أزمة الحكومة اليمنية وغريفيث: وعود وجهود الاحتواء تنتظر التنفيذ

13 يونيو 2019
اتهم هادي غريفيث بالتماهي مع مسرحيات الحوثيين(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -


يبدو أن الموفدة الأممية إلى العاصمة السعودية الرياض، ومساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو نجحت، بدعم دولي متمثل ببيان مجلس الأمن الدولي الأخير، بتهدئة أزمة رفض الحكومة اليمنية التعامل مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، على نحو من شأنه أن يزيل بعض العقبات أمام مواصلة المنظمة الدولية قيادة جهود الحل السلمي في البلاد، غير أنها لم تتمكن، حتى اليوم على الأقل، من تقديم الضمانات اللازمة لإنعاش هذه الجهود.

وأكدت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي حصل، خلال اللقاء مع ديكارلو في الرياض الإثنين الماضي، على وعود بمراجعات، من شأنها التجاوب مع أبرز التحفظات اليمنية على عمل غريفيث، خلال الفترة الماضية، بما في ذلك، الموقف من الخطوات الأخيرة التي جرت في مدينة الحديدة منتصف مايو/أيار الماضي، عندما أعلنت الأمم المتحدة ترحيبها بـ"إعادة انتشار" أحادي الجانب من قبل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، الأمر الذي وصفه الجانب الحكومي بـ"المسرحية".

ووفقاً للمصادر، فقد كان التأكيد على "التحقق الثلاثي"، من قبل ممثلي الأمم المتحدة والحكومة والحوثيين، من أبرز ما تناوله النقاش، إذ شددت الحكومة على ضرورة أن يتحقق طرفا الاتفاق، والوسيط الأممي، من أي خطوة تتم في إطار تنفيذ اتفاق إستوكهولم، خلافاً لما شهدته الحديدة بالانسحاب أحادي الجانب بالاتفاق بين الجانب الأممي والحوثيين وبعيداً عن رضى أو موافقة الجانب الحكومي. وإلى جانب تفاصيل الخلافات المرتبطة باتفاق الحديدة، شدد الجانب اليمني، خلال اللقاء مع الموفدة الأممية، على أهمية الالتزام بالمرجعيات الثلاث لأي حل سياسي في البلاد، وتشمل المبادرة الخليجية الخاصة بالانتقال السلمي للسلطة (في العام 2011) ومقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013 وحتى 2014)، بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن، وهي المضامين التي كانت أبرز ما جاء أيضاً في بيان الأمم المتحدة حول تفاصيل لقاء ديكارلو مع هادي. غير أن تأكيد الالتزام بها في إطار التصريح، ليس جديداً بالنسبة للأمم المتحدة وحتى مبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، إلا أن الجانب الحكومي يرى أن الأقوال بالنسبة للأخير تخالف الأفعال ومضامين الإطار السياسي المقدم كخارطة طريق للأزمة في البلاد، وفقاً للرسالة التي وجهها هادي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الشهر الماضي.


وعلى الرغم من التطمينات التي قدمتها الأمم المتحدة، أو ما وصفه المسؤول في الرئاسة اليمنية عبد الله العليمي، في تصريحات صحافية، بـ"الضمانات" بالتزام "المبعوث الخاص بالمرجعيات الثلاث وضمان تنفيذ اتفاق الحديدة بشكل صحيح وفقاً للقرارات الدولية والقانون اليمني"، إلا أن هادي حرص خلال اللقاء على تجديد الاتهام لغريفيث بـ"التماهي" مع "مسرحيات هزلية" للحوثيين، في إشارة إلى انسحاب مسلحي الجماعة من موانئ الحديدة وتسليمها إلى قوات موالية لهم بإشراف فريق الأمم المتحدة المعني بالرقابة على تنفيذ الاتفاق، بقيادة الجنرال مايكل لوليسغارد. لكن تزامن توقيت زيارة ديكارلو، مع صدور بيان صحافي لرئاسة مجلس الأمن الدولي بناءً على مسودة تقدمت بها بريطانيا، الإثنين الماضي، لم يكن مصادفة، بل جاء ليعزز الموقف الأممي الذي يصب في مجمله بدعم المبعوث الأممي في مواصلة مهمته التي وصلت إلى ما يشبه طريق مسدود، مع إعلان الحكومة اليمنية منحها ما وصفته بـ"الفرصة الأخيرة" لغريفيث لوقف "التجاوزات" والالتزام بالمرجعيات المحددة للتسوية. غير أن لقاءات ديكارلو في الرياض، بالإضافة إلى بيان مجلس الأمن، جاءا ليفسحا الطريق أمام مواصلة المهمة، أو تخفيف حدة الأزمة بين الجانبين الأممي والحكومي على الأقل.

لكن من أبرز ما أثار الشكوك بشأن تجاوز الأزمة، عدم الإعلان عن تفاصيل واضحة بشأن المراجعات المطلوبة، وعلى رأسها الموقف في الحديدة. إذ لم يصدر عن الأمم المتحدة ما يمكن اعتباره مؤشراً على مراجعة الموقف من "إعادة الانتشار" أحادي الجانب من قبل الحوثيين. وعوضاً عن ذلك فقد رحب بيان مجلس الأمن الدولي بما وصفه "بالتقدم الأولي" صوب تنفيذ المرحلة الأولى من خطة اتفاق الحديدة. ومع استمرار الانتقادات اللاذعة من قبل مناصري الحكومة ضد المبعوث الأممي، حتى بعد الإعلان عن ضمانات، في مقابل الدعم الدولي القوي الذي يتمتع به غريفيث، تبقى تطورات الأيام والأسابيع المقبلة، وحدها كفيلة باختبار ما إذا كان هناك تحول سيعيد الثقة بين الحكومة وغريفيث، أم أن ما جرى مجرد محاولة للتهدئة لن تعيد الموقف إلى ما كان عليه قبل مايو الماضي في أغلب الأحوال.