارك في حرب الاستنزاف كجندي ضمن القوات السودانية المتطوعة.