جهاز الاستخبارات العراقي: إقالات وإلغاء "شعبة إيران"

01 مارس 2017
تفعّل إيران دورها في حروب العراق (أريس ميسينيس/فرانس برس)
+ الخط -
استمرّت حملة الإقالات والإبعاد في جهاز الاستخبارات العراقي للشهر الثاني على التوالي. وشهد الجهاز الذي أشرفت على تأسيسه وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" بدلاً من الجهاز السابق الذي حلّ بعد غزوها للعراق عام 2003، عمليات طرد ونقل وإقصاء، وفقاً للانتماء الطائفي أو الحزبي لكل شخص، حسبما أكدت مصادر سياسية متطابقة.

في هذا السياق، كشف مسؤول قريب من مكتب رئيس الحكومة حيدر العبادي لـ"العربي الجديد"، أنّ "حملة الإقالات طاولت مدراء عامّين وضباطاً كباراً في الجهاز، فضلاً عن إلغاء شعبة إيران في الجهاز بشكل كامل، بينما تمّ توزيع ضباطها على مديريات ووحدات أخرى مقابل افتتاح ست محطات استخبارية متخصصة بالعمل على دول عربية عدّة".

وأضاف أنّه "تمّ إبعاد الفريق قاسم عطا عن منصب مدير شؤون العمليات الخاصة بالجهاز، إلّا أن الأخير نجح في التوسط والعودة إلى وزارة الدفاع بمنصب إداري عام، كما تمّت إقالة 300 ضابط برتب ومناصب متفاوتة". وبيّن أنّ "من بين الضباط المقالين مدير شعبة إيران وأحد المقربين من السفارة الأميركية وهو العميد محمد طالب، فيما جرى تحويل أكثر من 400 ضابط ومنتسب آخرين إلى دوائر أخرى كوزارات الكهرباء والبيئة والتخطيط من دون سابق إنذار، بعد أن تمّ سحب المركبات التي سبق أن منحت لهم للاستخدام الشخصي". وأكد أنّ "حركة الإقالات التي تتم حالياً في جهاز الاستخبارات العراقي تجري بأمر من رئيسه الجديد مصطفى عبد اللطيف مشتت، المعروف إعلامياً باسم مصطفى الكاظمي".

والكاظمي هو أحد أبرز المقربين من إيران وعضو في حزب "الدعوة" الإسلامية ومتزوج من ابنة مهدي العلّاق، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كما عمل خلال السنوات الماضية صحافياً مغموراً في مواقع محلية مختلفة، وأكمل قبل عامين دراسته في كلية القانون من جامعة أهلية عن فئة الدراسات المسائية. وتم تنصيبه كرئيس للجهاز قبل أشهر عدة، وعُرف بتصريحاته المؤيدة والمدافعة عن إيران خلال سنوات عمله كصحافي. وكان آخر تصريحاته الرسمية عقب أيّام من توليه منصب رئيس جهاز الاستخبارات مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين تحدّث من إيران عمّا وصفه بـ"دور طهران الكبير ومرشدها في إحلال السلم العالمي".



في مقابل ذلك، أكدت مصادر مطّلعة داخل جهاز الاستخبارات، أنّ "إلغاء شعبة إيران، وهي الشعبة التي شكّلتها واشنطن عام 2004 داخل الجهاز وأشرف على تأسيسها الضابط في الاستخبارات الأميركية (سي أي إيه) مايكل تيلر، قد تمّ بشكل تدريجي". وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أنّ "مهام الشعبة هي متابعة النشاط الإيراني في العراق ورصد تحركات أعضاء السفارة الإيرانية في بغداد وقنصليتها في النجف، ورفع تقارير مستمرة عن لقاءاتهم". وشرحت أنّ "مقرّها في الجهاز يقع ضمن قسمين. الأول في المبنى الرئيسي للجهاز بالمنطقة الخضراء، المعروف باسم (العمارة الصفرة)، والثاني في مبنى جهاز الاستخبارات القديم الواقع بمنطقة حي دراغ بالمنصور، وسط بغداد".

وأشارت إلى أنّه "قد سبقت أوامر إغلاق الشعب عمليات تصفية طاولت عدداً من ضباطها، من بينهم ستة ضباط قتلوا في وقت واحد خلال تواجدهم بمجلس عزاء من خلال تفجير مفتعل". وأكدت أنّه "في مقابل ذلك تمّ فتح ست محطات رصد خارجية تعني بشؤون ست دول عربية، بعضها لا تمثيل دبلوماسياً للعراق معها". وأضافت أنّ "هذه التغييرات الكبيرة في الجهاز تعني إعادة هيكلته من جديد، وفقاً لرؤية جديدة، تصبّ في صالح إيران بشكل أساسي".

وكانت الولايات المتحدة قد أسست عام 2004 جهاز الاستخبارات العراقي الجديد بالتزامن مع بدء تأسيس وزارة الدفاع الجديدة، وبلغ تعداد موظفي وضباط الجهاز نحو 10 آلاف منتسب، تمّ تدريبهم من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية. ووفقاً لتقارير سابقة، فقد بلغت كلفة تأسيس الجهاز أكثر من ثلاثة مليارات دولار، ووقعت على عاتقه مهام رئيسية عدة، من بينها ملاحقة تحرّكات فصائل المقاومة العراقية، فضلاً عن تنظيم "القاعدة" آنذاك ومراقبة النشاط الإيراني في البلاد ورفع تقارير دورية للجانب الأميركي. إلّا أنّه وبعد انسحاب الجيش الأميركي من العراق، نفّذ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حملة طرد واسعة للمقرّبين من واشنطن، طاولت أول الأمر رئيس الجهاز، المقرّب الأول من الجانب الأميركي الفريق محمد عبد الله الشهواني، المتحدر من مدينة الموصل، وعدداً من مساعديه، ثم بدأ أكبر مشروع تغييري داخل الجهاز، عبر نقل ضباط من الشرطة والجيش، غالبيتهم من حزب "الدعوة"، إلى هيكل الجهاز الإداري والعملياتي.

المساهمون