رئاسة بلدية القدس المحتلة بيد المتطرّف موشيه ليئون

14 نوفمبر 2018
ليئون هزم منافسه العلماني يعقوف بيركوفيتش (مناحم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
أسفرت انتخابات بلدية القدس المحتلة، في جولتها الثانية، عن فوز المرشح الديني رجل الأعمال موشيه ليئون على منافسه العلماني يعقوف بيركوفيتش.

وجاء هذا الفوز بعد أن شهدت الانتخابات تحالفا غريبا جمع الخصوم في السياسة الإسرائيلية من أقصى اليمين العلماني، ممثلا بحزب "يسرائيل بيتينو"، بقيادة أفيغدور ليبرمان، إلى أقصى اليمين الديني الأصولي الأرثوذكسي ممثلا بشاس وديغل هتوراة، ليحسم هذا التحالف بين أقصى دعاة الصهيونية العلمانية المتطرفة، وبين أقصى حركات الأصولية اليهودية غير الصهيونية، مصير بلدية القدس، ويسقطها بيد مرشح التيار الديني الصهيوني ليئون، وسط ارتفاع حدة الاستقطاب بين المتدينين في المدينة الذين يمثلهم ليئون، وبين باقي القطاعات العلمانية التي مثلها بيركوفيتش، مع استثناء واضح لثلث سكان المدينة، ونعني بهم الفلسطينيين في القدس المحتلة الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات، وأفشلوا محاولات الأسرلة المتمثلة بإعطاء شرعية لبلدية الاحتلال من خلال المشاركة في العملية الانتخابية. 

وتمثل النتائج الحالية ضربة بالأساس لحزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، بعد أن كان مرشح الحزب، الوزير زئيف إلكين، قد خرج من المنافسة في الجولة السابقة قبل أسبوعين، دون أن يحقق نسبة أصوات عالية. 

وبالرغم من أن موشيه ليئون، المرشح الذي حظي طيلة المعركة الانتخابية بتأييد واضح وعلني من ليبرمان وشاس، ليس منضويا تحت راية حزب سياسي، إلا أنه كان بدأ طريقه في الحياة السياسية العامة في إسرائيل عام 1996 مديرا لديوان رئيس الحكومة الحالي نتنياهو، بعد فوز الأخير في الانتخابات على منافسه شمعون بيرس، وانتخابه رئيسا لحكومة الاحتلال. 

وقد شغل ليئون منصبه المذكور عامين، ثم اتجه للعمل في القطاع العام بعد انتخابه مديرا عاما لسلطة القطارات في إسرائيل، ثم مديرا عاما لسلطة تطوير القدس. 

وفي العام 2013 اختير ليكون عضوا في طاقم المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة عن كتلة الليكود بيتنا (حيث خاض الليكود وحزب ليبرمان الانتخابات النيابية العامة في قائمة مشتركة سرعان ما تم تفكيكيها بعد الانتخابات).

وفي العام 2013، انتقل ليئون للسكن في مدينة القدس، معلنا أنه سينافس في الانتخابات لرئاسة البلدية، وخاض المعركة الانتخابية مقابل مرشح الليكود نير بركات، لكنه حصل على 44.57% فقط من مجمل الأصوات، وفاز بمقعد واحد في المجلس البلدي.

 

وبالرغم من فوز ليئون في الجولة الانتخابية أمس، وتسلمه قريبا رئاسة البلدية، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون مهتما بتوزيع المقاعد للمجلس البلدي للأحزاب الأخرى، مما قد يحد من قدرته على إطلاق مشاريع جديدة دون أن يخوض حربا داخل المجلس البلدي.

أما فيما يتعلق بمصير القدس وبالبعد الفلسطيني، فإنه من الواضح أن سياسة ليئون لن تكون مهادنة إطلاقا في الشأن الفلسطيني، بل ستعزز من سياسات الاستيطان من جهة، ومن المزايدة على حكومة نتنياهو عبر المطالبة بالميزانيات لتطوير الأحياء الاستيطانية، كمخرج له من أزمات محتملة في سياق الطابع الديني للمدينة، وتفضيل الشرائح الدينية على الشرائح العلمانية في المدينة. 

ولا يستبعد أن يقوم ليئون، الذي يعتمر قبعة منسوجة تضعه في قلب التيار الديني الصهيوني، أن يسعى إلى حل أزماته الداخلية، بما في ذلك مثلا أزمات السكن للحريديم اليهود، عبر الدفع قدما بمخططات الاستيطان وبناء أحياء استيطانية جديدة لهم، وأن يجعل هذا الملف ورقة رابحة بأيدي كل من أفغيدور ليبرمان وشاس في مواجهة نتنياهو، عبر تفاهمات مغرية مع حزب البيت اليهودي، لتعزيز فرص الدفع بمخططات البناء في قلب الأحياء العربية للقدس المحتلة.