سباق المعارضة والنظام على مناطق "داعش" بريف حلب

14 يناير 2016
قتال شرس من "داعش" ضد المعارضة (إدوارد الياس/فرانس برس)
+ الخط -


دخلت قوات المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي، وقوات النظام السوري المتواجدة في ريف حلب الشرقي، سباقاً بهدف الوصول إلى مدينة الباب، التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ريف حلب الشرقي، والتي تُشكّل مفتاح السيطرة على جميع المناطق المحيطة بها، فيما تبدو قوات "سورية الديمقراطية"، التي تُشكّل قوات "حماية الشعب" الكردية حجر الزاوية فيها، محيّدة تماماً عن هذه المعركة، بحكم الخط الأحمر التركي الذي يقضي بمنع القوات الكردية من تجاوز نهر الفرات نحو ضفته الغربية، حيث تقع مناطق ريف حلب الشرقي التي يسيطر عليها "داعش"، والتي أصبحت تحت أنظار قوات النظام وقوات المعارضة السورية في آن واحد.

وبدأت قوات النظام السوري، المدعومة بالمليشيات العراقية والإيرانية براً، وبالطيران الروسي جواً، عملية تمدّد تدريجية من المناطق التي تسيطر عليها شمال مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، نحو بلدة تادف الواقعة إلى الجنوب مباشرة من مدينة الباب، التي يسيطر عليها "داعش". وتمكنت قوات النظام من السيطرة على قرية عيشة الواقعة على بعد 10 كيلومترات إلى الجنوب من بلدة تادف يوم الأحد الماضي، لتتابع تقدّمها يوم الثلاثاء وتسيطر على قرية عين البيضة الواقعة إلى الشمال من عيشة مباشرة، وتتقدّم يوم الأربعاء مجدداً وتسيطر على قرية عران أيضاً، الأمر الذي جعل قوات النظام على بعد أربعة كيلومترات فقط من بلدة تادف الملاصقة لمدينة الباب من الجهة الجنوبية.

وأصبحت قرى البيرة وأبوطلطل والبطوشية هي الوحيدة التي تفصل بين قوات النظام، وبلدة تادف ومدينة الباب، ويبدو تقدّم هذه القوات وسيطرتها على هذه القرى الصغيرة، مجرد مسألة وقت في ظل الانهيار الميداني الكامل لخطوط قوات تنظيم "داعش" الدفاعية في المنطقة.

واستغلت قوات النظام هذا الانهيار الميداني لقوات "داعش"، مع تزايد حملة القصف، التي تشنّها الطائرات الروسية على مدينة الباب وعلى البلدات والقرى المحيطة بها، الأمر الذي أدى إلى تدميرها وتهجير سكانها نحو الأرياف البعيدة نسبياً عن خطوط المواجهة. وساهم كل ذلك بترسيخ أجواء الهزيمة في مناطق سيطرة "داعش" التي تتعرض للهجوم البري من قوات النظام والهجوم الجوي من قبل الطيران الروسي.

اقرأ أيضاً: تقدّم جديد للمعارضة السورية في ريف حلب

ويبدو أن الهدف الاستراتيجي من العملية الواسعة، التي تشنّها قوات النظام السوري والمليشيات الحليفة لها براً، بدعم من الطائرات الروسية جواً، هو القضاء بشكل كامل على أية إمكانية لتنفيذ المشروع التركي لإنشاء منطقة آمنة في مناطق سيطرة "داعش" بريف حلب الشرقي بعمق يصل إلى 40 كيلومتراً داخل الأراضي السورية انطلاقاً من خط الحدود السورية التركية.

ومع تقدّم قوات النظام السوري الأخير من مطار كويرس العسكري، الذي فكت الحصار عنه الشهر الماضي، نحو مناطق ريف الباب الجنوبية، باتت داخل المنطقة التي طرحت تركيا فكرة تحويلها إلى منطقة آمنة، الأمر الذي يعني استحالة تنفيذ المشروع التركي بعد الآن من دون مواجهة مباشرة مع قوات النظام السوري والطائرات الروسية التي تقدّم لها غطاء جوياً.

ولا تغيب قوات المعارضة عن هذا المشهد الميداني المعقّد، إذ إنها تواصل محاولاتها الرامية للتمدّد من مناطق سيطرتها بريف حلب الشمالي نحو القرى الحدودية، التي يسيطر عليها "داعش" في ريف حلب الشرقي إلى الشمال الغربي من مدينة الباب.

ونجحت قوات المعارضة بالتقدّم فعلاً على حساب "داعش" في هذه المنطقة، إذ أكد الناشط حسن الحلبي لـ"العربي الجديد" تمكّن قوات المعارضة، ممثلة بـ"فيلق الشام" مساء الأربعاء، من السيطرة على قريتي بغيدين وخلفتلي على الجانب السوري من الحدود السورية التركية، شمال مدينة الباب، لتصبح على بعد ثلاثة عشر كيلومتراً فقط من بلدة الراعي الاستراتيجية المقابلة لمدينة الباب مباشرة من الجهة الشمالية.

كما أن قوات المعارضة السورية، ممثّلة بفرقة "السلطان مراد"، المكوّنة في غالبيتها من مقاتلين تركمان من أبناء المنطقة، استطاعت التقدّم مساء الأربعاء والسيطرة على قرية غزل الواقعة إلى الشمال من بلدة صوران، إلا أن قوات "داعش" ردت على هذا التقدّم بتفجير سيارة مفخخة ضد تجمّع لقوات المعارضة في القرية، مما أدى إلى تكبيد قوات المعارضة خسائر بشرية أجبرتها على الانسحاب من القرية، بحسب ما أعلن المكتب الإعلامي لـ"فرقة السلطان مراد".

وما زالت قوات المعارضة تعاني من خلافات في ما بينها، إذ أعلن "لواء اليرموك"، أحد مكوّنات "فرقة السلطان مراد"، انشقاقه عن الفرقة والعمل بشكل مستقل بعد إعادة هيكلته وضمه كتائب جديدة.

ويزيد ذلك من فرص قوات النظام السوري في الفوز بسباق الوصول إلى مدينة الباب قبل قوات المعارضة، خصوصاً مع القتال الشرس من قِبل قوات "داعش" ضد المعارضة على جبهات ريف حلب الشمالي، في الوقت الذي لا يحشد فيه التنظيم أية قوات دفاعية ضد قوات النظام والمليشيات الحليفة لها، التي تواصل قضم مناطق سيطرته جنوب مدينة الباب بالاستفادة من الغطاء الجوي الروسي.

اقرأ أيضاً: سورية: "داعش" يستعيد قرية من المعارضة المسلّحة شمال حلب

المساهمون