وثائق حرب يونيو: جيش الاحتلال دفع باتجاه الحرب

15 مارس 2017
قادة الجيش كانوا يرفضون خط التسوية (فيتوريانو راستيلي/Getty)
+ الخط -

كُشف في إسرائيل، مساء الثلاثاء، عن مداولات ومحاضر جلسات الحكومة الإسرائيلية التي سبقت شنّ حرب حزيران/يونيو ضد مصر وسورية والأردن عام 1967، بيّنت أنّ المستوى العسكري دفع باتجاه شنّ الحرب وتوجيه ضربة استباقية، بينما كان رئيس الحكومة الإسرائيلية، ليفي أشكول، مؤيداً لخيار سياسي خلافاً لقادة الجيش، آنذاك.

وتبيّن من الوثائق والمحاضر، وفقاً لما نشره موقع "يديعوت أحرونوت"، الليلة الماضية، أنّ الخلافات الشديدة بين الطرفين كانت في الجلسة التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية، في 28 مايو/أيار 1967، والتي كشف فيها أشكول أمام الوزراء، عن اقتراحات لصفقة دولية تضمنها الدولتان "العظيمتان"؛ الولايات المتحدة وروسيا.

وتبيّن أنّ قادة الجيش أعربوا عن خيبة أملهم من تأخير إطلاق العمليات القتالية، وشنّ الهجوم الاستباقي على قواعد الطيران المصرية، فيما كان الرئيس الأميركي، ليندون جونسون، قد وجّه لإسرائيل تحذيراً من أنّ شنّ هجوم على الدول العربية، سيؤدي إلى كارثة جديدة.

ويستدل من البروتوكولات التي نشر قسم منها، أمس الثلاثاء، أنّ رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، أهرون يانيف، قال حينها إنّ "الرياح التي تهبّ في مخيمات اللاجئين في الأردن هي رياح قرب العودة لفلسطين، ومن المحتمل أن يخرق الجيش الأردني الأوامر وينشط ضدّ إسرائيل".

أما قائد المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، آنذاك، الجنرال يشيعياهو غابيش، فقد وجه كلامه في الجلسة المذكورة لوزير الدفاع الإسرائيلي، يغئال ألون، قائلاً له "غداً هو الفرصة الأخيرة لإدخال القوات التي ستسد كل المحاور".

وتحدّث رئيس الحكومة الإسرائيلية، في الجلسة، مقابل محاولات قادة الجيش الدفع نحو الحرب، عن محاولات دولية لحل أزمة المضائق (أعلنت مصر عن إغلاقها في وجه الملاحة الإسرائيلية)، كاشفاً أنّه تلقّى برقية من رئيس حكومة الاتحاد السوفييتي، ألكسي كوسيغين، بتاريخ 26 مايو/أيار، أي قبل يومين من عقد الجلسة، وطالبه فيها بحل الأزمة بطرق سلمية.

كما كشف أشكول أنّه تلقّى رسالة سرية من الرئيس الأميركي، أبلغه فيها أنّ الروس يعلمون أنّ إسرائيل تعدّ لشنّ هجوم قريباً، وطلبوا منه منع ذلك لأنّ العرب لا يريدون الحرب. وقال أشكول لوزراء حكومته إنّ "الروس يحذرون بدعم العرب، وطلبوا من جونسون العمل على التهدئة مع الطرف الإسرائيلي"، بينما تهتم روسيا بتهدئة الطرف العربي.

وتكشف البروتوكولات أنّ قادة الجيش كانوا يرفضون خط التسوية الذي يدعو إليه رئيس الحكومة، ويصرون على التوجه نحو القتال، بزعم أنّ كل تأخير سيزيد من سوء الأوضاع، خاصة في حال ظلت المضائق على البحر الأحمر مغلقة في وجه الملاحة الإسرائيلية.

وتشير البروتوكولات إلى أنّ أرئيل شارون، الذي كان قائداً للواء 38 وشارك في الجلسة، اعتبر أنّ موقف أشكول هو بمثابة قطع لقوة الردع الإسرائيلية، قائلاً إنّه "بمقدورنا أن نبيد الجيش المصري، فالمشكلة ليست المضائق وإنّما بقاء شعب إسرائيل، ونحن نبدي هنا عجزاً وقصوراً".

وحذّر أشكول في الجلسة، من أنّه "لا وجود لإسرائيل بدون المساعدات الخارجية"، وبالتالي على جنرالات الجيش أن يدركوا مكانة رجال السياسة، وعدم بث شعور عدم الرضا، سعياً لحسم القرار.

في المقابل، فإنّ قادة الجيش لم يخفوا في الجلسة أمام أشكول خيبة أملهم من عدم التحرّك نحو شنّ الهجوم الاستباقي. ويقتبس موقع "يديعوت أحرونوت" في هذا السياق، قول الجنرال أبراهام يافي، "إنّنا كرجال جيش نشعر بأنّه يجب أن يسمح لنا بالقيام بعملنا".

وينقل الموقع عن رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية في الجيش "أمان"، الجنرال أهرون ياريف، قوله "لقد حاولت الاستخبارات العسكرية على مدار أسبوعين معرفة نوايا جمال عبد الناصر (الرئيس المصري آنذاك)، فهو يغيّر نواياه باستمرار، وأنا كرئيس لشعبة الاستخبارات فشلت في معرفة نواياه. لم أتوقع بداية ما ينتظرنا، ولكن سرعان ما استعدت تقديراتنا التي تبيّن لنا أنّ هذا ليس هو جمال عبد الناصر الذي عرفناه في الماضي، فهو لم يكن يرغب في التورّط (أي لغاية أبريل/نيسان 1967)، لكنّه الآن مستعد للتورط في حرب بل والمبادرة لشنّها، وهناك شكوك بأن تقف الولايات المتحدة إلى جانبنا".

في المقابل، نقلت صحيفة "هآرتس"، أنّه يتضح، من بين ما تم الكشف عنه، وجود تسجيل صوتي للجنرال أهرون يريف يعترف فيه بأنّ الجيش نشط بين الأحزاب الإسرائيلية ووسائل الإعلام والصحف، من أجل الدفع باتجاه شنّ الحرب والضغط على الحكومة في هذا الاتجاه، مشيراً إلى أنّ الجيش كان جاهزاً للحرب منذ أواخر شهر مايو/أيار، لذلك عارض تأجيل شنها.

وبحسب شهادة يريف، فإنّ احتلال البلدة القديمة في القدس المحتلة، لم يكن ضمن الأوامر الرسمية للحرب، ولكنّه جاء بفعل تطورات القتال الميدانية، لافتاً إلى أنّ وزير الأمن الإسرائيلي، أمر القوات الإسرائيلية بإبادة الجيش المصري، وعدم دخول غزة، ووقف تقدم القوات الإسرائيلية قبل قناة السويس.






المساهمون