القوات الروسية تصل درعا... والنظام يخسر منفذاً مع العراق

21 يوليو 2017
عناصر الشرطة العسكرية الروسية بمهمة سابقة بحمص(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال تطورات المنطقة الجنوبية في سورية تستحوذ على اهتمام ومتابعة الرأي العام السوري الذي ينظر بقلق إلى الصفقات التي تبرمها الأقطاب الدولية والإقليمية في تلك المنطقة، لا سيما في القنيطرة ودرعا والسويداء، والتي بدأ ينكشف بعض تفاصيلها السرية، لا سيما مع إعلان الإدارة الأميركية عن وقف برنامج "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي إيه) في سورية، والذي يعني عملياً وقف تدريب بعض فصائل المعارضة السورية.

وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق في وقت سابق من الشهر الحالي، نص على إعلان وقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية. لكن سرعان ما بدأت تسريبات ترشح من مصادر مختلفة، وسط تطورات تشير إلى أن الاتفاق يسير في طريقه للتطبيق، وهي تتمثل بوصول عدة مئات من عناصر الشرطة العسكرية الروسية، أخيراً، إلى محافظة درعا، والتي من المفترض أن تكون المسؤولة عن خط الفصل بين القوات النظامية والمليشيات من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى.

وقال الناشط الإعلامي في درعا، أبو محمد الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الشرطة العسكرية وصلت بالفعل إلى درعا واتخذ عناصرها مركزاً رئيسياً لهم في الموثبين بمركز السياقة، كما أنهم موزعون على الصنمين والقنية وأزرع"، لافتاً إلى أن "هناك معلومات تشير إلى وجودهم في خان أرنبة بريف القنيطرة". وتفيد معلومات بأن وصول هذه الدفعة من الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا، يشكل المرحلة الأولى من الانتشار في المنطقة الجنوبية، إذ ستليها القنيطرة ومن ثم السويداء.

وكانت "القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" الروسية قد نقلت عن ممثل القاعدة في سورية، أليكسندر إيفانوف، يوم الأربعاء، قوله إن "المجموعات المسلحة غير الشرعية تنفذ خروقات متكررة في مدينة درعا جنوب سورية"، مضيفاً أن "الخروقات تمثلت بإطلاق قذائف صاروخية متوسطة وإطلاق أعيرة نارية متفرقة على مواقع (قوات النظام) بحجة استمرار هجوم (الأخيرة) في مناطق ريف دمشق الشرقي، وهو الأمر المرفوض من قبلنا تماماً على اعتبار أن الاتفاق لم يشتمل على تلك المناطق التي يتواجد فيها مقاتلون متشددون كانوا قد أعلنوا انتماءهم لتنظيم القاعدة الإرهابي في وقت سابق"، بحسب تعبير المتحدث الروسي.

وذكرت "قناة حميميم" أن المؤشرات الحالية للمباحثات بين الجانبين الروسي والأميركي حول الوضع في سورية تتجه إلى اقتراب إعلان هدنة ثانية في منتصف الشهر المقبل، والتي من المتوقع أن تشمل الغوطة الشرقية والريف الشمالي لمحافظة حمص. وأضافت أنه قد يتم الإعلان عنها قبل الجولة المقبلة من مفاوضات أستانة، إذ يجري الآن دراستها من قبل خبراء روس وأميركيين في إحدى العواصم الأوروبية.


وأتت المعلومات التي نقلتها صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين، بأن الـ"سي آي إيه" قررت إنهاء برنامجها لدعم فصائل المعارضة السورية التي تقاتل قوات النظام، لتلقي بثقلها على المشهد السوري. وبحسب المسؤولين الأميركيين فإن برنامج دعم المعارضة السورية الذي بدأ قبل أربع سنوات لم يكن له سوى أثر محدود، خصوصاً منذ أن دخلت القوات الروسية على خط النزاع إلى جانب قوات النظام في عام 2015. وتعتبر الـ"سي آي إيه" الجهة الأميركية الفاعلة في غرفة "الموك" الموجودة في الأردن، والمسؤولة عن دعم العديد من فصائل المعارضة في الجنوب السوري، والتي تشكو دائماً من قلة الدعم وعدم تضمنه أسلحة ثقيلة ومضادات دروع، كالتي تقدمها وزارة الدفاع الأميركية "لقوات سورية الديمقراطية".

وقال قائد فرقة "الأمويين" التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، العميد أسعد ناصيف، في حديث مع "العربي الجديد"، إن فصيله لم يبلّغ رسمياً بتوقف الدعم الأميركي. لكنه أشار إلى أن "هناك نية أميركية بذلك". وأوضح القيادي أنه "في حال تمّ اتخاذ قرار بإنهاء الدعم، فلن يشمل كافة فصائل الجيش الحر، بل سيقتصر على فصائل الجبهة الجنوبية التي وقّعت هدنة بشكل منفرد، إذ لم يعد هناك حاجة لهذا الدعم"، وفق قوله. وأضاف أن "الدعم الأميركي لن يتوقف في الشمال والشرق السوريين، حيث أن الحاجة لا تزال قائمة، إذ هناك معارك ضد النظام وتنظيم داعش وهيئة تحرير الشام"، بحسب تأكيد ناصيف.

وأوضح مسؤول الإعلام في "قوات أحمد عبدو – قطاع البادية"، سعيد سيف، لـ"العربي الجديد" أن "السي آي إيه تدعم الجبهة الجنوبية بشكل عام، والبادية والقلمون الشرقي". وأكد أنه "لم يتم إبلاغهم إلى اليوم بأي قرار يخص وقف الدعم"، معرباً عن اعتقاده بأن "لا وجود لمثل هذا القرار والموضوع لا يتعدى زوبعة إعلامية لها علاقة بصراعات أميركية داخلية"، على حد وصفه. ولفت إلى أن "قراراً كهذا لو كان صحيحاً، سيكون له أثر على الفصائل من حيث استراتيجية المعارك، ولكن لن يصل ذلك التأثير لدرجة إنهاء الفصائل، فنحن قادرون على مواصلة معركتنا ولو لسنوات مقبلة"، وفق قوله. وبيّن أنه "ومنذ 15 يوماً، لم يطرأ تغيير على خريطة السيطرة في البادية الشامية، بعدما استطاع النظام السوري التقدم على المحور الشمالي والمحور الغربي، ويسعى هذه الأيام للتقدم من الشمال إلى الجنوب محاولاً السيطرة على مواقع استراتيجية جديدة مثل تل الأذن وتل الفكة وتل غراب، لكن فصائل المعارضة، وعلى الرغم من الآلة العسكرية الكبيرة، لا تزال قادرة على عدم السماح للنظام والمليشيات بالتقدم". وتابع أن "العمليات تقتصر حالياً على قصف عبر الراجمات ومن خلال رصد واستهداف غرف العمليات والقيادة، في حين يستهدف النظام مواقع المعارضة براجمات الغراد والمدفعية الصاروخية والطيران الحربي".

وفي البادية، انسحبت القوات النظامية والمليشيات الإيرانية الطائفية من منطقة الوعر على الحدود السورية-العراقية، لصالح تنظيم "داعش"، إلى المحطة الثالثة في ريف تدمر، ما يعني خسارة النظام المعبر البري الوحيد له على الحدود العراقية والذي كان قد فتحه في وقت سابق من الشهر الماضي. وأفادت مصادر معارضة في البادية أن "تنظيم داعش سيطر على سرية الوعر ورأس الوعر خلال الساعات الماضية"، لافتةً إلى أن "القوات النظامية انسحبت إلى المحطة الثالثة في ريف تدمر". وذكرت "وكالة أعماق الإخبارية" التابعة للتنظيم أن عناصره شنوا هجوماً على القوات النظامية والمليشيات في وادي الوعر بالبادية الشامية، واندلعت مواجهات عنيفة بمختلف الأسلحة لعدة ساعات، أسفرت عن مقتل 25 مقاتلاً، وأسر 3 آخرين وتدمير مدفعين رشاشين وسيارة رباعية الدفع وإعطاب دبابة، في حين اغتنم التنظيم أسلحة وذخائر متنوعة.

وقال الناطق العسكري باسم "جيش مغاوير الثورة"، الملازم أبو أثير الخابوري، الموجود في معسكر الزكف القريب من منطقة الوعر، إن "داعش شن فجر يوم الأربعاء هجوماً على القوات النظامية في الوعر واستطاعت أن تسيطر على المنطقة عقب اشتباكات استمرت نحو 4 ساعات ونصف الساعة"، مبيناً أنهم "تأكدوا من سيطرة التنظيم على المنطقة عبر طائرة استطلاع تابعة لهم، في حين اتجهت القوات النظامية والمليشيات إلى المحطة الثالثة".

وتفيد المعلومات الواردة من البادية بأنه مع سيطرة "داعش" على منطقة الوعر، يكون قد انقطع الطريق البري للنظام والإيرانيين إلى العراق، حيث يسيطر هناك "الحشد الشعبي"، وأصبح التنظيم على تماس مع "جيش مغاوير الثورة".

واعتبر المتحدث باسم "جيش مغاوير الثورة"، محمد مصطفى جراح، أن انسحاب النظام اليوم من الوعر، وتقدمه قبل أسابيع بسهولة مسافة 110 كيلومترات بعرض 10 كيلومترات، "لا يمكن أن يتم إلا باتفاق مع داعش، واليوم عاد كل منهما إلى مكانه، بعد انسحاب النظام بسرعة من المنطقة"، وفق قوله.

وبث التنظيم مقاطع مصورة تظهر مقاتليه مسيطرين على نقاط تمركز القوات النظامية، في حين يطلقون أعيرة نارية من أسلحة مختلفة على مقاتلي النظام وهم ينسحبون من المنطقة، إضافةً إلى فيديو يظهر فيه ثلاثة أشخاص بلباس عسكري يعرفون عن أنفسهم والقطع العسكرية التي كانوا يخدمون بها في القوات النظامية. وذكر ناشطون أن التنظيم قام بإعدام هؤلاء الجنود في وقت سابق بمدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي.