تهريب مقاتلي "داعش" الأجانب: العصابات والرشى أداة تجاوز الحدود والملاحقات

05 ديسمبر 2017
اتهامات لأمنيين عراقيين بتسهيل فرار عناصر داعش(محمد صالح/فرانس برس)
+ الخط -
تؤكد مصادر أمنية عراقية تمكن العشرات من عناصر تنظيم "داعش" من جنسيات آسيوية وأوروبية وحتى عربية من مغادرة البلاد خلال الأشهر الستة الماضية إلى تركيا مروراً بسورية، وذلك عبر الاستعانة بشبكات تهريب وعصابات متعددة الجنسيات امتهنت تأمين فرارهم مقابل مبالغ مالية. وتبدأ هذه المبالغ من 5 آلاف دولار على كل شخص، على أن يوفرها عناصر داعش الراغبون بالعودة إلى بلدانهم بعد انكسار التنظيم من خلال ذويهم أو معارفهم.
وتنشط عصابات التهريب عادة على الحدود التركية السورية، إذ وجدت في التهريب تجارة مربحة للغاية رغم خطورتها في وقت تكافح فيه قوات الدرك التركية في التصدي لهذه الشبكات في مناطق عدة، على طول امتداد الشريط الحدودي السوري التركي، خصوصاً المقابل لبلدة الريحانية التركية التي تمتاز بعض أجزائها بصعوبة التضاريس التي توفر خلالها ممرات آمنة ليلاً للعصابات، كي تقوم بتهريب عنصر أو اثنين من أفراد تنظيم داعش الفارين من المعارك والذي تقلصت مساحات سيطرته وانفلتت بسببها مركزية التنظيم في ضبط عناصره أو متابعة مناطق تواجدهم بعد سلسلة الانسحابات العشوائية له من مدن شرق سورية وغرب العراق وشماله.

وتتورط شبكات متعددة الجنسيات تشمل عرباً واكراداً وأتراكاً في عمليات التهريب. كما توجه أصابع الاتهام إلى عصابات كردية مدعومة من فصائل مسلحة تابعة لقوات سورية الديموقراطية.

ويشترك المتورطون في كون خبرتهم تتمثل في المكان الذي يتنقلون عبره، وقدرتهم على تمرير "البضاعة" التي هي عبارة عن مقاتل من تنظيم "داعش".

ووفقاً لمسؤولين في جهاز الاستخبارات العسكري العراقي، فإن التقارير تتحدث عن تمكن نحو 30 مسلحاً من جنسيات أوروبية وآسيوية من الإفلات من الموت أو الاعتقال بعد فرارهم من العراق إلى سورية، ومن هناك تواصلوا مع عصابات تهريب للدخول إلى تركيا إذ يبقون لفترة قبل ركوبهم البحر إلى أوروبا، أو التخفي داخل تركيا بشكل غير قانوني.

وقال مسؤول رفيع في وكالة الاستخبارات العراقية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "جهود السلطات التركية حيال ذلك جيدة لكن العصابات لديها طرق لإنفاذ شتات داعش إلى داخل تركيا". وأشار إلى أن "القوات العراقية والطيران الأميركي المسير كثفوا رقابتهم على الحدود لمنع انتقال أعضاء داعش إلى داخل سورية لكن عملية الضبط النهائي لها تعتبر حالياً مستحيلة".

في هذه الاثناء تدور اتهامات بشبه فساد على أفراد أمن عراقيين يقومون بتسهيل تهريب عناصر داعش إلى سورية مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل في بعض الأحيان الى 100 ألف دولار، وهو ما أكده أعضاء في البرلمان العراقي من بينهم رئيس لجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي.

وقال الزاملي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قوات الأمن تحاول أن تسيطر على الحدود لكن هذه مهمة صعبة، فالحدود مع سورية مفتوحة وواهنة لمساحة 600 كيلومتر ولذلك عمليات التهريب سواء لبضائع أو أسلحة أو مسلحين تحدث بين فترة وأخرى".

ولفت الزاملي إلى أن "عملية تهريب عناصر داعش تتم بطرق مختلفة، منها يجري من قبل بعض ضعاف النفوس المنتمين إلى الأجهزة الأمنية أو منتمين إلى جهات معينة مختلفة وحتى رعاة الأغنام". كما أشار إلى أن "البدو الرحل يساهمون في عملية تهريب عناصر داعش سواء من العراق إلى سورية أو من سورية إلى العراق".

 

ووفقاً للزاملي فإن "هناك من يدفع مبالغ مالية كبيرة حسب أهمية الشخص المراد تهريبه وتبدأ من 5 آلاف دولار وصولاً إلى 50 ألف دولار. لذلك يجب أن يفعّل الجانب الاستخباري وملاحقة هؤلاء المهربين وإحالتهم الى القضاء". ووصف المهربين بأنهم "لا يقلون خطراً عن داعش".

وبحسب الزاملي "تتم عملية تهريب عناصر داعش من العراق مروراً بسورية ثم إلى تركيا، وكذلك هناك تهريب مباشر من العراق إلى تركيا لكن الطريق المعتاد بشكل عام هو من سورية، وبعد ذلك إلى تركيا وإلى أوروبا، وبعض هؤلاء العناصر يعودون إلى دولهم لأنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم الإرهابية في العراق بعد تحرير المناطق".

من جانبه، قال عضو البرلمان العراقي عن تيار الإصلاح، صباح الساعدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "خلال هذه الفترة نسمع أن هناك بعض العمليات لتهريب عناصر داعش، ويجب أن تكون هناك خطة من قبل الحكومة بعد السماح في هروبهم قبل أن تقول العدالة كلمتها". 

من جهته، قال رائد في الجيش العراقي في قوات الفرقة السابعة المرابطة قرب الحدود مع سورية، في حديث مع "العربي الجديد" إن "عملية تهريب عناصر داعش من العراق إلى سورية تجري بجهود ذاتية من قبل أفراد التنظيم أنفسهم، لكن بعد وصولهم إلى مناطق قرب حلب والحسكة يتم من هناك إخراجهم، لذا نستخدم القوة المفرطة في حال رصدنا أي حركة". 

ويضيف الضابط، الذي فضل عدم ذكر اسمه بسبب حظر وزارة الدفاع تصريحات الضباط لوسائل الإعلام وحصرها بالمتحدثين الرسميين وقادة الفرق والوحدات العسكرية فقط، أن "عمليات هروب عناصر داعش محصورة بالجنسيات الأجنبية، وتحديداً الأوروبية والآسيوية، وهناك عناصر من جنسيات عربية كالسعودية والمصرية ودول المغرب العربي، حسب ما يتواتر من معلومات، تمكنوا من الفرار من العراق إلى سورية ومن هناك إلى تركيا". وأشار إلى أن "قيادة داعش اعتبرتهم مرتدين وحللت سفك دمائهم".

 ووفقاً للضابط نفسه، فإن هذا الملف يقع على عاتق الاستخبارات ومدى التنسيق مع دول الجوار والدول التي ينتمي إليها الإرهابيون، الذين تمكنوا من التسلل الى تركيا، فضلاً عن التنسيق مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن".

 

 

المساهمون